الطلاق العاطفي
كيف تُنعش احتضار علاقتك الزوجية؟
بقلم الكاتب / صالح هليل*
الطلاق هو أبغض الحلال، فيه تنحل الرابطة الزوجية، ويرحل كل طرف في حال سبيله، وتنقطع الروابط، ما عدا إن كان بينهما أطفال وسبق وان كتبت عنه في مقال (انفصال الزوجين.. مشكلة تتعدى البيت إلى المجتمع).
لكن!
ماذا لو أخبرتك عن نوع من الطلاق لا يكون بانحلال هذه الرابطة بشكل شرعي أو قانوني، بل يبقى الطرفان في بيت واحد، وتحت اسم واحد، ويكون بينهما نوع من البرود والانعزال، وغياب الرضا والحب.
هذا ما يُسمى بـ(الطلاق العاطفي)، هي علاقة زواج بين طرفين لكن بشكل يميل للفردانية، والفتور ونوع من السخط الصامت، قد يبدو هذا الطلاق من أول وهلة سهل التجاوز، عكس الطلاق العادي، بيد أنه أصعب وشديد الوقعة بين الزوجين، فبمرور كل يوم إلا وتستهلك مشاعرهما أكثر، وتستنزف الطاقة دون أي نتيجة.
قد تبدأ مظاهره بالتجلي عبر هجر كل شخص للآخر، حتى يتم فقدان المودة، بل حتى المحادثة بينهما قد تنقطع، ويصبح كل منها آليا يأتي للبيت للأكل والنوم، واقتسام الأعباء كالنفقات، وهما أعلم بما يجري بينهما، رغم أن علاقتهما قد تبدو في غاية اللمعان والتفاهم بالنسبة لباقي الأشخاص والمجتمع.
نتساءل فعلًا: ما الذي يوصل شخصين قد بدءا علاقة زواج مُقدّسة إلى هذا الحال؟
يبدأ ذلك بأمر شبيه بقطرات تتحول لفيضان قاتل يجر معه ضحاياه، أول قطرة هي معضلة الصمت الزوجي، ألا يبوح كل منهما للآخر بما يألمه، كالزوج الذي لا يتحدث عن مشاكله في العمل، أو الزوجة التي تكتم مرضها عنه، قد يكبر هذا الأمر إلى البحث عن علاقات أخرى خارج البيت، قد تؤدي إلى علاقة غير شرعية ترخي بظلالها الوخيمة على المجتمع.
في حالات أخرى قد تتجلى الأسباب في فتور الحب الذي ينعكس على العلاقة الجنسية، وأيضا يتسبب ذلك بأضرار نفسية، أو قد تنتقل الأسباب للتذرع بأن المجال المهني للطرفين أو حالتهما الاجتماعية غير متوافقة، تلك الثغرة تبدأ بالتوسع يومًا بعد يوم، لتؤدي إلى ما أشرنا إليه.
نقف هنا وقفة متأمل من أجل الوصول لحل يؤمن العلاقات الزوجية، لأن تفاقم وانتشار الطلاق العاطفي، لن يكون محمود الآثار، بل قد يأخذ بالعلاقات المجتمعية للحضيض، ويعمق الشرخ بشكل أعمق، باعتبار أن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأولى والتي يقع عليها تنشئة الأجيال تنشئة تعلي من شأن الوطن.
لكل هذه الارتباطات يبرز دور بل وأهمية المرشد الأسري أو الأخصائي الاجتماعي، باعتباره حلقة قوية من أجل الوقوف على هذه الاختلالات الزوجية والأسرية، وكذلك باعتباره فاعلًا اجتماعيًا يربط بين المجال النفسي والاجتماعي.
خاصة أن الأخصائي الاجتماعي، يجمع بين العديد من الصفات التي تعتبر نقاط قوة، مثل السرية التامة، وسعة الصدر في حل المشاكل، النضج الفكري والتوازن الانفعالي، خاصة أن الأخصائي الاجتماعي يصب همّه الأول للمصلحة العامة والأسرية دون المصلحة الخاصة1.
وبغض النظر عن أي مشكلة، أهمية الأخصائي الاجتماعي تنمو بشكل كبير، ويكاد دوره يغطي جميع مناحي الحياة، خاصة أنه يساعد على التعرف رغبات كل أسرة، وحاجاتهم الأساسية2، فمثلًا يمكن تجاوز معضلة الصمت بين الزوجين، عبر الجلسات مع الأخصائي أو المرشد يمكن أن يعرف كل منهما مشاعر الآخر، وتوضع الآراء، وهذا بلا شك سينقذ العلاقات من الفقدان النهائي.
قد تكون رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة أولى، وتدخل الأخصائي الاجتماعي من شأنه تجديد العلاقة وإضفاء صبغة جديدة عليها.
من أجل أن تعاد العلاقة، لنفكر في جمال البداية، كيف تم التفكير بالسعادة مع الطرف الآخر، لا تقل إن الاختيار لم يكن موفقًا، بل فقط المواقف وسوء الفهم هو من فاقم البعد، قد تُحل العديد من المواقف بكلمة طيبة.
لكن تبقى أول عقبة هي مدى وعي الأزواج بعلاقتهم والمدى الذي وصلوا إليه، كيف لك إنقاذ العلاقة وأنت تجهل ما يحدث بالفعل!، لا تتجاهل الطرف الآخر، سواء الزوج أو الزوجة، قد يكون الصمت في بعض الأحيان مؤلمًا، ومضرًا نفسيًا للطرفين.
تبقى إنعاش العلاقة رهينة بيدنا نحن، نحن فقط من باستطاعتنا إنعاش علاقاتنا من جديد وإنقاذها من الموت المحتم، لأن علينا عيش حياة واحدة فقط، حياة دون ندم.
*أخصائي اجتماعي
- ليلى قيس- دور الإخصائي الاجتماعي في حل المشاكل الأسرية- مقال إلكتروني- مدونة حياة بشرى.
- عبد القادر الرمل – دور الاخصائي الاجتماعي بالمجال الأسري.