نحو مجتمع ارقى...
الوطن و الجحود !!
بقلم الدكتورة / نجوى مرضاح المري
في هذه الأيام تحتفي مملكتنا الحبيبة بعيدها الوطني الثامن والثمانون فترى الشوارع تزينت بالإعلام و الشعارات الخضراء في كل مكان و الشعب و المقيمين يحتفلون كلا بطريقته الخاصة لأجد نفسي متسائلة ماذا يعني الوطن في عين كل واحد منا ؟!
سؤال قد يبدو سهلا ولكن إجابته ليست بسهلة فعند مقابلة مجموعة من الأشخاص وسؤالهم نفس السؤال ستجد اجابات مختلفة مما يدل على ان مفهوم الوطن مطاطي يختلف باختلاف نظرة الشخص و طريقة تفكيره. اكثر التعاريف تداولا قد تكون الارتباط الوجداني و الانتماء لمكان معين بينما هناك من يقيس مقدار الارتباط الوجداني والانتماء بمقدار ما أعطاه الوطن لهم. للاسف، هذا المفهوم يعني ان كل ما كان المواطن مرفها كلما كانت وطنيته اعلى، فهل هذا صحيح؟! ماذا عن هؤلاء الذين يعانون من البطالة او من هم ليسوا من الطبقة المرفهة هل يصنفون تحت الأقل وطنية!! الأدهى من ذلك ان يكون المرفه والمنعم يجحد فضل وطنه ولا يرى منه الخير و يَصْب جل تفكيره على نقاط معينه تدعم عدم وطنيته.
الجحود على المستوى الشخصي، هو من اصعب المشاعر و اكثرها تدميرا فهو ينتشل الطيبة من القلوب و يقابل الاحسان بالإساءة فكيف على مستوى الوطن؛ فهؤلاء الجاحدون ركزوا انتباههم على ما يريدون سماعه فقط و يصمون آذانهم عن كل ما هو جيد عن وطنهم. الشاهد على ذلك تجربة قامت بها تالي شارون ، طبيبة اعصاب،حيث وضعت متطوعين تحت جهاز أشعة المخ و سألتهم ان يمرروا اعينهم على قائمة من الأحداث فوجدت ان مخهم تعامل مع المعلومات بشكل مختلف حيث انهم يبدون اكثر انتباها للأحداث التي تتوافق مع توقعاتهم و يتجاهلون ما سواها.
فهذا المدير الذي يجحد عمل مرؤوسه و يقلل من عمله و جهده وهذا الزوج الذي لا يرى ما تفعله زوجته و يقلل من دورها وهذه الام التي تجحد فضل زوجها و هذا الابن الذي يجحد عمل والديه وهذا الطالب الذي لا يحفظ الجميل لمعلمه او لجامعته و يشهر في وسائل التواصل بأقل غلطه من غير توخي للحقيقة ما هي الا صورا للجحود و قمة الجحود هو ذلك الذي يرى نعمة الأمن و الأمان والرزق من الله و كل مادون ذلك هو عيب في الوطن..
نحلم و سنحلم دائما بمجتمع ارقى و لكن لن يحدث ذلك الا بقمع الانتهازيين الانانايين اللذين لا يبالون الا بأنفسهم و لا يَرَوْن اكثر مما يريدون رؤيته. علمتنا الحياة ان هذه النوعية من الناس و ان نجحوا فان نجاحهم سيكون فقط على المدى القصير و سيكشف الله خبثهم ولو بعد حين. فيا صاحب الفكر المقيد والقلب المريض أفق من غفلتك و عالج نفسك قبل فوات الاوان فوطننا يستحق منا العطاء لا الجحود ، الاعتراف لا النكران و الدعاء له في السر والعلن والذود عنه و محبته في الرخاء والشده وأسأل نفسك دائما ماذا قدمت للوطن؟ و اجعل هذا التساؤل الحافز لك دوما على العطاء اللامتناهي على المستوى الشخصي و المجتمعي و تذكر دائما ان وطننا يحتاج لنا كما نحن بحاجة اليه و كل عام والوطن و قيادته وكل من عاش على ارضه بخير وأمن وامان و عز و فخر.