غربلة مشاعر بين اللوم والرضا
بقلم الكاتبة / ميمونة العنزي*
في ظلام يغوص داخل أعماقنا ترتفع الأبنية حتى تثقل الأرض، نشعر بوحشة زواياها، وضيق ممراتها، وصرير أبوابها..
لحن عالق من ذكرى الماضي، حيث الشوق إلى الذكريات فارغة من كل شيء إلا نغم حزين..
هناك نتقلب في محاولة لمحاربة الأرق ونبدد هذه اللوحة التي هي صورة من عذاب الضمير وجلد الذات.
اللوم سلاح نسلطه على أنفسنا كي نرتاح من وطأة كل ما حدث في الماضي، من لحظات ناقصة لم نتمكن من أن نعيشها كما نحب، أو ننتصر لأنفسنا فيها، أو فرصة ثمينة لم نقتنصها..
وهنا مشاعر متأرجحة بين اللوم والرضا تحتاج منا إلى غربلة، كي نحرر المشاعر من سباتها، وتنطلق كي تحطم جدران الصمت وتصبح وقود يعيننا على مواصلة الطريق.
كيف سيكون الطريق الذي تسلكه؟ للأسف أنت لا تسلك أي طريق؛ بل تقف على منصة ترثي نفسك، وقد اخترت الألم والحزن خط سير لك، فترسم لحظاتك بريشة باهتة الألوان، وتختار المساحات المظلمة والكلمات المجحفة بحق نفسك وحق من حولك.
تلك الأرض المثقلة بالأبنية الموحشة تحتاج منك إلى تأمل وعزم كي تعيد تخطيطها من جديد، وتتخلص من وحشتها وضيقها، وتحولها من لوحة عذاب الضمير إلى لوحة رضا وتصالح.
كل هذا يبدأ من عقد رهان مع النفس، وإعادة برمجة التفكير، قال تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".
وتغليف الرؤية المستقبلية بالنظرة التفاؤلية، وإعادة تصميم المشهد بتخطيط محكم، وإضافة لمسات تعكس جمال الروح التي نهضت من تحت الركام.
* كاتبة ومدربة في المجال الاجتماعي وتطوير الذات