أنت هادئ
بقلم الاخصائية النفسية/ خلود الحارثي
نعتقد دون محاوله أحيان أننا لا نستطيع فعل الكثير لأنفسنا ،بل لم نشعر أننا نستحق للحظات أن نعيش ما رغبنا به في زخم الحياة ومتطلباتها ،و في حال المحاولة إن نهضنا لا نستمر فنحبط ،اتفهم المعيقات بل اتلمس تلك الحواجز التي بنيت مع الوقت بيننا و بين الأشياء التي نحبها أو نسينا في ضجيج العالم أن نتصل بها من جديد. شعور مرهق ومؤذ أنك لم تعد تستطيع مواكبة التغيرات والناس من حولك تشعر أن محرك الطاقة لديك قد بدأ ينفذ أو صابه صدأ التحول ،تمضي و ترى الحياة في وميض ضئيل بين عينيك ،يأتي صباحك إليك و تخشى أن يتفقد روحك ويكشف عن دافعيتك نحوه ،فتجري لكوب قهوتك لتعديل إطار مزاجك محاولاً فتح نافذتك للجهة المنيرة في زاويتك و كأنك تقدم دليلاً لهذا الصباح بيقظتك وتشاهدك الشمس ،وتلامس جسدك لتبدأ يومك الذي حاولت أن تُلمع جوانبه لتثبت أنك تقاوم ،تسعى ،تحاول..
إلى هنا أنت متكيف نوعاً ما. يوم بعد يوم والروتين يُعاد فتمل ،تكره ،تبتعد ،تبحث عن تلك النقطة للالتقاء؛ ولكنك في كل مرة للوصول إليها تفقدها و لا تراها تبدأ بالدوران من جديد.. ثم ماذا؟! لا تعلم بعد. تحتاج شيء مبهر ،اشارة ما ،كلمة مفتاحيه ،مؤشر جيد ،صدفة عجيبة تثير فضولك طوال اليوم ،آية دليله لك من القرآن - تحدث كثيراً لي - حقيقة تلك العلامات تكمن في كونها إذا رُكز عليها اصبحت بداية نقطة الالتقاء!
لم يحدث أياً منها ؛لا عليك البشر مختلفون و لهم فوارق بأنفسهم ايضاً. لنجرب حلقة التأمل و نتوقف عن الدوران معاً في مدخل بسيط إليها.. أنت مستعد الآن.
جرّب سكون الليل ورؤية ضوء القمر..
شاهد النجوم تضوي من بعيد..
خذ نفساً بين تلك المشاهد بشكل عميق..
استشعر الهواء الذي تتنفس وكأنك تلمس اطرافه برئتيك..
اغمض عينيك وكأنك تأذن للعالم بالهجع..
اسمع بأذنيك سرعة الرياح وعناقها للأبواب والستائر بذاك الصرير المشتاق..
انفث انفاسك على فتيل الشمع المحترق أمامك اجعله يرتاح..
بيديك امسك كوب دافئ به شيء مريح مذاقه بين شرائح الليمون ووريقات النعناع وشاهد ذاك المزيج كيف يسبح ليصل داخل أوتار عقلك ويغرقه ويطفو بسطحه بأمان..
بدأت تشعر أنك تحتاج من يوقف هجمات الأفكار والمشاعر التي قد تذهب بك نحو رحلة الشقاء..
عاود السابق بتركيز أكثر ،و أوقف تلك الرحلة بتعداد اصابعك و رؤية الخطوط الدقيقة بداخل كفك..
اكتب في الهواء كلماتك التي تحب..
استلق بشكل مريح.. راقب تنفسك العميق .. تخيل نوافذ الجميع بدأت بإطفاء النور رويداً.. واحدة تلو الأخرى..
قد يداهمك النوم فوراً.. وتصحو بشكل أفضل ودافع جديد يسعدك.
إن لم تغفو لا عليك أنت في مرحلة أنك هادئ وبها تستطيع رؤية نفسك وسمائها صافيه ،و قد تجد ما تريده بشكل أدق. كتمرين بسيط ولطيف سيؤثر بشكل جميل داخلك.
أتريد فعل الحلقة بالصباح؟! هذا جيد وفعال. طبق ما سبق بما ترغب به ،و رؤيتك التأملية للصباح بشكل مختلف و رائع. أنا اشعر بإبداع النفس معك إن تُرك لها باب التأمل مفتوح.. اجعلها تتأرجح بأرجوحة الطفل الذي وضع ليلعب بها و يتمتع ،و يخيل إليه أن السماء تعانقه ، و الأرض تداعبه.
* كاتبة ،عضوة رابطة كاتبات الغد