بائع الورد وبائع الكلام
بقلم: الأستاذة/ أمل حسن جلال.*
كلاهما يعرض سلعته، وكلامها يطمح للمزيد .. كلاهما يبهر وكلاهما يسحر..
فبائع الورد يدهشك بالألوان ويبهرك بالأشكال والروائح النفاذة منها.
وبائع الكلمات يدهشك بوصفه وتعبيراته ويبهرك بالشعور والمدائح الأخاذة فيها.
الأول يريد مكاسب مادية مجزية ليفتح آفاقا ويحقق طموحاتٍ لا تنته، ولربما يسد احتياجاته واحتياجات أسرته..
والثاني يريد أن يحقق مكاسب معنوية ملفتة ربما يبحث عن أمان يحط رأسه ويرتمي على صدره أم يتملق ليصل أم يكذب لينال ما ينال من منصب أو شهرة أو مكانة سامية في قلب ما.
كلاهما يمنحنا الجمال ويعرضه بطرائق مختلفة فنلمس الوريقات ونستنشق شذا الروائح الجميلة فتفوح في الأرجاء، ويفوح الكلام في الصدور فتجد القلب يزهر ويثمر توائم الحبور ونلمس الكلمات التي تهزُّ الوجدان وتفعل مالم يكن بالحسبان حتى أننا نتمنى أن نرتمي بين صدر المحبرة والأقلام فنضع رؤوسنا على صفحات الحياة لتتساقط همومنا مع كل وردة أو كلام.
لكن هناك وعلى بعد فوق هامة الحروف والصدور والعقول جراح كثر...
وخلف تلك الكلمات المغلفة زيف شعور يكسر داخل أعماقنا السعادة ويجعِّد الثقة فتخرج الكلمات تفوح نتن الكذب متعفنة تصدأ بالزيف لنيل منصب أو شهرة أو شهوة عابرة لا تلبث بضعا من الدقائق وتعود بندم حياة.
لذا علينا أن نرتدي مظلة الحذر فليست كل وردة رائحتها جميلة وليس كل كلام مقصده نبيل ربما نشمُّ وردة فنرميها في سلة المهملات غير مبالين للونها أو شكلها وهكذا الكلام قد يُقال ليأخذنا لعالم الزيف والأوهام..
فليس كل كلام صحيح كما أن ليس لكل زهرة عبق ورحيق..
دمتم حذرين لا تستهويكم أقوال بلا أفعال لتبرهن صدق قائليها..
* تربوية - كاتبة سعودية