دَيْن الإحسان
بقلم الكاتبة / أبرار القحطاني*
إن من مطالب الإنسانية أن نحيا هذه الحياة براحة بال ، وهذه الراحة لا تأتي عبثا ، وإنما تأتي بقاعدة حسن التعامل والفقهِ في الأخلاق الذي هو نبراس لحياة القلوب ، فبدونها تتعب البشرية وتضيق الصدور ، ويعيش الإنسان في دوامة كالتائهِ في صحراء واسعة ، يعطش فيها ويحلم بسرابٍ لا واقع له.
ولاشك بأننا نعيش عصر الماديات التي نكون فيها جوعى لحسن التعامل ، ومن أكثر ماننادي به قيمة الإحسان بمفهومها الذي أمرنا الله بها .
الإحسان الذي هو كدينٍ ينبغي أن يرد لصاحبه لأنه أحق الناسِ به .لأننا أصبحنا نرى بعين مجردة أن المسيء قد يُحسن له وقد يُصفق له ، وكأننا نقول بأفعالنا نحن نحسن لمن أساؤوا لنا .
فضاعت قيمة الإحسان ولذته لمن قدموه لنا وضيعنا ترتيب الأولويات في حياتنا ، فترى من الناس من لا ترى احسانه إلا وفق مصالحٍ بشرية وحاجات مادية "بمسمى المصلحة" وتناسى أن يقدم الإحسان لمن هم أولى وأحق به.
لذا نحن بحاجة أن نرجع الأمور لأصلها ، فنكرم الكريم ، ونعطي اللئيم درسا يستحقه كي لا يكرر لآمته ، وأن نفتح دايما عين البصيرة كي نهتدي ونشعر بقيمة أحبابنا قبل الرحيل .
وماجعلني أغوص في قيمة الإحسان هي تلك الآلآم الكثيرة في مجتمعاتنا ولا أعمم ، لكني أشير إليها كي نتوخى الحذر في الوقوع فيها.
تجد ربما الزوجة تحسن لزوجها سنينا ً عديدة وتضحي لأجله ساعاتٍ طويلة ، وهذا لاشك أنه خير إذا احتسبت لكن عتبي لمن لايقدر تلك التضحية ، فتجد الزوجة عبر مرور الزمن من نكران الجميل وفضاعة الإساءة والإحسان لغيرها ممن لا تقدم له شيئا ، وقس على ذلك من الأمثلة الموجعة في المجتمع بأنواع ٍ عديدة وأشكالِ غريبة .
والرسالة التي أنادي بها مجتمعي ، أن لاتنقلب الموازين وأن لانظن أن المحسن قدم إحسانه كواجبا عليه وإنما لأنه كان متمثلا قول الله (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ).
أكرموا من حملوا هذا المبدأ ، أكرموهم برد الجميل، أكرموهم حتى لايبقى المسيء بيننا ، أكرموهم حتى يكثر الله من أمثالهم.
القلوب متعبة، فلا تضييعوا قيما تبنى في حياتنا مجدا نهدمه بسوء تصرف منا ، ورفع من لا يستحق رفعه ، وكل ما أقوله أدام الله الإحسان بقلوبنا ورزقنا قيمته في حياتنا.