غيث هالة
بقلم الكاتبة / سلوى بادبيان *
أصابني الأرق في تلك الليلة ، حاربني النوم وكأنِّي عدوه الأول وكأنَّه أقسم أن لا نلتقي وحين بلغ بي اليأس منه ، أمسكت بهاتفي المحمول أتصفح توتير لعل النعاس يُبغتاني وأنا أقرأ ، فوقعت عيني على هاشتاق "ورحلت هالة المرواني" أصابني الفضول من هذه؟! فبدأت أقرأ التغريدات وعيناي سحابة ممطرة من دموع الحزن والإعجاب من غيث هالة ، هالة الفتاة الملهمة العشرينية المبدعة ، تابعت فديو لها تحكي فيه عن قصة صراعها مع السرطان وهي ابنة الثامنة عشر ، وبتر قدمها ووقوفها مرة أخرى لتكون عونًا لكل مريض ثم كيف عاد ذلك الخبيث إليها وكيف عادت هي بقوة أكبر لمحاربته .
قصة بروازها الرضى بقدر الله ، وكيف جعلت مِن محنتها منحة لتكون رسول محبة وسلام لكل مرضى السرطان ومبتوري الأطراف ، رحلت هالة إلى السماء وأبقت لنا غيمة ممطرة لن تجف إلى يوم الدين ، هالة صغيرة السن كبيرة الثقة بالله رحلت روحها وبقيت هالة الروح التي تستحق أن تكون قدوة لمن في عمرها تركت كتابا اسمته غيث هالة ليبقى غيثا لكل مريض مبتلى غيث يَصْب على قبرها الرحمات .
تصفحت صفحتها على توتير وإذا بي أَجِد رحمات تترى وحب يُمطر خلف كل تغريدة مساعدة وبثّ أمل ونشر سلام ، استوقفني تعريفها عن نفسها في صفحتها (وبلغت العشرين منتصرة على السرطان أناضل من أجل حياة أجمل كل أمانينا الضائعة سنجدها في الجنة ) يالله ياهالةٌ من جمال الروح ، تذكرت قوله تعالى ( و ألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني ) و كَأَنَّ الله اصطفاها من بيننا بذلك الابتلاء لتخبرنا أن خلف كل ابتلاء رحمة ولطف وأن الابتلاء جعله الله من أجلنا من أجل أن نتغير للأفضل ونقف بصمود أقوى نستمده من ثقتنا بمن خلقنا ، وكأني أرى فيها حديث حبيبنا عليه الصلاة والسلام :( إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه) احسبها كذلك ولا أزكيها على الله ، اصطنعها الله لتكون حمامة رحمة لكثير من المرضى والمبتلين
هالة المرواني :
أعلم أنك لن تقرأي كلماتي اليوم رغم ذلك سأكتب لكِ مثلك لا يموت فقط يرحل جسده عنّا وتبقى روحه لتعلمنا كل يوم درس جميل أنتِ حية بقلب أولئك التي كنت لهم سندًا يتكئون عليه حين هدّ جدراهم المرض وكنت لهم فرحًا حين أحزن قلوبهم الألم وكنت لها أملاً وبلسمًا حين حاول اليأس طرق أجسادهم المنهكة رحمك الله وجمعك بأمنياتك الضائعة في الجنة فمثلك يستحق الفرح والله الذي وثقت به لن يخذلك ، شكرًا لكِ لإن موتك علمني أن الحياة الحقيقة حين نرحل للسماء وتبقى آثارنا حية على الأرض
ضوء حب:
لأولئك البشر الذين يزرعون بساتين ورد لا تموت بمرورهم في حياتنا، يبقون في القلب بصمة جمال و ضوء حب