عزلة..!!
بقلم الأستاذ/ خالد حمد العبيد*
لم تتحقق معالم النبوة لدى من اصطفاهم الله لتبليغ رسالته إلا بعد أن اعتزلوا ضجيج المجتمع..
ولم يتعلق الرهبان ويتعرفوا على الذات الإلهية عن كثب إلا بعد أن اعتزلوا الناس في صوامعهم..
فالعزلة أو (الانفراد الحسي) تقود المعتزل إلى التفكير بنفسه وبما حوله بكل هدوء وتأمل وعين ثاقبة.
الإبداع يولد من رحم العزلة والعزلة الإيجابية فقط.
نحتاج إلى تأمل وجلوس مع الذات في بعض الأحيان وأستطيع أن أسميه (الاشتياق إلى النفس) تتعانق فيها مع نفسك لتسمو بمشاعرك وتبحر في خيالك فتستقي منه ماقد يرضي غرور عزلتك.
الصلاة في الخلاء معتزلاً من أجمل ما يريح فؤاد الإنسان ويشعره بالسعادة.
هناك فرق شاسع وكبير بين (العزلة) و (الوحدة) فالعزلة تشير إلى السعادة والفرح بكون الإنسان بمفرده أما الوحدة فتشير إلى الحزن والألم بكون الإنسان بمفرده فلربما ومع طول العزلة عن المجتمع تتحول إلى وحدة فيصاب المعتزل بالجنون العقلي.
العزلة تعرفك أكثر على ذاتك فتتعمق داخلها لتطورها وتبحث عن مواطن الإبداع فيها فالمجتمع والارتباط به بشكل دائم لايمكن أن يعطيك الفرصة لاكتشاف ذاتك.
لعل سياسة التسديد والمقاربة من أفضل السياسات فلا نعتزل المجتمع بشكل نهائياً فالإنسان سمي إنساناً لأنه يأنس بوجود غيره ولأن الذئب لايأكل من الغنم إلا القاصية علينا ألا نطيل بالعزلة عن المجتمع كي لا نقع في المحظور.
على الرغم من أن (واصل بن عطاء) من زعماء العقلانيين في الإسلام ومن الملازمين لشيخه (الحسن البصري) إلا أن عزلته كانت سلبية فلقد نشأت منها فرقة (المعتزلة) حينما (اعتزلنا واصل)!!