تصريح معلم
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي
في الآونة الأخيرة يتعرض المعلمون والمعلمات لتصريحات لاذعة النقد ،شديدة اللهجة، دون توضيح صريح عن مبررات تلك التصريحات من قبل بعض المسئولين أو الإعلاميين الكتّاب.
المعلم بمثابة الحجر الإساس الذي تُبنى عليه العملية التربوية والتعليمية. فهو يمضي معظم ساعاته العملية بتفانيه بالعمل، ويذهب لحياته الأخرى محضراً وجالباً الوسائل والتي معظمها من راتبه الشهري، وكل ذلك سعياً منه بأن يقدم كل ما هو جيد بتقديم المعلومات لطلابه دون تراجع. ويبحث مع الآخرين من الزملاء عن المستجدات في الميدان التطبيقي دون تمهل، كما أنه يعبر بإنسانيته في مواقف رائعة جداً تحوي معاني الأبوة والأخوة والصداقة بلحظة واحده. والبعض منا يسعى لأن يكون معلماً يوماً ما، ولكن ما يتم تداوله في الفترة الأخيرة من تشويه لصورة المعلم في عين المجتمع ووضعه بموضع السخرية والجدل مما جعل مكانته تهتز في أعين من لا يثمن جهود المعلمين والمعلمات في واقع الميدان من انتظار، وشرح لساعات طويلة والوقوف بإخلاص العلم والعمل، وكافة الأمور والبرامج التي يقدمها المعلمين لمواكبة عجلة التطور في التعليم محاولة منهم أن يكونوا على اطلاع دائم بالجديد وبالفعل يحققون الجودة والجدارة بشكل واضح وملموس في الإداء، والبعض يضرب بنقده في مخرجات التعليم وتلك المخرجات ليس العامل الوحيد فيها المعلم أو اعداده!! بل تنطوي عليها عدد من العوامل منها المناهج والبرامج الأخرى التي تشترطها الوزارة
، ومع هذا سعى المعلم بوسائله الذاتية لأن يكون بمخرجاته بشكل جيد ويحقق الأهداف المنشودة. فالطلبة بازدياد كل سنة، وأكثر إقبالاً للجامعات والمعاهد تطلعاً لإكمال الدراسات العليا بكلا الجنسين، ونظراً لأن المعلمون كانوا قادة في صقل شخصيات الطلبة ودعمهم هناك من رسم طريقه بمشاريع صغيرة حتى أصبح رائداً في مجال الأعمال والأمثلة بالواقع لا حصر لها.
المعلم كالنخلة المثمرة التي كلما اشتد حرّها وضربها ( بالنقد ) كلما اسقطت ثمراً حلو المذاق بعيداً كل مستهزئ ومنتقد له، فالمعلم له من الأفضال الكثيرة على مجتمعه فهو يكابد يومه في تعليم أفراده والارتقاء بهم، وأما ما يخص أن المعلمين الأكثر تشكياً وتذمراً في ميدان عملهم وهذا ربما يعود أحياناً لدى البعض بسبب المهام التي تفوق طاقتهم وقدرتهم في تأديتها بالشكل الكامل.
على الجميع أن يعي بمدى ثقل وأهمية المسئولية التي تقع على عاتق المعلم، لا يكاد في اجازة نهاية الاسبوع أن يستمتع كما يريد بل يظل احياناً متنقلاً بين المدن إن كان متعيناً بغير مدينته جامعاً وسائله وأدواته حتى يكمل ما تبقى عند عودته ببداية الأسبوع وتقديم دروسه للطلاب.
مهما كان المعلم قليل بثقافته أو مقلل بدوراته التدريبية التي تزيده تطوير في مجاله لا يعطينا المجال لنقده بهذا الشكل المريع في وسائل التواصل الاجتماعي، بل المعلم له مكانته وهيبته المحفوظة منذ قرون ولا يخفى ذلك على الجميع، علينا أن نكون عوناً لمعلمينا ليكونوا عوناً لأبنائنا فهم يستحقون وقفة الاحترام بكل وقت وبكل موقف، ومن اخطأ منهم أو بدر منه ما يسوء لا يعني ذلك أن نعمم على الجميع لسوء واحداً منهم!!
علينا أن نعي ذلك جيداً وأن نقدر بعضنا البعض في ميدان التعليم من كبيرنا لصغيرنا من وزيرنا إلى معلمنا.
* كاتبة ،عضوة، رابطة كاتبات الغد
3 pings