علاقة الرعب التركي من الأكراد وقضية خاشقجي
بقلم الكاتب/ سلمان الحميدي الشمري*
تركيا لا تعيش هاجس قيام دولة قومية للأكراد في الوقت الحاضر فقط إنما الرعب من قيام دولة قومية للكرد قديم ومستمر .
بعد قيام جمهورية ماهباد الكردية عام 1946 في اقصى الغرب الايراني التي دعمها السوفييت في عهد ستالين كوسيلة ضغط على ايران و الولايات المتحدة تحت ذريعة ان ايران تتعاطف مع ادولف هتلر وكانت نتيجة التوغل السوفييتي في ايران وإنشاء كيانات مواليه لموسكو ان هرب شاه ايران رضا بهلوي و تم تنصيب ابنه محمد رضا بهلوي خلفاً له ، واستمرت جمهورية مهاباد الكردية حوالي ١١ شهراً وبعد ضغط امريكي على الاتحاد السوفييتي انسحب من ايران ثم قام الجيش الايراني بسحق الجمهورية الكرديه في مهاباد واعدم رئيسها قاضي محمد و انسحب حليفه وشريكة مصطفى البارزانى الى كردستان العراق ، هذه الحادثة التاريخية لا تزال تلقي بظلالها على أربعة دول هي تركيا و العراق و ايران و سوريا ، فقيام جمهورية قومية للكرد يعني اقتطاع مساحات شاسعه من غرب ايران و شمال العراق و جنوب تركيا و الشمال الشرقي من سوريا ، وهذه المناطق غنيه بالمياه و المعادن و الاراضي الزراعية و النفط مما يجعل تركيا بالذات في وضع بالغ الخطورة حيث ان الاكراد يشكلون نسبة كبيره من المواطنين في تركيا و مناطق تواجدهم شاسعه ، فالهاجس الكردي لدي تركيا دائماً موجود و اي تعامل مع الاكراد و خصوصاً منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق تعتبره تركيا عمل عدائي ضدها ، و قد لا يربط كثير من المراقبين للأحداث في الشرق الاوسط بين الهستيريا التي يمارسها الاعلام التركي الموالي لإردوغان في قضية خاشقجي و بين الدعم السعودي الامريكي لقوات الحماية الكرديه في شمال شرق سوريا التي تكافح داعش ، ومن يركز قليلاً في خطابات اردوغان الاخيرة عن التهديدات الأمنية لتركيا التي يزعم ان مصدرها الاكراد المتواجدون شرق الفرات سيدرك ان اردوغان يحاول بإستماته الضغط على الولايات المتحدة و حليفتها الاستراتيجية السعودية عبر الاستمرار بإبقاء قضية خاشقجي ورقة سياسيه ضد السعودية ليتم وقف تسليح الاكراد ودعمهم ، واعتقد ان ادارة ترامب بمجرد ان تفرغ من الملف الايراني الذي دخل فعلياً مرحلة كسر العظم ستواجه الضغط التركي بقضية الاكراد بضغط مضاد على انقرة و هذا ما يدركه حتماً اردوغان لكنه يراهن على نجاح مسعاه قبل ان تنتهي واشنطن من الملف الايراني .
أما الرياض فلا أظن الحلم و الصبر السعودي سيطول على سلوك انقرة و سترد حتى اثناء تكسير عظام النظام الايراني لكن عبر وسائل القوة الناعمة فخسارة تركيا ليست واردة في حسابات الرياض و الإبقاء على شعرة معاوية مع تركيا هو السياسة المقرؤه لتعامل الرياض مع أنقرة بينما استمرار إردوغان في لعبته السياسية الخطيرة في قضية خاشقجي عبر تلاعبه بالتحقيق و استخدامه كوسيلة انتاج ضغط على الرياض قد ينتج عنه صفعه سياسيه واقتصادية صاعقه لتركيا قد تمتد آثارها بعيداً جداً . ( وأردوغان يدرك ذلك جيداً )