زهرة التوليب وأعزوفة الناي
بقلم الكاتبة / أمجاد الحارثي *
صوت الصدى يردد موسيقى متسلسه بالنغمات تعلوا تارة وتنخفض تارة اخرى ،نغمات متداخله تخرج من قلب إنسان ومن آلة ناي على ضفاف النهر أمام الصخور المتناثرة يجلس فتى الريف يعزف ألحانه و يردد كلماته أمام ذلك المنظر البديع الخلاب النهر والبستان ووالورد والأشجار وكأنها يبادلها احاسيسه ومشاعره .
بعدما انتهى من عزفه بالناي وقف وتأمل الجبال التي تحولت لجليد من الثلج ونظر حوله ورأى كل شيء أبيض مع قليل من الزهور التي تنمو في هذا الجو البارد والناس في بيوتهم ماكثين من شدة البرد متدفئين حول النار .
كان يتأمل كل شيء حوله بعينان واسعتان لم يحس إلا بحبات الثلج تتساقط رفع رأسه وإذا بحبات كثيرة تتساقط بعضها ورى بعض وكأنها تتسابق للوصول للأرض التي ستضمها كان منظرا ً رائعاً جعله يعود إلى العزف مرة اخرى وهكذا تم واقفاً ايعزف ألحانه بين برودة الطقس وهطول حبات الثلج لم يشعر بشيء سوى بأحاسيس دافئة تخرج من عزفه للناي جعلته ينسى ارتعاشه من البرد فكانت ألحانه تكفيه كي تدفيه .
مر اليوم هكذا يسمع الطبيعة لحنه، غزول الشمس الدافئة تخرج على تلك المناطق الجليدية بصعوبة بالغه تضيء شيئاً من قنديلها على تلك الاراضي فيظهر لمعان الجليد و يحلق الطير في الفضاء يستنشق الهواء النقي ويقف ذلك الفتى من جديد في أعلى قمم جبال قريته كي يعزف لحنه على مسامع الجبل لعلى الألحان توقظ أميرته النائمة وتستجيب له قال:
أشتقت إليكِ
كالنحلة والزهرة
أشتقت إليكِ
كالغيم والمطر
أشتقت إليكِ
اني تائه من دونكِ
كطائر فقد جناحيه
اني افتقدكِ
كأفتقاد ذلك الطائر لجناحيه
لتحليقه في السماء
افيقي،يازهرتي لعلى جمالكِ
ِ يلامس قلبي ويطمئن روحي بكِ
ياوردة التوليب
ياحلوة وفاتنه
يازهرة ووردة فواحة
استمر الفتى على عزف ألحانه على صوت الناي كي يطرب الكون بنعومة صوته وفي مقابل الجبل حقلاً من زهور التوليب ينمو في الجو البارد بعدها امطرت الغيوم الثلوج وحل الليل ببرودة وغنى الفتى أغنية أخرى
غيم أجتمع في السماء
اهطل حبات الثلج
ياحبات الثلج
رفقا بحلوتي وردة التوليب
كوني خفيفة عليها
لامسي بتلاتها بحنان
علها تخرج شيئاً من جمال ميسمها
واستنشق رائحتها العطرة
كي تعود روحي من جديد بالأمل
والحب تغمر نفسي وأيامي
بدأت زهرة التوليب تتفتح بتلاتها رائحة ميسمها رائعه تبعث الراحه ألونها زاهية مابين الاحمر والاصفر ازهرت جميعها مرة واحدة ببطىء ايقظتها نغمات الناي وأغاني الفتى كانت تتفتح بخجل أعدادها كثيرة ملئت الجبل طولا وعرضا حمراء صفراء كعرائس في حفل ملكي بدأت تستجيب لبرودة الجو وتفتحت وامتلىء المكان برائحتها الصافيه عطراً وأجمل عطر! إنه عطر زهور التوليب
فجأة انبثق الشفق القطبي في السماء بألوانه المتدرجه مابين البرتقالي والاحمر في قمة الجمال يعكس ألوانه على زهور التوليب شاهد الفتى المنظر فبدأ قلبه يتراقص حُبًا وسعادة فقال:
عيني تناظركِ
وقلبي يتراقص حُبًا
وناي يعزف ألحانا
وها أنتي كأميرة خجولة
تفتحت بتلاتكِ النعاسه
بقطرات الندى المنعشة
أراكِ بقلبي قبل عيني
كسرب الأوز انتِ جميلة
والشفق القطبي رحب بكِ
ِ بأنوار ألوانه وكأنه يهتف اهلاً بكِ
ِ ووتراقص اضوائه في السماء
كي أغني أنا وأعزف أحلى الالحان
كي تعلمين أنكِ نادرة بقلبي
يا حلوتي يا زهرة التوليب.
هكذا هي الاشياء حولنا جميلة تلامس احاسيسنا وتبهج النفوس ،وبعض الذكريات لا تموت تظل حية في قلوبنا ،الصبر يزرع بقلوبنا زهورًا من الفرح لكل تلك الأشياء التي ننتظرها وما أجمل حقول الزهور فإن لها عِطرًا رائعًا كلما شممناه واستنشقناه جدد لنا الذكريات والاحاسيس ❤❤
* زهرة التوليب الجميلة ، كاتبة من عُمان