جدتي المتعلمة المثقفة.... وانا الأمية في بحر علمها !!
هنيئا لكِ أم اليتامى !
بقلم الكاتبة : دلال القحطاني*
من هي تلك المرأة ؟؟!.. تلك التي سبقت جيلها بعمررر..
كلما ازددت علما … ازددت جهلاً بعلمي!!
اكتشفت بعد هذا العمر...
وكعادة بعض الاكتشافات المتأخرة دائما:
أن جدتي-رحمها الله -هي المتعلمة و انا الأمية !!
كبرت وما زالت ذكريات الطفولة عالقة في ذهني حتى يومنا هذا، تلوح بالذاكرة ويمرني الحنين على مهل.. ..
يوما ما .. عندما أعود من المدرسة ويوم دراسي حافل واستبدل ملابسي على عجل للحاق بوجبة الغداء مع جدتي لأبي رحمها الله ..
فقد كنت من عشاق ذلك الأرز الأبيض(ابو بنت) الناضج جداً واضافة اللبن الطازج وقليل من السمن البلدي اللذيذ الذي صنع بحب..
بيد أختي الكبرى التي نذرت نفسها لخدمة جدتي براً بها وبأبي رحمه الله . فقد كانت أمه مثالًا عظيمًا للتضحية حين ترملت مبكراً و ربت عدد من الابناء و ابنة واحده لهم .
لن أنسى ما حييت طعم ذلك الأرز الناضج اكثر من المعتاد و الذي يذكرني بطفولتي وجدتي ورائحة عبق الحنين للماضي الجميل ، وكأني أراها تمشي الهوينا وبيدها إناء ماء للوضوء كما اعتادت رحمها الله
وصدى يذكرني بصوتها و سؤالها لي مراراً وتكراراً : ماذا يعلموّنكم في المدرسة عن أم اليتامى؟
و لصغر سني ومحدودية علمي آن ذاك كانت اجابتي قاصرة .. وأقول لا شي!!
فتكرر السؤال وهذه المرة بصيغة اخرى:
ماذا تدرسون في كتب الحديث والدين عن الأم الشابة الأرملة التي تربي ايتامها ولا تتزوج بعد وفاة زوجها؟
و تخيّب آمالها اجابتي مرة اخرى !!
فتقول الا تدرسون الحديث الشريف ؟ أقول بلى .. فتقول ماذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام عن أم الأيتام واحاديث اخرى رددت بعضها على مسامعي فلا اعرفها ؟؟!! فصدمتها اجابتي و انا اقول ببراءة الأطفال لا يوجد مثل هذا الحديث..
وكلما تقدمت مرحلة دراسية اخرى تعاود سؤالها لي مجدداً لعلها تجد اجابةً !! ووصلت المرحلة المتوسطة ومازال سؤالها لي دون اجابة.
يومها كنت ابحث عن سؤالها في مكتبة المدرسة ولم اجد اجابه، وخجلي آن ذاك يمنعني أن أسأل معلمة الدين.
وقتها لم تطرق التقنية أبوابنا و لم يدخل الانترنت بيوتنا و جيوبنا وحياتنا و ينيرها كما انارتها الكهرباء وكما هي الكهرباء قد تنير بيوتنا وشوارعنا ولكن قد تتسبب كثيراً في حريق بعض البيوت والحياة والأرواح .. ايضاً الانترنت فعل ذلك بالرغم من فوائده الجمّا إلا أنه لا يخفى على الجميع ما له من أضرار.
وقتها لا توجد مكتبات رقمية ولا كتب الكترونية ولم يكن العم قوقل معروفاً للكثير يساعدني في إيجاد إجابة لسؤالها.
وحتى بعد أن اصبحت التقنية والانترنت في متناول الجميع مازال الجهل يخيم على عقول البعض ومازالت هواتفنا تتناقل كثيراً من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمكذوبة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
دون أن يكلف البعض نفسه عناء البحث عن صحة الحديث او المعلومة.
وماكنت أعلم حينها أننا نحتاج أن نكبر للنضج ونثري حصيلتنا الدينية والثقافية والعلمية واللغوية وغيرها بأمهات الكتب في الدين والادب والتاريخ والسيرة والادارة والعلوم وشتى المجالات لنرقى الى ما تعلموه الاميين وما حِفر في ذاكرتهم وما تعلموه في الكتاتيب وعند شيوخ العلم في عصرهم آن ذاك.
ماذا ينقصنا نحن المتعلمون..!!؟؟
رحمك الله يا جدتي ورحم الله والدي واخواني وكل غالي فقدناه. وموتى المسلمين.
فقد كانت جدتي أميّه ولكن تفوقني علماً .. اكتشفت ذلك.. مؤخرا على كبر... أكتشفت ان ما ندرسه وما نتعلمه غير شامل و لا كافٍ وأننا نحتاج المزيد من المعارف والعلوم لنتعلم الكثير في ديننا و دنيانا.
تأخرت عمرًا لاأعرف ما تعرفه جدتي اكثر مني أنا المتعلمة..
يومها بكيت كثيرًا .. بكيت بحرقةٍ وترحمت على جدتي كثيرًا وأنا أقرأ كتاب (حادي الارواح الى بلاد الافراح )..
عندما شدني العنوان يوماً ما واشتريته .
و ما فتأت حتى اليوم أنقل البشارة واستشهد بقصة جدتي لكل أرملة شابة آثرت البقاء مع ايتامها وحرمت نفسها من الزواج في سبيل تربية ايتامها فهنيئاً لهم تلك المكانة وعوضهم الله العوض الجميل
وجدتها!!!!
اخيراً وجدتها ...تلك الاجابة التي اعجزتني عمراً
وجدت ظالتها اخيرا?
وجدت في الباب الخامس والعشرون :
ذلك الحديث الشريف الذي طالما سألتني عنه على أمل أن تسمع البشارة من رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام
● في الباب الخامس والعشرون (اول من يقرع باب الجنة) عن أبي هريرة رضي الله عنه روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال أنا أول من يفتح باب الجنة الا أن امرأة تبادرني فأقول لها مالك ومن أنت ؟ فتقول أنا امرأة قعدت على يتامى)..
ياالهي ...
سبحان الله الذي أكرمها لمعرفة دينها بالرغم أنها كانت أمية، ولكن تعرف ما وعدها به الله سبحانه وتعالى
مكافأة لها على صبرها وترملها وهي شابة وتربيتها لأيتامها (والدي وإخوانه رحمهم الله جميعا) واخته عمتي أطال الله في عمرها.
فهنيئا لك يا جدتي تلك المنزلة التي بشّر بها رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنك اول من تسابقين الرسول الى باب الجنة جمعنا الله بك ووالدينا في الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين والمسلمين اجمعين
في هذا الكتاب سبعين بابا من الجنة واختلاف الناس في الجنة و درجات الجنة وأعلى درجاتها
أسماء الجنة ومعانيها وعددها وذكر أبوابها و خزنتها
وأول من يقرع باب الجنة
وأول الأمم إلى الجنة و أصناف أهل الجنة و في سباق الفقراء والأغنياء في الجنة ومن يدخل الجنة بغير حساب ولا سابق عذاب
وذكر الجنة وغرفها وقصورها ووصف أهل الجنة و أعلاهم وأدناهم وريح الجنة واشجاراها وثمارها وانهارها
و لباسهم وذكر نساء الجنة وخدمها وذكر مطايا وخيل الجنة وفي رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم جهرةً كما يرى القمر ليلة البدر وتجلى لهم ضاحكاً " الله " سبحانه وتعالى.
فيارب ارزقنا الجنة وما قرب اليها من قول وعمل ووالدينا والمسلمين اجمعين.
كتاب انصح به ان يكون في مكتبتكم وكلما ازددتم شوقا للجنه أبحروا بين صفحاته وحلقوا بأرواحكم بين السموات والأرض وادعوا ربكم يستجب لكم.
من ذاكرتي :
دلال القحطاني
١٢ ذو القعده 1440 هـ
3 يوليو 2020 م
* مدربة ومستشارة في الإدارة والتطوير المهني
2 pings