متأرجحون
بما أننا في مقهى أرجوحة شرقية فإننا في هذه الزاوية سنطلب من الشخصيات العربية وغير العربية أن تتأرجح معنا بكل سعادة وسرور..
وستكون بداية الأرجحة والصعود لمنصة أرجوحتنا الشرقية مع عميد الأدب العربي (طه حسين) فليتفضل العميد بالصعود إلى الأرجوحة ليتحدث عن نفسه وهو متأرجح ولكن ليس بسرعة الأطفال إنما ببطء العمداء..
حياك الله عميد الأدب العربي..
-تحدث لنا عن نفسك...
-طه حسين (رحمه الله) متحدثاً:
أنا طه حسين علي بن سلامة من مواليد محافظة المنيا في جمهورية مصر العربية عام 1889م كنت من ضمن أسرة مكونة من أب وأم وزوجة أب وإخوة وأخوات كثر لذا كانت طفولتي مستقرة نوعاً ما رغم قلة الحيلة فلقد كان أبي موظفاً صغيراً في شركة السكر ومما زاد طفولتي صعوبة إصابتي بالرمد الربيعي وأنا في عمر الرابعة من عمري وبسبب جهل عائلتي فلم يستدعوا لي طبيباً بل استدعوا لي حلاقاً بسيطاً في حينا قام بعلاجي علاجاً خاطئاً أذهب بصري حتى توفاني الله.
لم يكن العمى عائقاً أمام مستقبلي وتعليمي لقد كنت حافظاً ولدي ملكة قوية في حفظ أي كلام أسمعه لذا أدخلني والدي جامع الأزهر لأنهل منه العلوم العربية درست فيه أربعة أعوام وكأنها أربعين عاماً لم تعجبني رتابة التعليم وعقمه لذا قررت الانتقال إلى الجامعة المصرية والتي فتحت أبوابها عام 1902م وكنت أول المنتسبين فيها.
لن أطيل عليكم فمسيرتي التعليمية زاخرة بالإنجازات والتنقلات التي ربما يطول الوقت معها وأنا مستمتع معكم في هذه الأرجوحة الشرقية الممتعة.
-حياك الله عميدنا ونرجو أن تستمتع معنا ونحن عن أنفسنا مستمتعون معك ولكن سعادة عميدنا لقد أثرت الجدل حول الأوربة والتغريب وماتبع ذلك من انتقاد واسع لهذا الفكر؟
-طه حسين مجيب: لن أتحدث عن هذه النقطة ولكن بما أني ضيف لأرجوحتكم الشرقية ويهمها الأدب أكثر فسأتحدث عن أمر توقعت أن يثير جدلاً واسعاً قبل أن يكتمل ألا وهو نشري لكتاب (الشعر الجاهلي) والذي أثار ضجة واسعة وكثير من الآراء المعارضة وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد.
-عميدنا بالنسبة لحياتك الخاصة سنعرج وإياك عليها..
-طه حسين مقاطعاً:
سأتطرق لحياتي الخاصة بشكل سريع لقد تزوجت من (سوزان بريسو) الفرنسية السويسرية الجنسية التي ساعدتني على الإطلاع أكثر فأكثر باللغة الفرنسية.
كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياتي فقامت بدور القارئ لي فقرأت علي الكثير من المراجع، و أمدتني بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة (برايل) وقد تعلمت قراءة هذه اللغة.
وبالمناسبة فقد كنت أحب سوزان حباً جماً طغى على كل حب ورزقت منها ببنت هي (أمينة) و ولد هو (مؤنس).
-عميدنا ماذا قال عنك العقاد؟!
-طه حسين مبتسماً:
آه يالعقاد لقد قال عني:
رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي..
-أخيراً عميدنا نود منك النزول عن الأرجوحة فالوقت داهمنا ولكن قبل أن تنزل منها متى كانت وفاتك؟
-طه حسين بألم:
لقد كانت وفاتي يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما.
-عميدنا لقد سررنا بتواجدك في مقهى أرجوحة شرقية.
-عميد الأدب العربي وهو يهم بالنزول من الأرجوحة الشرقية:
آمل أني كنت ضيفاً خفيفاً على مرتادي هذا المقهى الرائع والذي تمنيت أن أزوره ولكن قدر الموت حال بيني وبينكم.
-شكراً عميدنا ورحمك الله وغفر لك.
* زاوية يقدمها مقهى أرجوحة شرقية