كيف نحدد المعيار ؟
بقلم الأستاذ / سطام قادم الشمري*
إن الوسطية هي من سمات الشريعة الإسلامية التي يتفق عليها الجميع، كما قال تعالى( وكذلك جعلناكم أمة وسطا.....) البقرة١٤٣، لكن الملاحظ أن الجميع يدّعي الوسطية، فما هو المرجع في ذلك؟
وكيف نحدد الطريقة السليمة لإتباع الوسطية؟
لاريب أن المرجع في ذلك هو الكتاب والسنة فهما دستورنا ومنهجنا الذي أمرنا بالإجتماع عليهما، ومما لايخفى على الجميع أن الوسطية جاءت لتحمي من الوقوع في الفتن، لأن منشأ الفتن إما من الشبهات أو الشهوات.
لماذا يقال مثل هذا الكلام؟
للرد على أهل الشبهات وهم المتشددون أهل الغلو، وأهل الشهوات المتساهلون المتجرءون على التهوين من النصوص الشرعية وتقديم الأهواء الشخصية، وكذلك لأهل الفرق والطوائف والأحزاب البدعية الذين يركزون على قبول بعضنا لبعض ويرغّبون في ما يجمعنا ونبذ ما فيه فرقتنا، إلى غير ذلك من الشعارات البراقة والتي عند تأملها نجد أنها حق أريد به باطل!.
فمن كان متشددا نعرض عليه نصوص الوعد والرجاء والتيسير ورفع الحرج والمشقة والعنت، وعصمة الدماء والأموال، فإن أقر ، فبها ونعمّت، وإلا فهو ضال منحرف عن سلوك الصراط المستقيم ومنهج الوسطية، وإن إدّعى خلاف ذلك.
ومامن شك أن الجميع يعلم أن ( الرجال يعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال) .
ومثل ذلك يقال لأصحاب الشهوات الذين استباحوا المحرمات والمنكرات فحللوا ماحرم الله، وأعرضوا عن نصوص الشريعة وقدموا عليها مصالحهم وشهواتهم، فتعرض عليهم نصوص الكتاب والسنة، فإن أذعنوا فالحمدلله، وإلا وجب بيان انحرافهم وتضليلهم ونبذهم، كذلك يطلب من أصحاب الفرق والطوائف المنحرفة الرجوع للكتاب والسنة وترك البدع التي تخالفهما، وإلا فهم مبتدعون ضالون، ويجب التحذير منهم.
إن هؤلاء ماوقعوا في ضلالاتهم إلا بسبب بعدهم عن الكتاب والسنة وجهلهم في معانيهما أو تحريفهما وتأويلهما وفق ماتمليه الأهواء الشخصية، لذلك فإن التشنيع عليهم هو في واقع الحال لأجل الإجتماع ونبذ الفرقة، فلكي نحافظ على مايجمعنا لابد أن نحذر ممن يخالف منهجنا ويحيد عن الوسطية.
وقد قرأت مقالات كثيرة لبعض من رموز الفرق والطوائف المبتدعة فوجدتهم يطالبون بنبذ الفرقة والحرص على الإجتماع والوسطية !
وهذا الأمر من الغرابة بمكان، إذ كيف يطلبون ذلك وهم شاذّون عن الجماعة ، ويغذّون الفرقة بمناهجهم المنحرفة.
لاجرم أن الطريق السوي الذي يجب إتباعه هو سلوك الصراط المستقيم الذي أمرنا الله عزوجل بإتباعه بقوله تبارك وتعالى( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الانعام١٥٣.
فنجد أن الله عزوجل بيّن لنا في هذه الآية الكريمة أن نتبع صراطه المستقيم، ونهانا عن تتبع السبل الأخرى، لماذا نهانا عن ذلك؟
لأنها ستفرقنا عن سبيل صراطه المستقيم.
إن الطريق واضح جلي لا لبس فيه يلحظه كل من كان له قلب يعي ويدرك، قال تعالى( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
* المستشار الشرعي و القانوني