نحو مجتمع ارقى .. "الحيونيميا"
بقلم الدكتورة / نجوى مرضاح المري
المجتمع عبارة عن أفراد يرتبطون مع بعضهم البعض بعلاقات قد تكون إيجابية او سلبية و ديننا الاسلامي حثنا على الترابط و على ان نكون كالجسد الواحد. من ناحية أخرى ، لا يخفى على الجميع اننا نعيش في تغييرات مجتمعية متلاحقة غيرت في بنو البشر و أصبح هناك قواعد و مبادئ تصنف علاقتهم ببعضهم البعض مثل مبدأ "المصلحة" فأصبح هناك شُح في العلاقات فالاخ لا يسأل عن أخيه و الجار لا يعرف ما اذا جاره مريض او متعافي و هذا ما يعرف ب " حيونيميا". فماذا نعني بالحيونيميا"؟ إنه مرض اجتماعي يهدد النسيج الاجتماعي و يعمل على جعل أفراد المجتمع الواحد غرباء عن بعضهم البعض فهو كالسرطان يعمل على موت العلاقات و تحطيم أسوار التواصل بسبب الأهداف الشخصية و المصلحة الفردية.
ما نراه في مجتمعاتنا الان هو التحول من مجتمعات مترابطة الى فردية و هذا ما نراه في المجتمعات الغربية و خاصة الامريكية. ففي الثقافة الامريكية، ينمون المصلحة الفردية و يقدمونها على المصلحة العامة و ذلك ليتماشى مع توجه الدولة الرأسمالية. فالشخص يحدد علاقاته بالآخرين على مبدأ ماذا سيضيف له ولا يبالون بحاجة المجتمع. فأصبح هناك مقولة
“Not In My Back Yard” او بالمختصر “NIMBY” و تعني هذه النظرية حرفيا انه طالما ان الامر ليس في حدود بيتي او حديقتي الخلفية فأنا لا أبالي به و يعني ذلك ان مصلحته مقدمة على مصلحة من حوله او المجتمع. مع مرور السنين أصبح المجتمع الامريكي يعاني من هذا التفكك و من عواقبه الوخيمة مما دفع الباحثون الى القيام بدراسات عديدة و كتابة مقالات لتغيير الفكر الامريكي و دفع الأفراد للتفكير بالمصلحة العامة اكثر من الفردية فأصبح هناك توجه “In my Back Yard” او بالمختصر "IMBY” و تعني كل ما يخص المجتمع يخصني و علي مسؤولية كبيرة في تحقيقه.
مابين حيونيميا و نيمبي NIMBY لا بد ان نقول ان الامر تعدى كونه تفكك العلاقات و عدم السؤال عن بَعضُنَا البعض الى الأدوات التي يستخدمها الفرد للوصول الى غاياته بناءا على مصلحته الشخصية و يعني ذلك ان جميع الطرق مشروعه للوصول الى الأهداف الشخصية بغض النظر عن قبول المجتمع او الدين لها أم لا.
اذا التغييرات المتسارعة في مجتمعنا جعلتنا مشغولين عن العلاقات الاجتماعية و اصبح الفرد ليس لديه الوقت الكافي ليقضيه مع أهل بيته او اجراء مكالمة هاتفيه مع صديقه او جاره او حتى ممارسة واجبه الديني نحو والديه ولكن في المقابل من الممكن ان يقضي ساعات مع شخص لأنه يريد منه مصلحة او من الممكن إيجاد وقت لعمل لقاء مع شريك او اجراء مكالمة هاتفية مع شخص لانه مسؤول و يريد البقاء على رضاه عنه، اعلم اننا بدأنا نعاني من أعراض مرض الحيونيميا و كل مانتمناه الان هو الا نصل الى مرحلة نيمبي NIMBY لان وطننا بحاجة إلينا فعلينا مراجعة أنفسنا و جعل علاقاتنا الاجتماعية من أولوياتنا لمحاربة هذا الداء و تحقيقا لتعاليم ديننا الحنيف.