كنّا نهمس همسًا خشية أن يفوتنا الذهب
ركن خاص بمقهى أرجوحة شرقية
لم يكن السكوت يومًا من ذهب وبالتأكيد ليس الكلام من فضّة كما تعلمنا هذا المثل كثيرا في صغرنا حتى كنّا نهمس بحديثنا همسا خشيةَ أن يفوتنا الذهب أو أن نشعر بقلّتنا ونقصِ تربيةِ فينا وهكذا نشأ أغلبنا نخشى الحديث المطوّل ونخاف أن يشار لنا ويُقال أنتَ هناك عرّفنا عن نفسك وهذا السؤال قد يكون الأشد نكالاً والأقسى علينا من كلّ ما عداه فمن نحن هل نستطيع التعريف بأنفسنا والأعين كلها تنظر لنا ونحن المعتادون على الصمت الطويل والخوف والتوجس والريبة من كلمة لا تكون في مكانِها فنجد اللوم المستمر على ذلك فكيف نخرجُ من الرهاب والخيبة والخوف إلى فسحة النور إلى الشعور بأهميّة الكلام والثرثرة إلى أنّها هي العلاج دائما وأن السكوت والصمت كان خدعة انطلت علينا وسكنا تحتها مرتعبين و وجلين واعتادنا الصمت وألفناه وحين تراكمت في داخلنا الأحرف وضجّت دون أن تجد مخرجا ها إنّه مرض الاكتئاب حريٌّ بنا أن يتلبسنا ويعيث بين أحرفنا المندسة وبين كلامنا الذي خفنا أن نبوح به وبين التعريف عن أنفسنا الذي خشينا أن نكافئ بعده باللوم فمن يعيد المكتئب طويل الصمت إلى العافية بالفضفضة والبوح.
مقهى أرجوحة شرقية الأدبي