يقظة الأزمات
بقلم الكاتبة / أبرار القحطاني*
خلف كل أزمةٍ أبواب مشرقة ، وآمال متطلعة وطُرق نظنّها مُقفلة ، ولكنها هي البداية التي يكون منها الانطلاق ،والسمو والرفعة ،
إنِّ لوجود الأزمات فتحٌ لمداركنا، وتبصير لقلوبنا وعقولنا ، لتُعيد تجديد تفكيرها وتأملها في واقعنا ،لتذكرنا بأنّه لامجال للمستحيل ، وأن الأحلام وإن كبرت قد تكون حقيقة تقر العين منها، وأن المشكلة وإن كبرت ستزول بإذن الله ،وسيفتح الله حلولاً عجزنا عنها في رخائنا .
وإن من محاسن الأزمات أنك ترى وتعلم أن لا كبير ولا عظيم إلا الله فتجد نفسك متضرعاً ذليلاً بين يدي العزيز تطلبه حاجتك ، وتُخبره سِّرك،وتشكو إليه همك ، وتطلبه عوناً ومعيةفإذا بالرب تبارك وتعالى يهديك لآراء سديدة ،وطرق كنت تظنها مستحيلة
فكم من أزمة قربت بعيد ،وباعدت عدو، ونصرت مظلوم ،وأحييت ضمير ،وأقامت من مبادئ العدل نوراً ونبراسا ،ومنهجا وتبيانا ،،
إن للأزمات حلاوة وإن عليها لطلاوة ،منها جعلت يوسف عليه السلام ملكا عظيماً ،،وأقرت عين أيوب بفرجٍ كبيرا ، وآتى الله سليمان علماً وحكمة فَسُخرت له رياح تجري بأمره ،،
تلك هي الأزمات تأتي فتُضعفك ،وفي خفاياها إنطلاق قوتك ،وبيان معدنك ،ليتحقق بعدها آفاق مارجوت، وأنت الذي كنت تردد، يالله لاحيلة لي فأعطاك الله الحيل ، ومنحك الفرص ،وأنت الذي كنت تردد خوفك من رحيل من تحب فا آمان الله روعك وطمئن فؤداك وآتاك سؤلك،
فلا تخشى ماتكرههُ نفسك فإن لنا فيما نكرههُ خيرا وفيما نحبه شراً فدع قلبك لله((وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة
استعن بالله ثم اسعى وابحث واتبع سببا ،فإن الله يُحب أن يراك مؤمنا قويا ،تهزم ضعفك ،وتقويّ عزائمك..
تبكي وتضحك ،تضعف وتقوى ،تُخطئ وتصيب، لذا لا تفقد الأمل وتقول ضاعت الفرص ،وقلت الحيل ،وتندب حظك ،بل تعلم أن في خفايا الأزمات يقظات يُدركها الفطين ،ويسعى لها النبيل ، وماخاب عبداً تدارك أزمته ،وفتح أبواب الحياة له ،وقال أنا لها مستعينا بربه ،واثقاً بنصره ،مقدماً بنفسه ،متحدياً لكل فشل يُواجهه منتصراً بعد كل هزيمة ، ولسان حاله ،أبشر فإن الأزمة ستمضي