رهاب التريبوفوبيا
الخوف من النخاريب أو الثقوب
بقلم الاخصائية النفسية/ خلود الحارثي
تم الحديث عنه بشكل ظاهري في الولايات المتحدة الأمريكية في عام ٢٠٠٥ .. والجدير بالذكر أن الجمعية النفسية الأمريكية لم تصنفه من ضمن الاضطرابات النفسية لعدد من الاعتبارات سيتم ذكرها في بقية المقال..
دعونا الآن نتعرف عن ماهية هذه المخاوف ،نعلم أن هناك مخاوف واضحة التحديد وتستوفي شروط الدليل الاحصائي لتصنيف الاضطرابات النفسية مثل الرهاب الاجتماعي ،الرهاب من الاماكن الضيقة أو الواسعة أو النوع المحدد من المخاوف كالدم والظلام...
سميّ رهاب النخاريب لإشتماله على عوارض الخوف والمسببة لهذا الخوف الاشكال النمطية للنخاريب أو الثقوب ..
يتمثل الخوف من النخاريب حالة من التوتر والخوف عند رؤية الثقوب الصغيرة المتقاربة المسافة كقرص النحل أو بعض هياكل النباتات أو الأسطح التي تحتوي على ثقوب صغيرة ،والتي حين يتعرض لها الفرد تظهر عليه عدة علامات كالقيء والدوار والإحساس بالغثيان مع مشاعر قوية من التقزز والاشمئزاز لمثل هذه المناظر.
الأسباب لهذه الظاهرة الغريبة لم تحدد بشكل واضح وقطعي. حيث قام عدد من العلماء بعدة تجارب لدراسة هذا النوع المثير من الخوف وكانت هناك ترجيحات معينة وفق الأبحاث..
وجد الباحثون أن هناك علاقة بين الاشمئزاز كميزة تطورية متوارثة للحفاظ على الحياة حين التعرض للحيوانات السآمة التي تتماثل بالأنماط الهندسية بالثقوب والملمس الصغير وقت التعرض لها إما الهروب والإشمئزاز من التقرب لها كرد فعل لا إرادي لمواجهة الخطر مثل بعض العناكب ،والعقارب، والاخطبوط ،التي لها نفس الملمس السطحي من الثقوب المتقاربة..
كما أن من المحتمل أن يكون هذا التوارث يكون توارث ثقافي عن البيئة المحيطة والتجارب المؤلمة..
وفي الدراسة التي قامت بها جامعة بريطانية "كينت" في هذا الصدد كان أمراً معقولاً رجحها الكثير من المختصين. فبعد عرض عدد من الصور والتي من ضمنها صور لأشخاص مصابو بأمراض جلدية تحتوي على عدد من الثقوب الصغيرة كان هناك تأثر شديد من قبل المصابين بهذا الرهاب ،وبعد استجوابهم وُجد أن المصابين هم في الحقيقة من فئة القلقين من الأمراض المعدية وعند رؤيتهم لتلك الصور والثقوب تعيد ذاكرتهم الآثار التي تتركها الأمراض أو الإصابات المختلفه بالجسم.
اتضح بالسابق أنه ساد المصابين اعتقاد بهذا الرهاب كونه نشأ من الخوف من الحشرات السآمة كالنحل والدبابير وهذا يفسر مخاوفهم عند رؤية قرص النحل أو الثقوب في الأخشاب والأسطح كعلاقة سببية ارتباطية لمواقف سابقة وصادمة أو مكتسبة من البيئة كاحتمال.
وفي بادىء الأمر حين معرفتي لهذا النوع من الإضطراب وفي محاولات جادة لمعرفة هذا الرهاب وكيفية نشوءه وهل بالفعل يصنف كااضطراب نفسي مثل بقية المخاوف!؟
كان هذا التساؤل جدير بمعرفة عدة معلومات مهمة حول متى يمكن تصنيف بعض المخاوف كااضطراب حقيقي رغم وجود عدد من المصابين الذي قاموا بإنشاء روابط يتم فيها عرض مثل تلك الحالات والصور وما يلي ذلك في محاولة لإثبات وجود هذا النوع من الاضطراب!
وضعته في بادىء الأمر من المخاوف المحددة حيث تنطوي المخاوف المحددة بنوع أو موقف يثير نوبة الهلع المفزعة كما يحدث مع مصابي رهاب النخاريب ،وذلك لتحديد النوع والمسبب..
ولكن بعد التأكد من الكيفية التي يحدث فيها الخوف والانفعالات المصاحبة له -أي الأعراض- كان الغالب عليها حالة من التوتر التي تنشأ من انفعال التقزز الشديد والاستياء من المنظر المقابل أو المتخيل في حالات عديدة مما يسبب شعور بالقشعريرة والحكة احيان أكثر من كونه خوف حقيقي مهدد له. مثل الذي يرى سريان النمل بجواره فيشعره بالحكة وكأن النمل يسري على جلده!
فكانت اعتبارات الجمعية النفسية بأن لا يتم تصنيف هذا الخوف كااضطراب نفسي مصنف في قائمة المخاوف المرضية ولذلك:
- لأن التخلص منه سهل جداً ولا يحتاج إلى علاج مطول للشفاء منه ولا يضطر صاحبه لأخذ ادوية نفسية مقارنة مع المخاوف المرضية الأخرى والعادات التي تنتجها كسلوكيات مرضية مثل نتف الشعر وقظم الأظافر ومص الأصابع..
- أن الاشخاص المتميزون بالاهتمام الشديد بالنظافة والمتقززين من شكل الأوساخ أو أي شكل غريب وغير مألوف سيشعرون بهذا الاحساس والاستياء والتوتر المزعج عند رؤية الثقوب..
- من الأمور الحسنة للتخلص من هذا الرهاب هو التفكير الايجابي اتجاهها فمثلاً خلايا النحل المقززة يمكن اعادة تشكيلها إلى شموع جميلة وذو روائح عطرية أو استخدامها في مجالات الفنون الأخرى.. والأخشاب المثقوبة من الممكن اعادة تشكيلها لتكون خزانة ملونة وأرفف لإستخدامات عدة.. أي بالتفكير المنطقي حول هذه الثقوب وتحويلها لبدائل ايجابية كمحاولة بالتعرض والتجريب ودحض الأفكار الوسواسية المخيفة حولها..
فمن الخطوات العلاجية الذاتية التي تساعد بالتغلب ،التعرض بالتدريج لمثل هذه الأشكال مع التدريب على فنيات الاسترخاء التنفسي والعضلي ..اثناء التعرض ،مناقشة الأفكار المخيفة المرتبطة بها ودحضها بالدلائل ،كعلاج معرفي سلوكي.
ولمعرفة الحالات عن قرب هناك رابطة عالمية لمجموعات رهاب الثقوب بالفيسبوك.
* كاتبة في صحيفة الرائدية ،عضوة برابطة كاتبات الغد