التمادي في الانكماش
بقلم الأستاذ / سامي بن أحمد الجاسم *
ما اقسى اللحظات التي تحس نفسك فيها يتيماً ، وأنت محاط بكم هائل من وجوه البشر ،التي لا تؤنس ،
ولا تخفف عليك ألم مصابك ، وأنك تتمادى في الانكماش ، وتنحصر أمنياتك في مجرد الرغبة بالعيش ، حيث لا هدف ولا طموح محدد ، وكل شيء يؤدي إلى نهاية مفجعة وحتمية .
وتشعر بعد عناء طويل ، وجهد مرير ومتكرر ، تعود لتجني السراب ، وكأنك برمجت تلقائياً على إتقان المحاولات الفاشلة ، ولا تدري بعدها ، هل سترى في القريب العاجل شيء يبهجك أم أن كل الأمور لديك ، ستكون متساوية في القيمة والشعور والهدف ؟
وتظل حائر في أمورك ، متردد لا ترجح شيئاً معيناً تعطيه الأولوية بحياتك ، وقد تفضل الانغماس بالفرجة دون اي مردود ، حيث لا شيء أصعب من أن تكون بلا رؤية تعينك ، او قلب يساندك .
لا شيء اقسى من الاحباط عندما يغرس جذوره بعمق في حياتك ، ويقلب الطاولة في وجهك ، ويصيبك بالخيبة .
شكى صبري مني ، ودون ملاحظاته في نوتة ملأت بالسلبيات ، وانا أتجاهل متعمداً ، كل هذا وأصر على دفن نفسي حياً في مقبرة اوهام لا تنجب الا مزيداً من العقم .
أغربل لحظاتي، وانطوي بعيداً عن جزعي ، ولا أدرك أن التوقيت قد تجاوز حده ، وأني أعيش لحظات الوقت بدل الضائع ، فالعمر لا ينتظر ، والأيام لا تجلس متربعة بجانبي ، بل لعلها في كل لحظة توقظ فيني الاحساس بالحلم الضائع ، والرغبة بالتمرد ، وأدراك البقية المتبقية من أحلامي وطموحاتي .
سياسة التقتير نالت من كل شيء ، ولم يعد ما نريده مجدياً ، لأن الأماني الحقيقية أصبحت مبعثرة ، وأصبح ما نعيشه مع الآخرين لحظات انتفاضة تريد الصمود ، فتجابه بالقمع ، تغتال بكل لحظة ، ونقلد القاتل أوسمة ونياشين ونعده بمكافئات مجزية ومتعاقبة .
اشاهد الآن كل المعطيات وأخشى أن يتلبسني الإفلاس وأكون خالي الوفاض ، لا شيء يبقى معي او يكون لي .