رئة شعور
بقلم الكاتبة / عنبر المطيري
من الحصافة في التعامل مع الآخرين ، أن يترك المرء لنفسه دائما مسافة كافية تمكنه من أن يكون قادرا على أن يستدرك خط الرجعة عند اتخاذ قرار أو الشروع في اتخاذ سلوك تجاه ظرف مستجد او حتى يومي ، ومن الفطنة أن يكون هذا المبدأ الاحترازي- إن جاز التعبير - هو نقطة انطلاقه في معرض بحثه عن إجابة واقعية وملائمة ، لتجنبه الارتدادات السلبية التي قد لا يحسب حسابها تحت ضغط ضجيج المواقف التي تترصد يوميات الموظف ..؟
أظنك تتفق معي أيها القارئ الكريم أن بيئة العمل بيئة صاخبة مستفزة غالبا، حتى وهي في ذروة انسجامها ، وبقدر ما تسيطر الرتابة الروتينية على مناخها العام، إلا أن تفاصيل طقسها لا تخلو من تقلبات مفاجئة تتطلب نوعا من التركيز الاستراتيجي ، وهدوءا أثناء التفكير التكتيكي لاختيار الأسلوب الأمثل حيال معالجة موقف مستجد، فنحن ندرك أن لكل فرد في مؤسسة العمل ظروفه الخاصة التي يأتي محملا بها إلى بيئة العمل وهي بالضرورة تشكل خلفية ضاغطة على تعاملاته مع زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه، مهما حاول تنحيتها جانبا ، شعر بذلك أم لم يشعر،
علينا أن نعترف جميعا أيها القارئ الكريم إن تأثيرهذه الحالة - بشقيه السلبي والإيجابي - حاضر في جميع تصرفاتنا وسلوكنا اليومي بدءا بمصافحة الزمالة الصباحية ، وليس أقلها ما يظهر على الملامح والتعبير الجسدي، الأمور التي يتولد عن محاولة إخفائها عامل ضغط آخر ، لا يلبث أن يطل بانعكاساته رفضا اوقبولا، ويتعالى اعتراضا او تأييدا حول اول طاولة نقاش ، ثم لا يلبث أن يتحول إلى تعصب للرأي ورغبة في الانتصار، وقد يتطور إلى حسابات شخصية مريضة تجاه الآخرين ، بعيدا عن كل الحسابات الصحية الأخرى التي تخدم المصلحة العامة ، الواقع الذي يجعل مؤسسة العمل بيئة مكتظة بالتنافر مليئة بسواد السلبية وضعف الإنتاجية ونزف الصوت الداخلي في اتجاه غير ذي زرع -
والسؤال هنا ..
ماذا عن العطر الذي ينبت في فمك جراء حديث متبادل بينك وبين الآخرين حول طاولة الرأي ...؟
ماذا عن الورد الذي ينبت في حدائق حياتك كلما أثنيت أو عارضت بلطف ..؟
لماذا لاتمرن الندى على الأزهار بين شفتيك..؟
لتجعل ساحة العمل مضمارا للتنافس المثمر، وروح الفريق الخلاقة .
من الجميل - يا عزيزي القارئ - أن تستيقظ الكلمات الجميلة على شفاهنا ، واللطف في حديثنا لنشذب بهما براعم التطفل والمضايقات اللفظية التي تنبتها المشاده الحوارية في لحظة ما على جذوع أشجارنا وأغصانها ،
ليجد الورد له متسع في حدائق أفئدة الموظفين والموظفات ولترتفع مساحة الإنتاجية العملية ولنكون مجتمعا مزهرا ومثمراً دائما.