فواصل
بقلم الاخصائية النفسية / خلود الحارثي *
لا شيء من الممكن أن يجعلك تستمر سوى إرادة داخلية تنبع من عمق نفسك قد لا تفهم ذلك ببادئ الأمر حتى وإن سُئلت لما فعلت ذلك!؟ قد لا تجد اجابة كافية ومدركه ،ولكنك مؤمن بأن هناك ما يستوجب منك أن تستمر في طريقك بتفكيرك بتصرفك الذي يحكم عليه الآخرين من الخارج احيان.
هم لا يعلمون مدى الكم الهائل من الصراعات التي تخوضها كي تستمر في كثير من أمور حياتك ،والتي قد ترى احياناً عدم ملائمتها لك بل ليست من ادنى امنياتك. تظل جاهداً وعاملاً بأسبابك الخاصة والعامة ،ولكن في كل مره تتعثر وتسقط وتنهض من جديد وتقف مبتسماً ومشرقاً للعالم من جديد تتفاءل رغم أن المعطيات مخيبة للآمال. إنه داخلك يهوى الأمل والحياة لا ترضى أن تجتمع عليك الدنيا لتفسد مزاجك وتؤلم قلبك وأنت على يقين بأن الله كاتب مقادير كل شيء ،حتى عدد انفاسك محسوب حقها بالحياة بتنظيم إلهي حكيم فتطمئن وتهدأ بدلاً من القلق والهم الذي يعارضك ويستحوذ عليك بتفكير مظلم عن حظك وعن موت احلامك..
وحين يقابلك احدهم تُسر برؤيته لعفوية مشاعرك باللحظة الآنية.. فيبدو له الحق بانتقادك وانتقاد اوضاعك وهمتك وارادتك بكلمات لا لطف فيها ولا استشعار ،بل لم يدرك تلك اللحظات التي يأتيها هو إليك محملاً بالهموم والحزن فتشاركه ذلك بصدر رحب محب بقلب مفعم بالدعم والشعور وكلمات التشجيع واللطف ،وحين انزاحت عنه تلك السحابات السوداء وجاء الدور عليك دون أن تطلبه ينهال عليك بالانتقادات والنصائح وكأنك شخص لا تفهم ذاتك وقاس عليها ،وأنت على العكس تسعى بالتطلع وتغير الاهتمامات ،والتنوع في النشاطات اليومية وتبحث عن منارات ترشدك لما هو صالح لمواصلة طريقك بوضع فواصل الإكمال لا نقاط النهاية.. تحاول التعامل مع الصراعات الداخلية لأفكارك السلبية ومشاعرك المحبطة بطريقة الأم الحنون لطفلها ترى أن هناك الكثير بما يشعره بعدم الراحة وتسعى لتذليل السبل لتحقيق غايته.. غالبية من حولنا لن يشعروا بما تشعر به إن لم يكونوا قد مروا به أو حدث لأحد احبتهم لن يفهموا ذاك الضجيج الصادر بهدوء من داخلك!
ومع هذا تستمر أنت بوضع الفواصل والاستمرار بحب لتخبرهم في طريقك بصمتك بتجاهلك بالانسحاب الهادئ من ما يزعجك منهم بطريقة راقية ،وأن هناك عالم بوجهته الجميلة كالغروب والشروق تستطيع رؤية نفسك فيها..
شاهدت من لا يعجبهم ذلك بل يريدون انهاء ما بداخلك من عزم وتحطيم لتلك الواجهة التي تستند عليها حتى يرتاحوا ويشعروا بالقوة والسلطة والانتصار ،كتعويض لنقصهم النفسي ولإسقاطاتهم المريعة ،لم يروا أن اصابع يديهم كأبسط مثال ليست متساوية وهناك فوارق فردية كفيلة بحفظ حقوقنا كبشر نختلف بالكثير من السمات والصفات ،وحتى الادراك العقلي وبناء على ذلك سيختلف طرق تقبلنا للمواقف والاحداث والتعامل مع الاخرين..
لذا كانت جملة "قل خيراً أو اصمت" فعّاله كثيراً نتمنى أن يعمل الناس بها بحق. أو يتعلموا اهمية التلطيف بالكلام. غلف كلامك بعناية وجربه على نفسك لتقبله ويقبله غيرك مهما كان لا تؤذ أحد كونك لا ترى من عينه ولا تشعر من داخله.. بينما أنت قد تتمتع بظروف قادتك لأن تكون أفضل حال. فالدنيا يوم لك ويوم عليك تعلم وضع الفواصل متى ما شئت وامض لتتجاوز ،ولا يؤثر فيك وضع النقطة من قبل البعض لنهايتك..
إن حاولوا تجاوز راحتك ضع النقطة بينك وبينهم لنهايتهم كأدوار غير سوية. وابدأ سطر جديد مملوء بكلماتك السعيدة وبأدوار سوية وسليمة من أجل صحتك وعالمك الذي تحبه طالما لا تشكو منه بسوء ،واعتدت فيه على وضع نظام يضمن سعادتك فلا تفكر أن تتنازل عن نفسك لتشبههم بل للتميز عنهم ،وتكون طرف ايجابي مع الآخرين لتتواصل بشكل ودي بعدما ادركت اختلافك واختلافهم والذي يعزز التفاهم بيننا وبينهم دون أن تنكسر الأطراف وتكون الخسائر باهظة الثمن.
* كاتبة، عضوة t رابطة كاتبات الغد
1 ping