الحكم الغيابي وضمانات المحكوم عليه غيابيًا
بقلم الكاتبة / الفنيده عارف العوده*
لا شك أن الأصل في فض المنازعات بين الخصوم حضور أطراف الدعوى ، لأن المواجهة بين أطراف الخصومة من أهم عوامل العدل المقررة شرعًا والمسلمة عقلاً ، لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقضِ للأول حتى تسمع كلام الآخر)، إلا أنه قد يراوغ الخصم أحيانًا فلا يحضر الجلسات القضائية، و درءًا للتهرب وتعطيل القضاء قرر النظام للقاضي صلاحية الحكم غيابيًا، أي في حالة تخلف المدعى عليه عن حضور الجلسة بعد تبليغه بالطرق النظامية و بدون تقديم مذكرة دفاع، و دون أن يقدم عذر تقبله المحكمة ، و ذلك يكفل و يضمن حق المدعي في سير اجراءات الجلسات بانتظام ، ويعد الحكم غيابيًا مالم يكن غيابه بعد قفل باب المرافعة ، وللمحكمة نظر الموضوع بصفة مؤقتة في المسائل المستعجلة دون أن يؤثر ذلك على موضوع الدعوى.
ومما يحقق حسن سير العدالة في التقاضي؛ فللمحكوم عليه غيابيًا تقديم اعتراضه إلى المحكمة التي صدر منها الحكم متى ما علم بالحكم وإن تجاوز ذلك المدة المحددة وهي ثلاثون يومًا المقررة للحكم الحضوري، وله أن يطلب وقف تنفيذ الحكم المعارض عليه مؤقتًا ويكون الطلب على وجه السرعة، وللمحكوم عليه غيابيًا أيضًا التماس إعادة النظر في حال كان الحكم الصادر نهائي، خلال ثلاثين يومًا من إبلاغه بالحكم.
وبعد قبول الاعتراض يتم إعادة المحاكمة مرة أخرى، وفي المرة الثالثة تتصدى محكمة التمييز للخصوم وتصدر الحكم ويكون الحكم قطعي ليس لأحد الحق في الاعتراض عليه، فإذا تكرر غيابه عن جلسة المعارضة يسقط حقه في المعارضة نهائيًا، ويعد الحكم نهائيًا في مواجهته.