الوعي وانقسام الواقع
بقلم الدكتور / مجدي غرسان *
أهلا بالجميع
هل يمكن أن نقول أن الوعي بوابة للجنون ! كان الناس قديماُ يرون الكثير من الأمور الجدية تافهة في حياتهم والتي أصبحت في حياتنا جدية للأسف . مع أن الأصل فيها هو السُخف ما دامت تضر بالإنسان وقيمته وعلاقاته مع الاخرين وتطور حياته .
اليوم .. نقرأ الكثير من العبارات والتي توحي لنا بأن الناس يمارسون الجنون كلما زاد مستوى وعيهم . فهم يقفزون بذلك بعيدا عن الواقع المُؤلم غالبا إذا ربطناه بسوء أثر الوعي علينا .
كيف لا والوعي يعتبر أمراً إيجابيا فيما مضى ، بل إن النُخب كانت تحث العامة على زيادة الوعي في شتى مجالات الحياة .
اليوم نجد أنفسنا في صراع معاكس مع مفهوم الوعي ، فالأنسان اليقظ القارئ الجيد لما يمكن أن نتنبأ به نحن البشر ، هو في حقيقة الأمر يصل الى الجنون المعنوي في نظر الناس بوعيه حيث يتعارض كلياً مع ما تستوعبه المجتمعات الواقعية في هذا الزمن .
فالواعي يحارب كثيرا في سبيل الوصول لأمثاله لأنه يريد الخروج أيضا من عزلة المجتمع القاهرة له والتي تقوده للشقاء كونه يراهم بعيدا عن مفهوم الوعي .
ويمكن أن تكون الأخلاق والعلاقات هي أحد أهم مداخل الوعي ومفهومه إذا أردنا أن نعرف أصحابه فيمكن أن نقيم أخلاقهم وعلاقاتهم مع الاخرين .
الوعي حالة تقود الأنسان الذي يُصر على الانتصار في سبيل الكثير من المفاهيم الحياتيَة ، هو بمثابة الغربة المعنوية والتي تشكلت نتيجة لكثير من الأمور التي اعتقد الانسان أنها ظلم وتخلف ورجعية .
وفي رأيي الشخصي أن خلاف الوعي في هذا الزمن هو الذي يجب أن يقود صاحبه الى المتاهات . هناك حيث اللاشي في عالم الشتات . فالوعي الآن هو المحرك لحياة الفرد الكريمة وهو المفتاح لكثير من عقبات الحياة ومشكلاتها . بل إن علاقته بالثقة وثيقة ويمكن أن تمتد لتحجم ذلك التهويل المبالغ فيه في علاقات الأنسان مع من يعرفهم .
فمحاولة الإرضاء على سبيل المثال والتي تزيد نسبيا لدى الأقارب يروح ضحيتها الكثير من الجهد والمال والوقت والنتيجة هي لا شيء في وجود النوايا السيئة مثلاُ
فلو افترضنا وعي الجميع لم يحصل أساسا خلاف ليبحث أحدنا عن أساليب الإرضاء التي تفوقت على محاولات الدول الدبلوماسية للتقارب بينها .
وما ذكرته هو مثال بسيط للوعي وكيف يمكن أن يجنب الأنسان ويلات الشعور بالغربة والقهر والشقاء .
الإنسان اليوم يجب أن يعتقد في داخله أن خلاف الوعي سيجعله يتآكل من الداخل ويقوده الأمر الى الكثير من التردد الغير مبرر في الإقدام على مغامرات الحياة ونجاحاتها .
ورغم ذلك إلا انه من المؤكد أن المُسالم في حياته والواعي والذي يمكن أن نسميه الملتزم بخطط الحياة السليمة والتعاملات الراقية لابد وأن يواجه ما يثير إحساسه ويقوده الى نوع من الغربة المعنوية .
خارج النص :
إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ..
ما بعد الكلام ...
هل يمكن أن نسمي هذا الصخب الإعلامي والقنوات المؤد لجة والهجمات والاتهامات والتكهنات عن واقع المنطقة العربية والخليجية بالذات نوعا من الوعي !! لا أظن لأن الوعي لا يمكن أن يكون بهذه السطحية الكلامية ولا يمكن أن يقبل هذا اللغو الذي يقتات خلف الحقائق ولا يمكن أن يكون مستخدمه يتمتع بالوعي حيث أن الاختلاف لا يبرر سوء الأخلاق ولا يبرر النيل من الأعراض أو الكرامات . كيف لا والشهامة تتطلب أن يكون لها عدواً شريفا .
* كاتب وقاص