التوحّد لا يعني الانسلاخ على المجتمع
بقلم الأستاذ / صالح هليّل*
يحلّ اليوم العالمي الخاص بمرضى التوحّد، لنجد فسحة للحديث حول هذا المرض، الذي يعتبر مرضاه جزءًا لا يتجزأ من أسس مجتمعنا.
ففي البداية يمكن تعريف المرض على أنه بقدر من الخطورة التي تؤدي باضطراب في نمو الإنسان، وتبدأ علاماته في السنوات الثلاث من حياة الطفل، ويصعب على المريض إقامة أي علاقة طبيعية مع الآخر، مما يصعب عملية اندماجه المجتمعي؟
لكن يطرح التساؤل، هل المريض يجب أن ينسلخ منه المجتمع فقط لأنه متوحّد؟
جاء تاريخ أسبوع الأول من أبريل احتفالًا بمرضى التوحّد، وهذا ما يدل إلا على ضرورة السعي الجاد منا نحن كمكونات للمجتمع من أجل دعم فئة المصابين من التوحّد، وأهمية انخراطهم في مختلف الفعاليات وإن كان الأمر صعبًا، أولًا لتهيئتهم للتعامل مع الآخرين، وبالتالي خلق أفراد منهم نافعين عبر اشتغالهم بسوق العمل.
ويذكر أن مبادرة اليوم العالمي أصدرتها الأمم المتحدة سنة 2008، ومنذ اعتباره يوما خاصا بمرضى التوحد، ازدادت الحملات الداعية لأجل هؤلاء لتحسين أوضاعهم المعيشية وكذلك النفسية والذاتية، رغم أن العلاج ليس لحدود الساعة واضحًا، لكن معظم العلاجات الراهنة تركز على العلاج النفسي والتأهيل الصحي.
إذًا ما دورنا كمجتمع اتجاه أي مريض توحّد؟
رغم ان الأعراض تجعل المريض يبتعد عن المجتمع ويرفضه، هذا لا يعني التخلّي عنه بدورنا، بل مضاعفة الجهود اتجاهه، فبالرغم من أن المتوحّدين معظمهم يعانون من البطالة وعدم انخراطهم في سوق العمل، أظهرت العديد من الدراسات أنهم يتمتعون بقدرات جيدة تخوّلهم للعمل وبقوة.
ومن بين بوادر الخير المجتمعية، أن مرض التوحّد صار شائع المعرفة، والمجتمع أصبح أكثر وعيّا بهذا المرض، وانتشرت الحملات التحسسّية بخصوص ضرورة تحسين حياة المتوحّد، طفلًا كان أم بالغًا، وأصبح المجتمع أكثر تقبلًا لمريض التوحّد كفرد لا يتجزأ منه.
وبالتالي تلخص المنظمة الأممية دورنا كمجتمع "أن نعزز كرامة المرضى ذوي الإعاقة بصفة عامة، ونشمل المصابين بالتوحّد من العيش حياة كاملة وذات مغزى".
وكل الأخصائيين الاجتماعيين يجمعون على فكرة أن الكثير من الاضطرابات النفسية تقل حدتها بشكل كبير بسبب دعم المجتمع للمريض، وبالتالي كل السلوكيات التحفيزية وعلاجات النطق، وتنمية المهارات الاجتماعية من شأنها أن تساعد المتوحّد، وبشكل كبير.
ففي النهاية مريض التوحّد جزء من مجتمعنا، ومرضه لا يعني الانسلاخ التام من المجتمع.
* أخصائي اجتماعي
1 ping