نحو مجتمع أرقى .. من أنت ؟!!
بقلم : د. نجوى مرضاح المري *
من أنت؟؟ سؤال قد يظنه البعض سهلا لكن هو في الحقيقيه من أصعب الأسئلة التي واجهتني شخصيا والتي قد تواجه الكثير من الناس . في أحد الدورات التدريبية في أمريكا، قامت المدربة بتوزيع مرايا صغيرة على الحضور وطلبت منا أن ننظر للمرآه ونصف أنفسنا بكلمات قليلة ، نظرت للمرآه وسألت نفسي من أنا ؟؟! وصعقت عندما أدركت أنه من الصعب أن أصف نفسي وكأنني عاجزة عن إدراك من أنا ، بعدها سألتنا المدربة أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة مرة أخرى ونسأل أنفسنا عن أكثر صفه لا نحبها في أنفسنا والذي يعتبر اختبار جداً صعب وهو أن تبحر في أعماق نفسك وتواجهها بعيوبها .
في نهاية الدورة تعرفت على أن الناس يختلفون في طريقة رؤيتهم لأنفسهم فبعضهم يرون أن الهيئة هي المهمة وهي أجمل ما فيهم فوصفوا أنفسهم بالجمال والوسامة والبعض الآخر ركز على الصفات الجيده التي يمتلكونها كالصدق والأمانه والتفاؤل .
أيضاً تعلمت، حينما تبحث عن نفسك لتصفها ستجد أنك في معضلة وهي أنك تواجه نفسك، نفسك أنت ولا أحد غيرك، فحينما تقول إنك ذكي وأنت تعلم بأنك لست كذلك أنت تكذب على نفسك وحينما تقول أنك صادق وأنت لست كذلك فأنت لم تخدع إلا نفسك.
هذا التمرين يجعلك قادرا على اكتشاف عيوبك والاعتراف بها. مجرد الاعتراف بمواطن ضعفك وأيضاً مواطن قوتك هو بداية الطريق لتقويم نفسك.
لو أن كل منا نظر إلى نفسه في المرآه وسأل نفسه عن عيوبه ودونها في يومياته و واجه نفسه كل يوم لتغيرنا إلى الأحسن. أن نعترف بعيوبنا ونفكر كيف نستطيع تقويمها وإصلاح أنفسنا ستكون الخطوة اللازمة نحو التغيير. بعد ذلك يأتي التطبيق العملي وذلك بوضع استرايجيات معينة لتصحيح العيب والعمل على تطبيقها يوميا.
فعلى سبيل المثال، إذا اعترفت بأنك تفتقد المقدرة على قبول الرأي الآخر وأنك متعصب لرأيك، أكتب في ورقة خارجيه إنك متعصب بخط كبير ومن ثم أكتب بخط اكبر لا للتعصب. وبعدها ضع الاستراتيجيات المناسبة التي تساعدك على أن تكون قادرا على تقبل الرأي الآخر كتعويد نفسك على السماع والإنصات أكثر من الكلام، وضع نفسك مكان المتكلم أو الطرف الآخر و فكر و بتأني قبل ان تقول رايك ومن ثم قل رايك بهدوء تام. أيضاً قراءه كتب او مقالات عن اختلاف الآراء يعتبر أيضاً من الحلول المهمه التي منها ستتعلم انه لا يوجد رأي صائب بالكامل وان اختلاف الآراء تثري اي موضوع وتجعل الحديث اكثر متعه واثاره. لا بد أيضاً ان تتعلم ان المرء يتعلم من آراء الآخرين وينطلق بتفكيره الى تحليل ما يقولون والبحث عن القصد والفائدة من ورائه فليس كل رأي يخالف رأيك هو رأي منبوذ لا فائده منه. أيضاً عود نفسك على ان تعترف بصواب الرأي الاخر اذا رايته صائبا وان لا تأخذك العزة بالإثم وتكابر عن قول الحق وتصحيح رأيك.
على ذلك، نظرة الى المرآه وإبحار في أعماق النفس لاكتشاف نقاط قوتها وضعفها قد تكون هي الخطوه الاولى لإصلاح النفس لبناء مجتمع ارقى..
*دكتوراه إدارة عامة وموارد بشرية