الحياة فُرص.. من بينهما فألنا الحسن.
بقلم الكاتب / صالح هليل*
قد نُصيب مرّة، ونخيب ألف مرّة، وبين الأمل والخيبة يبدأ لدينا شعور يكبر يومًا بعد يوم، يسمى التوقّع، تمامًا كما في أحداث مسلسل ما نشاهده، نتوقع ما سيحدث للشخصية المفضلة، هل ستفشل؟ أم أنها ستنجح هذه المرة؟
لكن!
ماذا لو أضحينا نقوم بالتوقعات في كل خطوة، والأسوء؛ أن ذلك التوقّع يكون دائمًا بالشكل السيء..
مثلًا حين يركب أحد سيارته، يتوقع قائلًا: ماذا لو إنقلبت بي السيارة؟
وحين يُراجع الطالب، يتوقع جازمًا: قد أرسب بلا شك، فالمعلم شخص صارم.
وغيرها من الأمثلة التي قد تساور شعور أي شخص فينا، ولا ننكر، فقد فعلناها مرة ومرتين، حتى لم نعد نشعر بأنفسنا..
لكن ماذا لو أخبرتك عن مساوئ هذا، ولنبدأ بالجانب النفسي، ذاتك هي مرآتك، كلما شحنتها بالعبارات السلبية إلا وستعطيك حصاد نفسك، عقلك الباطن ما هو إلا صفحة تملأها، فالشخص الذي سيتوقع أن سيارته ستنقلب، هناك مؤشرات كثيرة لأن يحدث ما فكر به، لأنه يرسل لعقله إشارات تنم عن ذلك..
في النهاية سيكون يومك مليئًا بالتكدّر، والاكتئاب والمشاكل وتكون مغناطيسًا لكل ما توقعته أنت فقط..
لنمر إلى أهم جانب محوري في الحياة، والذي يعتبر الشامل لكل مناحي الحياة، ألا وهو الدين الإسلامي الحنيف، والذي لخّص لنا هذه المشكلة في ثلاث كلمات:
- "تفاءلوا خيرًا تجدوه"
لخّص الدين كل المعاناة التي قد تجده في توقعاتنا السلبية، والتي قد تسقطنا في التطير والفأل، وعدم حسن الظن بالله،
ولنرجع لسنتنا النبوية فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل الحسن، لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال..
بل هنالك من اعتبر أن الفأل الحسن كان علاجًا ناجعًا لاكتئاب الرسول صلى الله عليه وسلام، فالتشاؤم ما هو إلا حزن ويأس، وضيق صدر.
اليوم الجيد هو الذي يبدأ بحسن الظن وحسن الفأل، بدل أن تتشاءم حاول أن تكون إيجابيًا قدر الإمكان، أن تركب سيارتك وتقول ستكون الطريق سهلة، والله سيسهل كل شيء، وعند الامتحان سيكون من الأفضل قول إنه سهل، والله لن يضيعك مهما كان صعبًا.
الفأل الحسن هو المعتقد التي يجب حاليًا أن يُزرع من جديد في مجتمعنا العربي بسبب المرجعية الدينية التي نملكها، لكن للأسف نجد أن لغة التشاؤم أضحت مستفحلة في أحاديثنا، كلها تشاؤم وقبح وعدم واقعية، نعلم تمام العلم أن الحياة بها أوضاع سيئة، لكن هل حتى مشاعرنا يجب أن نجرها، حتى الغراب الذي كان رمزًا للتشاؤم قد يقف حائرًا من فألنا التشاؤمي..
علاج هذا بشكل بسيط، هو الابتعاد عن لعب دور الضحية، والحديث كأن أسوء حال هو حالك، نحن بشر، والله خلق لنا التكيّف والتجاوز، الحل أن نكون مسؤولين، متفائلين، وعالمين يقينًا، أنه كلما تفاءلنا إلا وزادنا الله رزقًا وعطاءً.
* اخصائي اجتماعي