في عالمِ الـكــتابـة
بقلم الكاتبة / خلود عبدالرحيم*
الكتابة موهبة وهبها الله للصامتين من الناس ، الذين تغلفهم طبقة خارجية من الهدوء ولكن في عالمهم الآخر يتجردون داخِله من كُل العباءات التي حيكت بخيطان الجهل والتخلف لتحاكي ماهو عليه واقعهم ، الكتابة ليست فقط جمع كلمات من فضاء المصطلحات الواسعة وإلصاقها على سطر واحد بروابط لغوية
هُناك في العالم الخفي داخل كُل كاتب براكين الغضب تتفجر ، وبحور الأحزان تفيض ،الخيبات تُحصد ، الحبُ يهرب ، والسلام يطير ، يرتفع معدل الادرينالين إلى أقصى حد مع كل عمل كتابي .
هل أنا كاتبة حقيقية ؟
هُذا السؤال الذي يتكرر في ذهني بعد كُل عمل أنتهي من كتابته، الرسام يرى لوحته بعد الإنتهاء منها في الواقع و بكامل ألوانها , والعازف سيستمع إلى عزفِة المُسجل لاحقاً ، ولكن الكتابة بالنسبة لي أمر لا أقدر على الحُكم عليه فهُناك أبعاد واسعة جداً الامر لِيس فقط حبر وورق كما يراه معتزمين الكتابة في هذا الوقت !
قبل سنوات من الأن في بداياتي تحديداً , حينما كنتُ أكتب نص جديد لم أكن أشعر بشيء عند كتابتي له ، مرت السنة الاولى والثانية سنة بعد أخرى بدأت بالإحساس أن نبضات قلبي تتسارع أثناء الكتابة ولكن بشكل بسيط , الأمر تطور فتسارعت نبضات قلبي حتى ظننت يوماً بأني سأواجه نوبة قلبية ! لم يكن قلبي وحده يتفاعل مع حدث الكتابة ، أناملي أيضاً ترتجف وذرات العرق تخرج لتغرق جبيني ،وعينيَ تُزف الدمع بحسب ما أكتب.
تتوقف تفاعلات جسمي الغريبة بعد وضعي لنقطة النهاية في أخر السطر وعندها أرقص فرحاً لِما أنجزت وكأن شيء لم يُكن !
أدركت الأن بأن الكتابة عمل جنوني للغاية ، هل ذكركم ظهور نبضات قلبي وتسارعها في شكل تدريجي بشيء ما ؟
رُبما أنا واسعة الخيال ولكِن الأمر يشبِه الجنين المُختبئ داخل رحم أمه ، في البداية لم تُدرك وجودة ، وحينما تدُركه لن تشعر به سريعا ولكِن يوماً بعد أخر يثبت وجوده فيركلها بكل مره تظن أنه قد مات ، ينمو ويتشكل داخلها حتى يخرج للحياة بكامِله .
1 ping