الجلد..!!
بقلم الأستاذ /خالد حمد العبيد
(الجلد) هذه الكلمة تحتمل عدة معان المعنى الأول بفتح الجيم وتسكين اللام وتعني العقاب على ارتكاب ذنب ما ولن أتطرق هنا للجَلد ولكني سأكتب عن المعنى الثاني وهو الجِلد بكسر الجيم وتسكين اللام والجلد هو الطبقة التي تغطي جسم الإنسان بالكامل وكذلك أجسام الحيوانات و يعتبر العضو الأكبر حجماً من الأعضاء والساتر الأول لخفايا الجسم وله فوائده العظيمة في تسيير حياة الإنسان الصحية على مايرام فهو يمنع اختراق المواد الكيميائية والبكتيريا والأشعة فوق البنفسجية داخل جسم الإنسان وهو المسؤول عن حاسة اللمس والتي تعتبر من أهم الحواس لدى الكائنات ويترتب على فقدانها فقدان الكائن إحساسه وهذه مصيبة عظيمة وخطب جلل أن لا يحس الكائن ولايشعر بنفسه ومايحدث له مباشرة.
وكذلك يعتبر الجلد الساتر الأول للأعضاء الداخلية والعضلات في جسم الكائن ففي حالة انسلاخه سيكون جسم الكائن مخيفاً لدرجة الرعب ولن أطيل أكثر في ذكر فوائد الجلد هنا فمحور الموضوع يختلف تماماً.
في فترة من الفترات أستطيع أن أقول بأنها فترة مظلمة مرت بها البشرية هذه الفترة هي فترة التمييز العنصري للون وقد تفشت ظاهرتها وانتشرت بكثرة في المجتمعات التي تدعي الحضارة (أمريكا و أوروبا) هذه الظاهرة هي استعباد ذوي البشرة السوداء ومعاملتهم معاملة الحيوانات بل أقل معاملة من الحيوانات وكانت تلك العصور عصور مظلمة شهدت على مدى تخلف تلك العقول التي انقطعت عندنا كعرب قبل 1400 سنة وذلك بعد رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودخول البشر الدين الإسلامي والذي لايميز بين أبيض وأسود ويكون فيه المعيار الحقيقي على حسب طاعتك وتقواك وقربك من الله سبحانه وتعالى فلقد نبذ الإسلام العنصرية بشتى أنواعها وذلك بشهادة التاريخ فبلال العبد الأسود الحبشي الفقير في الجنة بإذن الله وأبو لهب الأبيض سيد سادات قريش ذلك الرجل الغني تبت يده في نار جهنم ولم يشفع له أنه عم منقذ البشرية صلوات ربي وسلامه عليه .
عزيزي القاريء نعلم أن الجلد هو أقرب مايكون للكائن الحي وللإنسان على وجه الخصوص فهو ملتصق به منذ ولادته حتى يموت يعيش معه كل الأحاسيس وكل الأجواء بل كل الأمراض إذاً لايوجد شيء أقرب لك من جلدك إلا الموت ولن تتوقع أن يقف صديقك الدائم معك (جلدك) ضدك في يوم من الأيام ويكون هو خصمك اللدود.
نعم هناك حقيقة مرة يجب أن تعرفها وهي أن جلدك سيكون في يوم من الأيام عدوك حينما يشهد عليك أمام الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا جاه ولا سلطان إلا من أتى الله بقلب سليم.
سيحتدم النقاش بينك وبين جلدك (الشاهد) والذي رأى كل شيء فعلته في دنياك وتكلم بما رأى في آخرتك في حوار نزل من سابع سماء فقال تعالى (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في هذا النقاش والذي لا تقبل في جلسات الاستئناف ولا توكيل المحامين سيكون خصمك يوم القيامة أكثر شيء التصق بك في حياتك ستعتب عليه بحرقة وألم وتقول له:
لم شهدت علي ياجلدي؟!
ماهذه الخيانة؟!
فينطق أمامك بكل ثقة وبكل حيادية ليقول لك:
أنطقني الله الذي أنطق كل شيء..!
عندها لن تستطيع فعل أو قول أي شيء وستكتفي بالصمت حتى يتم تحديد مصيرك في نتيجة لا تقبل فيها إطلاقاً أنصاف الحلول فالمسألة عظيمة إما إلى جنة أو إلى نار.
بقي أن أقول لك شيئاً:
الكل سيتخلى عنك يوم القيامة..
أمك،أبوك،أخوك،صاحبتك،بنوك،أصدقاؤك الكل الكل سيتخلى عنك وتبقى في دائرتك أنت فقط وبالمثل العامي نقول (من زندك ولا مت).
أخيراً حاول أن يكون جلدك شاهداً لك لا عليك أمام الله ولاتحاول التخلص منه والانسلاخ عنه في الحياة لأنك لن تستطيع ذلك فبغض النظر عن الألم ستموت في لحظتك لذا سخره لأن يكون معك (فما حك جلدك مثل ظفرك) وما (شهد عليك شاهد قريب أقرب منك لك إلا جلدك).