حرب الفيروس والمفهوم الخاطئ
بقلم الأستاذ / محمد بن إبراهيم الذيب*
في سعي دول العالم أجْمَع لمواجهة فيروس كورونا نسمع بين الحين والآخر من يقول توكل على الله ولا يهمك الفيروس !! (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) !! كيف تتعطل مصالح المسلمين من أجل فيروس!! كيف نعصي الله بترك الجمعة والجماعة من أجل فيروس!! أين ايمانكم بالله!! أين إيمانكم بالقضاء والقدر!! إلى آخر ما نسمع من كلامٍ إنشائي يخلط الحق بالباطل ويستشهد بالنصوص الشرعية في غير محلها أو يأخذ طرفًا منها ويترك طرفاً، وأوقعهم في هذا خليط من الغيرة على الدين وشعائره مع جهل بفقه الكتاب والسنة والأصول التي بنيت عليها.
جعل الله الأسباب التي نتوصل بها إلى الغاليات، فلا وصول إلا بهذه الأسباب .. فمثلا: العمل الصالح سبب للوصول إلى مرضاة الله، والإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبب في حصول شفاعته، والتجارة سبب في حصول المال، والزواج سبب في حصول الذرية، وهكذا هي الحياة لابد من بذل السبب للوصول إلى النتيجة المرجوة؛ فلا يقول عاقل توكل على الله وسيحصل لك ما تريده دون بذل الأسباب!!
فالتوكل الصحيح، إنما يكون مع الأخذ بالأسباب، وبدونها تكون دعوى التوكل جهلا بالشرع وفسادً في العقل، قال عمر ـ رضي الله عنه: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وفي حرب فيروس كورونا ومواجهته علينا أيضاً أن نأخذ بأسباب الوقاية متوكلين على الله متعلقين به في زوال الغمة ومن أهمها التباعد الاجتماعي بلُزوم المنازل، وترك الاختلاط للحد من انتشاره، ومن ذلك ما أفتى به أهل العلم من إيقاف الجُمَع والجماعات، والاكتفاء بالصلاة في البيوت لحين زوال الخطر، تحقيقاً لحفظ النفس الذي جاءت به الشريعة .. فلا انتصار في هذه الحرب إلا ببذل الأسباب الدينية - دعاء وتوبة وذكر لله ..- والأسباب الدنيوية – التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي وغسل اليدين بعد الخروج ولبس الكمام عند الحاجة .. -.
اللهم ارفع البلاء عنا وعن المسلمين واشملنا بعفوك ورحمتك وإحسانك يا كريم واهدنا سبل السلام وسلمنا من الأمراض والأسقام إنك سميع الدعاء.