تحطيم أفكار خاطئة حول الثراء!!
بقلم الأستاذ / محمد الذيب *
في هذا المقال أريد أن نتعاون سوية في تحطيم أفكار خاطئة وتصورات بالية عن الثراء في عقولنا .. حيث أن الكثير منا يظن أن المال هو سبب الثراء، وليس بيننا وبن الثراء إلا الحصول على المال !! ولكن الحقيقة الثابتة التي يجب أن نفهمها هي أن المال يزيدك مما أنت فيه ..!
هذه المقولة - المال يزيدك مما أنت فيه - لمّا سمعتها ذكرتني بقصة توضح لنا بجلاء أن عدم حصولك على المال ليس هو العائق بينك وبين الثراء، وإنما العائق هو ما أنت فيه من طريقة تفكير وثقافة، يشهد لهذا مثلاً أن كثيراُ ممن فازوا باليانصيب - وهي طريقة من طرق الكسب المحرم - وحصلوا على ثروة هائلة عادوا في وقت وجيز جداً إلى عتبات الفقر، ومثل هذا يحصل أيضاً مع بعض من ورثوا أموالا طائلة، وهذا يؤكد ما ذكرته لكم من أن حصولك على المال لا يعني الثراء وإنما هو وسيلة تزيدك مما أنت فيه، فأصحاب ثقافة الاستهلاك والصرف والتبذير يزيدهم المال صرفاً واستهلاكاً وتبذيراً حتى ينفد وينتهي، بخلاف أصحاب ثقافة الادخار والاقتصاد والاستثمار فحصولهم على المال يزيدهم ادخاراً واستثماراً وثراءً.
تأمل معي هذه القصة التي تأكد لنا أن الفكر والثقافة لهما تأثير بالغ في حياة الإنسان غناً وفقراً ، وجِدَةً وعَوَزاً.. ففي إحدى القرى كان الناس فيها بين قسمين: تجارٌ أغنياء، ومتوسطي الحال وبسطاء، وفي ليلة من الليالي غَمَر السيل قريتهم، وجرف بيوتهم ومواشيهم وتجارتهم، فأصبحوا جميعاً لا يملكون شيئاً وفي الفقر سواء، ولكن العجيب أنهم بعد سنتين من هذه الحادثة عادت أحوالهم إلى ما كانت عليه، فالتجار الأغنياء أعادوا بناء أنفسهم من جديد، والآخرون بقوا في ضعفهم وفقرهم !!
فهنا يظهر لنا جلياً أن عقليتك وتفكيرك وثقافتك هي ما سيحدد مسارك واتجاهك سواءً في التجارة والثراء أو غيرها..
ومن هنا أنا أدعوك إلى تغيير تفكيرك وتوجيه ثقافتك لما ينفعك في دينك ودنياك ومن ذلك أن تتحول من عقلية الصرف والاستهلاك إلى عقلية الادخار والاستثمار، فليس العائق بينك وبين الثراء والوصول للقدرة المالية هو الحصول على المال، وإنما العائق هو ثقافتك وفكرك في التعامل مع المال.
وهنا يحضرني ما حصل لأحدهم حين حصل على تمويل بنكي يزيد على المائة وخمسين ألف ريال، وبسبب عقليته وفكره نحو المال لم يَدُر عليه الحول إلا وقد ذهبت جميعها، ولم تكن سبباً في ثراءه ولا غناه، بل بقي خمس سنين يدفع قريباً من ثلث راتبه لسداد هذا التمويل فخرج منه بغُرْمِه ولم ينل غُنْمَه.
إذن أيها القارئ الكريم لا بدّ أن نعيد النظر في تفكيرنا وطريقة تعاملنا مع المال لنسير نحو الثراء بالادخار والاستثمار، ونبتعد عن الفقر و عقلية الاستهلاك والصرف.
وأخيراً لا يعني كلامي أن لا تستهلك وتصرف شيئاً في حياتك، وإنما يكون الصرف والاستهلاك أكثره في الحاجات والضروريات والتقليل من الكماليات قال جل ذكره وتقدست أسماؤه في تنظيم حياة المسلم المالية {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}.[سورة الإسراء]
6 pings