الرباط المقدس
بقلم الكاتبة / سلوى بادبيان *
وحدهم من احتلوا المساحة الأكبر في قلبي
ضحكاتهم كفيلة ببعث روحي من جديدة كطفلة صغيرة ترقص فرحًا لقدوم العيد
حزنهم يكسر قلبي ويحوله لركام أعجز عن تجميعه كي ينبض من جديد
فكل نبضة في قلبي تصرخ أحبكم
يا من تشاركتم معي ذات الرحم .. وذات المنزل الدافئ بشقاوتنا صِغَارًا وضحكاتنا وحبنا كبارًا ، تقاسمنا رغيف الخبز وحلو الأيام ومرها ، تقاسمنا حتى ملامح الوجوه التي تشبه بعضها البعض لتعلن للجميع أننا إخوه دون الحاجة لقول ذلك
أغمض عيناي كل يوم وأنا أتمتم يارب في ودائعك من هم لقلبي حياة ولعيناي نورًا ولجسدي روح ، فتخرج من عيناي دمعة الخوف من فقدانهم
إخوتي هم الحياة لحياتي ، كل يوم أكبر فيه أدرك حقيقة واحدة أن لا عِوَض لفقدان الإخوة ، هم السند الذي لا يميل ، ونهر الحب الذي لا يجف ، هم الأمان والقوة والعز
في القرآن الكريم قالها ربنا عز وجل : ( سنشد عضدك بأخيك )
لم يختر الله لشد العضد إلا الأخ لإنه لا يمكن أن تسند ظهرك بكامل قوتك وهمك وتعبك على أحد دون أن تخاف أن يخذلك إلا الأخ ، نحن عندما نسقط تخرج منا كلمة واحدة (أخ)نظنها تخرج من ألستنا ولكنها في الواقع تخرج من عمق قلوبنا (أخ )
لذلك حينما كلّف الله موسى بمهمة الرسالة لم يجد سندًا يتكىء عليه في هذه المهمة الصعبه إلا أخيه فالإنسان يكون ضَعِيفًا حتى يشد الله عضده بأخيه فبه بعد فضل الله يقوى وتصبح كل مصاعب الحياة هينة
( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهلي * هـٰرون أخي * اشدد به أزري )
عميقة هذه الآية ( اشدد به أزري)
كأن أرواحنا من ثقل الحياة ترتخي وتكاد أن تسقط لو لا وجود الأخ الذي يشدها ويعينها
ليكون عضد ووتد نَثْبُت به على الأرض ونقف بصمود لا نخشى معه الإنكسار
قالها يوسف عليه السلام من قبل لأخيه
( إني أنا أخوك فلا تبتئِس بما كانوا يعملون )
كيف يبتئس من له أخ
إنه الاخ ضماد لكل ألم ، جبر لكل كسر ، فرحة بعد كل حزن
أما عن قلب الأخت ماذا عساي أن أقول ؟
فهي القلب المصغر من الأم ، نسمة اللطف في هذه الحياة القاسية
فحينما أرادت أم موسى أن تطمئن على ولدها لم ترسل أحد يتقصى خبره لها إلا أخته ( وقالت لأخته قصيه ..... )
هذا هو دور الأخت دومًا تتحسس إخوتها وتتفقد أخبارهم وتساعدهم بلطف دون أن يشعروا ، حتى حديثها مع ربها دومًا عنهم
لا أنسى أبدًا ذلك اليوم الذي أُدخل فيه أخي للمستشفى لإجراء عملية وحينما خرج من غرفة العلميات أطلق أنين توجع وصل ألمه عمق قلوبنا حينها لم تتمالك أختي نفسها وأغمي عليها من فرط إحساسها به وكأن لسان حالها يقول توجع أخي فسكن ألمه جسدي قبل جسده
الأخت جنة ، والأخ وطن وبهما تحلو الحياة ويزدانُ العمر
حتى عندما ذكر القرآن الكريم المثال السلبي للأخ
ذكر ندم الإخوة على ما فعلوه بإخوانهم
فإخوة يوسف في نهاية المطاف اعترفوا بخطئهم وأظهروا ندمهم
( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)
وابني آدم أيضا ندم المخطىء منهم
(قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِىَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّـٰدِمِينَ )
لإن الفطرة السليمة تقول أن المشاعر بين الإخوة لا تكون إلا بتبادل المحبة والرحمة
فالإخوة هم الشمس المشرقة وسط ظلمات الحياة ، هم الرباط المقدس الذي لا ينفك أبدًا
همسة محب :
لو دكتك الحياة دكًا دكًا لا تبحث في دهاليزها الضيقة كثيرًا عن معين فقط تمسك برباط الإخوة سيعيدك الله به من جديد ، ستجبر إنكساراتك وسيزهر بهم عمرك وردًا و ياسمين
1 ping