مجنونه ويرقص جنيها!!
بقلم الأستاذ / عبدالله بشير العنزي*
هذا الشطر ليس حكمة ولا مقولة مشهورة هو مجرد شطر يتيم لهوسة عراقية قديمة لم اجد احد يحفظ له مكمل ولا يعرف مصدره ، وبحثت عنه في صديقنا قوقل ولم أجد له اثر ، وسألت عنه أحد الأشخاص من كبار السن فقال اسمع به مثل ماتسمع به ولكن اعتقد انه يقصد بها ساعة الحرب بهدف التشجيع لابناء العشيرة او القبيلة فقبلنا كانت هناك مايسمى الحدا ( الهوسه ) وهي مايتغني بها الرجال عند التوجه للحرب .
و ذكر العلامة علي بن الحسين المسعودي المتوفى سنة 346 هـ في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر ما معناه، أن الحداء عند العرب قبل الغناء، وأصل الحداء مضر بن نزار، فقد سقط من بعيره في أحد أسفاره وانكسرت يده، ومن شدة الألم والوجع كان يقول: يا يداه.. يا يداه وهو ذو صوت جميل للغاية حتى ان بعض المراجع تذكر أنه أجمل الناس صوتاً، فكان يقول وهو متألم يا يداه يا يداه ويكررها فتجمعت عليه الابل من كل ناحية لجمال صوته وطاب لها السير معه، فاتخذه العرب حداء برجز الشعر وجعلوا من كلام مضر: يا يداه يا يداه أول الحداء، فمن قولهم في ذلك الزمان: يا هاديا يا هاديا، ويا يداه، ويا يداه، ، فكان الحداء أول السماع والترجيع عند العرب ثم اشتق بعد ذلك الغناء من الحداء، هناك روايات أخرى تقول ان الذي انكسرت يده ليس مضر وإنما غلام له، تقول هذه الروايات ان مضر بن نزار بن معد خرج إلى الفلاة ذات يوم فوجد غلامه وقد تفرقت إبله عنه، فضرب الغلام بالعصا على يده، فذهب الغلام جرياً إلى الوادي الفسيح وهو يصيح من شدة ألم الضربة: وا يداه وا يداه، هبييا، هبييت فسمعت الابل صوت الغلام الذي كان يرعاها ويسقيها، فعطفت عليه وتحركت واجتمعت حوله،
ومن بعض انواع الحداء الكثيرة
يارب يارب رحوم
ترم الحيا بديارنا
ترمي العشا للي يحوم
لعيون جل بكارنا
ولم يكن يقتصر الحداء على أهل البادية بل أن اغلب الجيوش العالمية تختار اهازيج حماسية تحمس بها جنودها أثناء الحروب او حتى التمارين العسكرية القاسية يهدف منها التحميس وعدم الشعور بالتعب او الارهاق والاهم من ذلك رفع الروح المعنوية وابعاد الخوف عن بعضهم ، وهناك حداء المناسبات مثل الافراح قبل ان تضاف له بعض الايقاعات مثل العرضة والتي تختلف بمسماها وادائها من منطقة لأخرى وربما تختلف بالمسمى والحداء او الحنده او الهوسه او العرضة هي عبارة عن صفين متقابلين يردد كل صف مايمليء عليه شاعر هذه الكلمات الذي بالعادة ان يتواجد بين الصفين ويختلف الغرض منها حسب الموقف الذي هم به .
فهل الحداء سيختفي ؟؟ مثلما اختفى غيره من الفلكور الشعبي للجزيرة العربية أو سوف تخرج لنا جمعيات متخصصة به في ظل تجاهل جمعيات الفنون المنتشرة لهذا الفلكور وعدم الأهتمام به بعد ان تحول جل أهتمام بأعمال التصوير والفنون التشكيلية .
* رئيس تحرير صحيفة الرائدية