بيوت اسمنتية
بقلم الكاتبة / ميمونة العنزي*
جميعاً نعرف قصة صغار الدببة الثلاثة الذين طلبت منهم والدتهم أن يحتاطوا من الذئب، وأن يبني كل واحد منهم بيتاً يحميه من الذئب المفترس.
هذه القصة في مضمونها تحث على العمل والإخلاص وترك الكسل؛ لكن ما شدني في هذه القصة من منظوري هي نوعية البيوت التي قام الصغار بتشييدها، فتبادر إلى ذهني نوعية الآباء ومدى حمايتهم لأبنائهم.
فالبيت المصنوع من القش أشبه ببعض الآباء الذين يأتون بأولادهم للدنيا كزيادة سكانية، يعيشون كالغرباء فيلتهمهم تنين الشارع بلا رحمة.
البيت المصنوع من الخشب أشبه بالآباء الذين يعيشون مع أطفالهم، ولكنهم يحرقون أرواحهم قبل أجسادهم بأنانيتهم وعدم تحمل المسؤولية، فيقفون في مرحلة نضجهم على أعتاب الحياة بلا عدة ولا عتاد بل جروح غائرة، ينفقون أوقاتهم في محاولة لتضميدها.
أما البيت المصنوع من الحجارة الاسمنتية تماماً مثل الآباء الذين يعتبرون أولادهم مشروع تربية وإصلاح وامتداداً لأثر نافع، فحينما تشتد العاصفة يصبحون أجنحة أمان لأبنائهم، يحرصون على أن تبتسم أرواحهم قبل شفاههم، فيقدّمون للمجتمع نماذج فعّالة أينما حطت نفعت.
مشاعر الأبوة نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى حيث قال في محكم كتابه:
" يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " .
أبناءكم ليسوا للمزايدة؛ بل مشروع تربية وإصلاح، جاهدوا في تربيتهم بالصبر والحكمة.
ختاماً
كن مع الله يكن الله معك.. استفتح يأتيك الفتح..
وتذكر أن مرونة التفكير فيض من الحكمة.. قال تعالى: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا".
* كاتبة ومدربة في المجال الاجتماعي وتطوير الذات