أقدام الهوس الستة
بقلم الكاتبة / سميه الزهراني*
شاشة التلفاز الزرقاء تومض وتنطفئ، وكأنها ترسل رسالةً بشفرة موريس، أنطفئ بدوري و أغرق في اللون، أفكر في حدودنا المربعة المتمثلة في جدران، في ألوانها التي صارت -من دون قصد- هي ألوان الحياة.
هذه الأيام تسير بوتيرة أبطأ، ربما يعود السبب إلى القلق الذي يحمله الجميع، المخاوف التي تريب الواحد منا تلو الآخر، نتساءل في تهكم عم إذا كانت نهاية العالم وشيكة، وكل منا يردد السؤال للآخر، قائمين بمهمة الصدى، لكن الموت لا ينتظر إيجادنا للجواب، قليل من الحمى والسعال كفيلة بإنهاء حياتك وإيقاف آخرين في طابور الانتظار -الذي لا مسافةً اجتماعيةً فيه-.
لطالما كان الموت حولنا، لكنه بات أكثر وضو ًحا، أو على الأقل هذا ما أعتقده نيابةً عن الناس من على هذه الأرض المجروحة.
هنالك رائحة منتشرة في الهواء، ليست رذاذ الكحول ولا لزوجة المعقمات، لا ولا المنظفات.. لعلها رائحة الفزع. كما ينتشر صوت التكتكة بدوره بين ذرات الهواء، يقول أحدهم: "حين مددت يدي التقطت ساعة" وحين جربت كان الفراغ ما أفزعني، لا صوت في عالمي ولا ضوء، كل شيء فقد وهجه، إنها متلازمة؛ العزل جعلها أكثر وضو ًحا.
لكن "السوشال ميديا" تجاهد لإظهار العكس، تصيبنا بالغثيان، ينبئ كل بي ٍت بأنه يود لو يبتلع أصحابه لينعم بالهدوء ويحول بيننا وبين المبالغة في اظهار الإيجابية والسعادة.
بينما أجدني أمام تلفازي أكتب عنهم وعن الموت وعن الوسواس القديم فيني، إذ أنني ومن قبل كل هذا كنت أراعي "الأقدام الستة" وأجمع علب المعقمات وأرفض اختيار لو ٍن للحياة.