الهشاشة النفسية..لماذا اصبحنا اكثر عرضة للكسر؟
تحقيق صحفي الأستاذة: افراح الغفيلي*
تحقيق صحفي مع اكبر الشخصيات الناجحة، التي حققت إنجازات فريدة من نوعها، هي معالجة نفسية وملهمة بكلماتها، وبلسماً يداوي القلوب يرمم جراحها ويعيد بناءها من جديد.
الدكتور منيره الحرابي دكتوراه فلسفة في علم النفس الجنائي، اخصائية نفسية في العديد من الجهات ومنها جامعة الملك سعود، ومعالجة نفسيه متخصصة بمنهج العلاج بالمعنى.
تقول الدكتوره منيره تفردت وتميزت بهذه الفكرة الفريدة من نوعها، ولا احد بالوطن العربي يعالج بهذا المنهج وهو العلاج بالمعنى والذي لاقت نجاحاً به انه علاج مثالي تماماً لجراح الماضي، فالعلاج بالمعنى يتفهم هذا الألم، يتفهم الخوف من المستقبل، ويساعد على العيش بالحاضر، فقد لاقت اصداء كبيره في وقت قياسي لأنها تساعد الإنسان على التشافي ومن ثم وضع هدف ورساله مستقبليه له.
ماهي الهشاشة النفسية؟
اوضحت الدكتوره منيرة أن مصطلح الهشاشة النفسية حديث وقالت: بالبداية لابد ان نعرف معنى الهشاشة النفسية(في ايصال المعلومة يعرَّف الضد لكي يُعرف المعنى) ضد الهشاشة النفسية هي الصلابة النفسية وهي قدرة الإنسان على مواجهة تغيرات الحياة بكفاءة عالية، إذاً عكس الهشاشة النفسية؛ أما الهشاشة هي حالة من الانهيار، التوتر، المبالغة في الألم واجترار الألم مرة تلو مرة ولا كأنه خرج من منطقة الألم نفسها على سبيل المثال: لو انا لدي هشاشة نفسية وسمعت كلام جارح في العمل، فسوف انهار وممكن اترك العمل، وقد اتحدث كثيراً في المجالس عن هذا الموضوع، فأنا اجتر هذا الألم معي بدون ما أجد حلاً لذلك.
إن أردنا أن نتدارك المسألة طرحت السؤال التالي: هل الصلابة او المرونة النفسية يمكن تعويد النفس عليها! وكيف يمكن أن نحمي أنفسنا وأبنائنا من الهشاشة النفسية لنصبح قادرين على مواجهة المشاكل والصدمات ولا نجعلها تؤثر بنا سلباً؟
اجابت الدكتورة: هذا الأمر يحتاج لتدرب وتعلم، فقد قال النبي ﷺ: (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم).
وهذه المهارة لا تولد مع الانسان هي لابد ان الأهل يعلمونها ابناءهم، هُنا لما نتحدث عن صلب السؤال كيف نحمي أنفسنا من الهشاشة النفسية لا بد أننا نعرف كيف نصل إلى الصلابه النفسية، في السنوات الاخيرة تم تطوير مصطلح جديد وهو المرونة النفسية وهي مستوى اعلى من الصلابة فتعني المرونة ان الانسان يدخل في تجربة وخبرة تكون قاسية ومؤلمة جداً لكن يخرج منها افضل مما دخل بها عن طريق التعلم والتعديل؛ فالمرونة نتأقلم على الشيء ونعالج ما نستطيع علاجه، اذاً يتأقلم معها ويتعلم منها ايضاً، فالفكرة اننا نجمع بين الاثنين نتأقلم عليه ونعالج مانستطيع علاجه.
مابيّن التأقلم والعلاج هناك أُسس للتوازن لايمكن التخلي عنها من هذا المنطلق وجهت سؤال: كيف يمكن للشخص ان يوازن مابيّن الصلابة والهشاشة النفسية بحيث لا يكون صلباً قاسياً او هشاً سريع الانكسار؟
اجابت الدكتوره: عندما يصل الإنسان لمرحلة الصلابة النفسية او المرونة النفسية، أساساً هو لا يستطيع الوصول إليها إلا بمعدل ثقة عالية بالنفس والإنسان الذي لديه ثقة عالية بنفسه يستطيع أن يوازن بين الامور، فهي علاقة عكسية فإذا ارتفع معدل الثقة بالنفس ينخفض معدل الهشاشة النفسية، العلاقة طرديه تكون بين الثقة بالنفس وبين الصلابة او المرونة النفسية ترتفع واحدة وترتفع معها الاخرى.
الثقة بالنفس تعني الاكتفاء بالذات لكن ضد الاكتفاء الذاتي هو الاحتياج العاطفي للآخرين بحيث يغذي الشخص احتياجاته العاطفية من الخارج؛ الكثير يعاني من الفراغ او الاحتياج العاطفي ولا يعرف كيف يعالج هذا الأمر ويسد احتياجاته بنفسه، لأجل ذلك وجهت للدكتوره منيره السؤال التالي: كيف يمكن للشخص ان يصل للإكتفاء الذاتي ويشبع احتياجاته النفسية والعاطفية ولا يبحث عنها عند الآخرين؟
اجابت الدكتورة ونوهت بأهمية ذلك بشكل سلس ومبسط حيث قالت: بفضل من الله ومن عدله أنه جعل تلبية احتياجاتنا بأيدينا، لكن نحن تبرمجنا بشكل او بآخر أنه لابد أن يوجد هناك من يعطينا ومن يقدرنا ومن يصفق لنا ويحبنا اذا عملنا عمل جيد، ننتظر من يشكرنا عندما نعطي، وهذا من اين تعلمناه؟ هذا تعلمناه منذ الطفولة عندما يكون طريقة التربية مشروطة.
وقالت على سبيل المثال: دائماً نقول للطفل أنا احبك لأنك شاطر بالمدرسة، احبك لانك كذا وكذا، وهنا يكبر الإنسان ولديه شيئاً باللاواعي بمعنى انا لا استطيع أن اكون كافي بذاتي لابد أن يكون هناك معزز خارجي دائماً يعزز لي ويعطيني، وإذا تغيّر هذا الموضوع كطريقة تربية، فإنه يتم تغيير مثل هذا الاسلوب بالتربية تماماً وسيُحال الموضوع، لكن دعيني اقول لو ان هناك احداً وصل لعمر العشرين أو الثلاثين فما فوق فإننا لا نستطيع أن نغيّره فهو ليس بطفل حتى نربيه من جديد؛ فماهي الأشياء التي ممكن ان تجعله يصل إلى الإكتفاء الذاتي والتقدير؟.
قالت ايضاً: هناك طريقة أحب دائماً ان أقولها في الجلسات والبرامج، اقول امسك ورقه وقلم وجاوب على هذا السؤال: لو مثلاً أنّ احب الناس على قلبك احتاجك بشيء مثلاً ضاق صدره وانت تعرف انه يمر بظرف وأزمة فماهو الشيء الذي ممكن ان تقدمه لأجل ان تواسيه وتخرجه من هذه الأزمة، اترك المساحة او اترك العنان لخيالك وابدع؟
استدراجاً لذلك قالت: السؤال المهم فلنفترض أنك أنت الشخص الذي مررت بالازمة هل ستعطي نفسك مثل عطائك للآخر؟ وهذا السؤال أسأله دائماً في الجلسات والبرامج، هل نعطي أنفسنا عندما نحتاج أن نجلس مع أنفسنا مثلما نعطي للآخر؟ الإجابة للأسف(لا) لهذا دائماً ننتظر الآخر يعطينا، (كل إناء بما فيه ينضح) إذا امتلأت حُب ستجد الحب من الخارج، إذا امتلأت إهتمام فستجد الاهتمام من الخارج، إذا امتلأت ثقة فسنجد الآخر أيضاً يثق بك.
دمتم بقلوب مطمئنة.
في المقالات القادمة سنتطرق مع الدكتورة منيرة الحرابي عن ظاهرة تضخيم المشكلة وعلاج الهشاشة النفسية.
* كاتبة ومستشارة متخصصة في المجال الاجتماعي وتطوير الذات.