وجدان القلم
بقلم : نوره المعطاني *
قال ابن المقفع: " القلم بريد القلب" ، وقال أبو دلف: "القلم صائغ الكلام ويفرغ ما يجمعه العلم" ، عندما ينساب حبر القلم يحدث اتصال روحي ووجداني وكأنك ترسل إشارة ، نبضة لقلبك أنني في حالة التأم وتوحد مع الروح ..
القلم أداة تفريغ و امتصاص لما يجول في خواطرنا .. وكأننا به وهو يسكب تلك الكلمات حينما تلامس الأوراق ليبدأ التجرد والانسلاخ رويدا رويدا .. يتطهر ويتحلل من رواسب كالران بغشاوتها عندها تشعر بخفة ونشوة روحية .. وكما قيل : "الأقلام مطايا الفطن"
وقال المأمون: "لله در القلم، كيف يحوك وشي المملكة". ، و"القلم طبيب المنطق" كما قال جالينوس حيث وصفه من جهة صناعته.
وقال أحمد بن عبد الله: "القلم راقد في الأفئدة. مستيقظ في الأفواه" ، فنحن بحاجة لمخاطبة القلم والتحدث إليه ليس بصفة تحرير وتدوين والتزامات العمل بشكلها الآلي ..
أهدى رجل إلى إبراهيم بن المدبر قلماً وكتب إليه: قد وجهت إليك - أعزك الله - بمفاتح العلوم باد جمالها، تام كمالها، فهي كما قال الشاعر:
ليس فيها ما يقال له *** كملت لو أن ذا كملا
كل جزء من محاسنها *** كائن من حسن مثلا
ومن مليح ما في القلم ما أنشدناه محمد بن زياد الزيادي، لعمر بن إبراهيم بن حبيب العدوي يرثي قلماً له سرق:
يا عين جودي بواكف سجم *** جودي بدمع مشبع بدم
لا تطعمني عقدة وكيف وقد *** أسيت حرى لفجعة القلم
جودي على الناطق البليغ إذا اس *** تنطق من غير منطق وفم
لا حصر القول عند خطبته *** وليس في حكمه بمتهم
حلت عرى الحزم منه جانحة *** ضمت بها عربها إلى العجم
أصفر في حمرة كأن على *** جلدته بردة كلون دم
إذ أنها والقرطاس لاح له *** مج عليه حنادس الظلم
ما عيب طولاً ولم يعب قصراً *** عري من دقة ومن عظم
إن قدح العائبون فيه بأن *** صم فأكرم به أخا صمم
كان إذا ما تضايقت سبل ال *** لفظ كفاني مخارج الكلم
حسبك منه لسان مطلع آل *** ناظر في ظاهر ومكتتم
ينبيك إن لجلج الغبي بما *** أضمر من خبر عالم فهم
فاذهب حميداُ كما قد فقدت وما *** فقدت منا مناعت الكرم
وأخيرا :
فالقلم يكشف شخصية المرء ويعبر بعمق عن رزانته وعقله واتساع ثقافته وضيقها وكلما كثرت القراءة كلما كان بيان القلم رشيقا عظيما .
* كاتبة