الإجازة للمعلمات والمعلمين
بقلم الدكتورة / سعاد المولد*
في الآونة الأخيرة تداول البعض موضوع طول فترة إجازات المعلمات والمعلمين بآراء مختلفة ...
ولكن ما شدني بالفعل هو الدفاع المستميت لدرجة القدح في باقي المِهن و وصفهم بالجهل والفشل لعدم اختيارهم مهنة التعليم على حد تفكيرهم بسبب الإجازة!
ومن جهة أخرى الهجوم الكبير على المعلمات والمعلمين والعملية التعليمية برمتها ...
"ما هكذا تورد الإبل"!!
مما لا شك فيه أن التعليم مهنة سامية راقية لا غنى عنها لأي مجتمع متحضر يريد التطور بل هو أساس و ركيزة مهمة ، يُقاس تطور الشعوب وتقدمها بالتعليم مع باقي العلوم الأخرى ولا يمكن ان يكون ذلك دونها جميعاً...
وبالتأكيد ان قوة مخرجات التعليم تعني نجاح العملية التعليمة التي يتضح أثرها في المجتمع وعلى تنوع باقي العلوم وتقدمها ..
نعود للإجازة التي هي محل النقاش والجدل ..
وبغض النظر عن الآراء الشخصية لابد أن ننظر للموضوع من زاوية أخرى ..
لماذا يركز البعض على نقد ميزة معينة ( إذا اعتبرناها ميزة) دون النظر في الظروف المحيطة؟!
البعض يقول لماذا لا يُستفاد من طول الإجازة في كذا و كذا ...
عندما تُعين المعلمة او المعلم لا يُنظر لظروفهم الخاصة قد يأتي التعيين في جهة او منطقة غير منطقته سواء في المُدن او الهجر ... ويتركون خلفهم زوجاتهم أو أزواجهم أو اولادهم أو من يعيلونهم بحثا عن لقمة العيش و زيادة على ذلك يُكلف بعضهم بمهام مختلفة عن تخصصاتهم او مهام إضافية فوق طاقتهم ،وبعضهم يتحمل عناء السفر يوميا لمسافات طويلة كي يبقى فقط مع اطفاله وهم بذلك يعرضون أنفسهم للمخاطر اليومية جراء السفر الطويل على الطرق الغير مؤهلة ... وقد فقدنا بعض من أخواتنا المعلمات نتيجة لحوادث الطرق ...
أليس لكل هذه العوامل تأثير نفسي عليهم؟!
نعم هُناك من لا يستحق لقب معلمة او معلم ولكنهم قلة بإذن الله ..
لكني هنا أتحدث عن اخواتنا وأخواننا من المعلمات والمعلمين واساتذة الجامعات المتميزين في عطائهم و هُم كُثر يبذلون جهدهم رغم الظروف الصعبة المحيطة بهم دون كلل او ملل كلامهم قليل و أفعالهم كبيرة لا يبحثون عن الأضواء أو الشهرة تراهم أغلب الوقت مشغولين في تطوير أنفسهم وطلابهم ويبحثون عن كل جديد لأنهم يَرَوْن في نجاح طلابهم نجاح لهم ...
أذكر لكم قصة حصلت معي في العيادة السنة الماضية ..
حضرت مريضة حامل للكشف ..
وبعد ان انتهت المشورة اتضح انها تعاني من أعراض تستوجب الراحة ..
فسألتها: هل أنت موظفة او ربة منزل؟
قالت: أنا معلمة.
قلت : طيب هذه الإجازة يومان ،
وأعطيتها بعض التعليمات لتتبعها.
قالت: "يوم واحد يكفي يا دكتورة .. غيابي أكثر سوف يؤثر على بناتي الطالبات لابد أن اكمل المنهج لا يوجد معلمة أخرى في تخصصي ( اعتقد رياضيات او علوم) ولن يحضروا معلمة اخرى نظرا لقرب الاختبارات.
كانت تعمل خارج المدينة !
تسافر يومياً أكثر من ٣ ساعات!
لا أعتقد أنها مسؤولة عن إكمال المنهج وهي مريضة ولديها عذر طبي!
هل لاحظتم معي كلمة( بناتي) ألا تستحق هي وغيرها من المتميزين معاملة خاصة؟!
من يعتبر أبنائنا أبنائه يستحقون منا كل تقدير وإحترام ومن وزارة التعليم كُل إهتمام وتذليل للمصاعب ليؤدوا أعمالهم المنوطة بهم على أكمل وجه..
تحية تقدير وإحترام لكل المعلمات والمعلمين والأساتذة في الجامعات والمعاهد في التعليم العام والعالي ،
ولكل موظف يراقب الله في عمله