تناقضات ( سمو الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر )
بقلم الكاتب / سلمان الحميدي الشمري*
قطر دولة خليجية عضو مؤسس في منظمة مجلس التعاون الخليجي اخر معاقل العمل العربي المشترك ، الحلف الإقليمي الذي تم تأسيسه كرد فعل على وصول الخميني الى السلطة في جمهورية ايران بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي .
وهذه الدولة الصغيره خفيفة الوزن الجيوسياسي وذات الموقع الجغرافي الغير استراتيجي فهي تشكل جزء هامشي من الساحل الغربي للخليج العربي اذا ما تم مقارنتها مع الامارات او عمان مثلاً .
لكن هناك ثلاث احداث مفصليه شكلت قطر سياسياً واقتصاديا واجتماعياً هي اكتشاف الغاز و الانقلاب عام ١٩٩٥ و التآمر على العالم العربي في ما يسمى الربيع العربي .
بعد فضيحة المؤامرة لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله التي تورط بها نظام حمد بن خليفه و رئيس وزرائه حمد بن جاسم و نظام القذافي اضطر تنظيم الحمدين الى الخروج من المشهد السياسي القطري و تم الدفع بالشيخ تميم الى رأس السلطة في قطر ( وهو الشاب الثلاثيني معدوم الخبرة السياسيه ) وهذا الإجراء يهدف منه تنظيم الحمدين تبريد المشهد السياسي الملتهب ضدهم جداً بعد انكشاف المؤامرة المذكوره .
فوجد الشيخ تميم نفسه فجأة على رأس السلطة (صورياً) في بلد يعيش تناقضات سياسيه و ايديولوجيه حاده فوجد ان هناك علاقات سياسيه ودبلوماسيه مع حركة طالبان و بنفس الوقت توجد لديه اكبر قاعدة امريكية خارج التراب الامريكي ، و لديه علاقات وثيقة جداً مع اسرائيل وبنفس الوقت يحتضن حركة حماس ، تورطت بلده في الثورة السورية و دعمت منظمات شديدة التطرّف مثل جبهة النصرة و المليشيات التابعه لتنظيم الآخوان المسلمين و بنفس الوقت يسعى لتوطيد علاقته مع روسيا و ايران .
يقف ضد نظام بشار الاسد و في نفس الوقت علاقته مع حزب الله اللبناني ممتازه ، شارك في عاصفة الحزم و يدعم الحركة الحوثيه .
فلما تم صفعه بشدة عبر المقاطعه و قطع العلاقات وجد نفسه في اشد مراحل الدوله القطريه منذ الاستقلال عام ١٩٧١ حلكة .
الشيخ تميم وجد نفسه دون ان يكون له اي دور على رأس سلطة يديرها ابوه و حمد بن جاسم و الشيخه موزه والدته و القرضاوي و عزمي بشاره بشكل كارثي مما فاقم كل الملفات ضده قطر فبدأت منذ ٦٠٠ يوم تنتهج سياسة الهروب الى الامام او حالة الأنبوب ( اي انه لا يستطيع الرجوع للخلف وخياره الوحيد هو التقدم الى الامام فقط) مما جعل النزيف الاقتصادي يتفاقم بشكل كارثي .
الشيخ تميم يدرك تماماً ان الخروج من كل ازماته الحاليه هي باللجوء الى الرياض بينما تنظيم الحمدين مستمر بمفاقمة الكوارث ضد قطر عبر الارتماء بالحضن التركي بعد ان باءت محاولاته بتشكيل تعاطف أوروبي معه وبمحاولات بائسه بأحداث ضغط دولي عبر منظمات و صحف عالمية على السعودية التي جعل منها عدو له و استخدم كل الوسائل لزعزعة أمنها و ضرب استقرارها بعد ان فسر الصبر السعودي ضعف من الرياض .
واليوم اصبح يراهن ( كإيران و تركيا ) على انقضاء ولاية الرئيس الامريكي ترامب على امل ان يفشل في اعادة انتخابه و يأتي رئيس ديموقراطي ليستكملوا مخطط الشرق الاوسط الكبير الذي دفنته السعودية و الامارات عبر إفشاله في مصر و دحره في اليمن والمؤشرات في كل من العراق و سوريا و ليبيا مبشره بعودة الاستقرار و التخلص من نفوذ ايران و تركيا وهما اهم أدوات مخطط الشرق الاوسط الكبير .
الشيخ تميم سيجد نفسه امام خيارين لا ثالث لهما اما الاستمرار بدوره كحاكم صوري و يكتفي بمشاهدة دولته تنهار او ان يقوم بإنقلاب ضد تنظيم الحمدين و يصبح حاكم فعلي لبلده وعندها سيجد الرياض هي الضامن بعد الله لحكمه و استقرار وطنه حتى ضد الولايات المتحده اذا وصل رئيس ديموقراطي يريد استكمال مشروع باراك اوباما الذي حطمته السعودية و هو يسكن البيت الابيض حتى قبل ان يأتي ترامب .
اللهم احفظ بلادنا آمنه مستقرة قوية مهابه واحفظ ولاة امورنا وخذ بأيديهم لما تحب و ترضى .