استعادة سوريا لحضن العرب
بقلم الكاتب / سلمان الحميدي الشمري *
بات من الواضح ان عودة العلاقات العربية مع سوريا امر محسوم و بدأت ترجمته على ارض الواقع فعلياً .
فتح سفارة ابوظبي و المنامة ليس سوى البداية و سيتبعها تطبيع كامل مع نظام بشار الاسد و ذلك لعدة اسباب كما اعتقد و سأفصل رأيي بذلك .
اولاً ثبت بأن من ثاروا على النظام السوري هم اسوأ منه بكثير فهم يرتمون بالحضن التركي الذي استخدمهم بكل سفاله لخدمة اغراضه السياسية ، فقد ابتز اوروبا باللاجئين و اتخذ من الكارثة الإنسانية في سوريا ذرائع لتمرير اجندته ضد الاكراد كما ساوم بمواقفه مع روسيا لتحقيق صفقات تجاريه منها ( صفقة طماطم ) نعم صفقه طماطم تركيه منعتها روسيا ثم سمحت بها لاحقاً اثر حادثة سقوط الطائرة الروسية التي حلف اردوغان انه لن يعتذر عنها ثم اعتذر علناً عنها على شاشات التلفزة التركية و تعامله مع داعش بصفقات النفط السوري و غيرها كثير لا يخفى على من يتابع الشأن السوري .
ثم هناك التواجد الايراني الكثيف في سوريا مما جعل ايران تتبجح بالوصول الى شواطئ البحر المتوسط كما ان المليشيات الإيرانية العابرة للحدود الدولية من العراق و لبنان باتت خطر يتهدد الاردن و ابتلاع ما تبقى من لبنان ، لذا عودة العلاقات مع النظام السوري سيجعل هذه المليشيات تفقد سبب وجودها و سيتم تخيير الاسد بين بقاؤها و بين اعادة بناء سوريا .
يبقى الدور الروسي وهو الأهم و هو ما دفع بالمشهد السوري الى هذه المرحلة ، روسيا لديها ثلاث أهداف تريد تحقيقها بأي ثمن في سوريا هي بقاء قواعدها الجوية و البحرية في سوريا ثانياً عدم وجود نظام معادي لها يحكم سوريا ثالثاً بقاء نفوذها في المنطقة قوياً و هذه الأهداف تم تحقيقها باستثناء ثانياً و هو امر بتصوري تم التفاهم عليه بين روسيا و الولايات المتحدة و السعودية وقد نرى انتقال للسلطة في سوريا يبعد فقط بشار الاسد من المشهد مع بقاء نظامه بعد اجراء تغيير هيكلي عليه مما يضمن نظام (صديق) لروسيا في دمشق .
الخاسرون من هذه الإجراءات هم ثلاثة أطراف ايران تركيا و قطر فكل السيناريوهات التي من الممكن تطبيقها في سوريا ( بوجود الاسد او رحيله بعد فترة انتقاليه) لا يخدم مصالحهم بل هو ضربة قاسيه لهم بل مدمرة بالنسبة لإيران .
لذا سنشاهد في الأسابيع المقبلة تغييرات في المواقف من سوريا وقد بدأت هذه التغييرات بزيارة عمر البشير لدمشق و هو الان يتم معاقبته عبر أدوات قطر و تركيا بإثارة المظاهرات في السودان لان البشير ببساطه لم يقم بالزيارة الى دمشق من تلقاء نفسه بل قام بها بتنسيق كامل مع القوى الإقليمية المعادلة في المنطقة .
طبعاً هناك طرف إقليمي مهم وهو اسرائيل التي تتقاطع مصالحها مع كثير من القوى الإقليمية في الشأن السوري كما انها اداة الولايات المتحدة التي تستخدمها عسكرياً في سوريا و اسرائيل يهمها بقاء سوريا مستقرة (حالياً على الاقل )
طبعاً كل ما سبق اذا أردت عزيزي القارئ ان تفهمه و تستطيع ان تحلل ما يجري على الساحة السورية عليك اولاً ان تفكر مثل السياسيين أي أن تنظر للأمور بدون عواطف بل من منطلق المصلحة فقط ، ثم عليك ان لا تغفل عن الساحة العراقية و ما يجري بها من نشاط سعودي و امريكي لانتشال العراق من الوحل الايراني طبعاً امريكا لها مصلحه تختلف عن المصلحة السعودية رغم تقاطعهما مرحلياً و على المدى المتوسط .
( اللهم احفظ بلادنا آمنه مطمئنه و احفظ ولاة امورنا و خذ بأيديهم لما تحب و ترضى و سدد خطاهم ) .
* مواطن بسيط و مغرد بسيط