إنه القلب بأكمله !
بقلم الكاتبة / منى فارس *
مسنة فقيرة .. مشردة .. بين الحين والآخر تنادي بصوت مرتفع : سجادات .. تعالي ياحاجه .. خذي سجادة وصلي عليها .. بعشرة ريالات ..
العشرة مابتساوي شي يا حاجه ..
نظرت إليها بعين الرحمة ..
حملتني أقدامي ولم أجدني إلا جالسةً بجوارها .. وارتب لها السجادات ..
كيف حالك ياخاله ؟
ردت بصوت بهيج .. الحمدلله .. أنا بخير ونعمة من الله ..
وبدأت تسرد لي تفاصيل قصتها ..
أنا سوريه ..
حملت نفسي وأتيت لأزور فلذة كبدي ..
مازلت أراه طفلا يا ابنتي ..
مازال قلبي يقطر عليه حبا وخوفا وحرصا ..
ولازال فكري منشغل به ..
جمعت ما أملك .. و تكبدت وعثاء السفر .. وجئت لأراه ..
ابني وحبيبي .. هو جزء من القلب ..
لا إنه القلب بأكمله ..
سالت من عينها دمعة حزينة .. مسحتها واسترسلت في الحديث .. لدي أرض يا ابنتي .. وبها مزرعة .. اعيش حياةً رغيدةً .. أحفادي حولي ..
يأكلون ما أعده لهم .. ويلعبون حولي ..
قلبي اتسع لهم ولآبائهم وللقادمين منهم بعدهم ..
أنا يا ابنتي لا عمل بائعة في بلدي ..
فرح حبيبي عندما اخبروه بقدومي ..
وقبل رأسي ويدي .. واخبرني أنه لا يملك ما يردني به إلى بلدي ..
محظوظ بقلبها .. ومعذور في نظرها ..
تتكلم والدموعها بريق في عينيها ..
قلبها يشبه طفلة تلتمس لأبيها ألف ألف عذر ..
آه .. ثم آه ..
امسكت بيدها .. وألقيت قبلةً على قلبها ..
وحدثتها بأن وجودها بركة .. ودعواتها اللطيفة تحتضن القلوب .. وتبدو كأقراص السعادة ..
ضحكت واستبشرت ..
ورفعت كفيها نحو السماء .. واستمرت في ارسال الدعوات من اجلي ..
كان قلبي يستشعر استجابةً لتلك الدعوات ..
رحم الله حالها وردّها سالمة غانمة .
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓