التفكير الناقد في مهارات العمل التطوعي
مقالات مقهى أرجوحة شرقية الأدبي
بقلم أ. حمد بن موسى الخالدي
تزايد الاهتمام بالعمل التطوعي، وتضاعفت التوعية بأهميته في تقدم المجتمع وأصبح في عصرنا الحالي ركيزة أساسية في تنمية المجتمعات، كونه تعبيراً عن حيوية وديناميكية المجتمعات، ومدى إيجابيتها وأصبح تقدم المجتمع الإنساني يقاس بحجم المنظمات التطوعية وأعداد المتطوعين بها، ومن ذلك ماسعت له رؤية المملكة 2030 من بلوغ مليون متطوع ومتطوعة. ولا تقتصر قيمة العمل التطوعي على القيمة الاقتصادية وإنما تتجاوزها للبعد الاجتماعي الثقافي، فيعزز العمل التطوعي قيم المشاركة والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والتكافل والعطاء والانتماء للوطن.
وإذا كان التفكير الناقد عملية عقلية تعمل على تقديم الحلول والأفكار للمشكلات، للوصول إلى النتائج المطلوبة، ويستند المتطوع عليها للوصول إلى رؤية واضحة وإصدار أحكام منطقية على المواقف الشخصية والحياتية. وتعد من أحدث مؤشرات تطوير العمل التطوعي التنموي، حيث يوظف المتطوعين ما تعلموه في التفكير الناقد من مهارات؛ كمهارة التفسير، والتحليل، والاستدلال، والاستقراء، والاستنباط، والبراهين والحجج وغيرها من المهارات.
ولتقريب هذا المعنى لذهن القارئ نعطي أمثلة على المهارات التطوعية وكيف يمكن توظيف مهارات التفكير الناقد فيها.
ففي مهارة التواصل: يظهر التفكير الناقد بعدة صور منها، ما يتم من خلال العمل التطوعي تقديم خدمات اجتماعية وفردية وجماعية ومجتمعية، وقيادة الفرق التطوعية، والمساعدة في فهم طبيعة المشكلات والأسباب التي أدت إلى حصولها، ومن ثم حل تلك المشكلات بطرق علمية أو إبداعية والتغلب على الصعوبات، من خلال اختيار البديل الأنسب، والتي من شأنها أن تزيد ثقة المتطوعين بأنفسهم ورضاهم عنها، ويصبحون أكثر امتلاك لمهارات الحوار والنقاش وإبداء الرأي واستخدام الحجج والبراهين من اجل كسب تأييد أعضاء فريق العمل التطوعي، أو أقناعهم بأمر ما.
أما في مهارات إدارة الوقت: فمن خلال تقسيمه وتوزيعه على متطلبات العمل التطوعي، وتحريك الأعمال حسب مناسبتها لأوقات الإنجاز والذروة، وتلخيص وكتابة محاضر اجتماعات أعضاء الفريق التطوعي، وكتابة تقارير الإنجاز.
أما في مهارة إدارة التغيير: فيعمل قادة الفرق التطوعية؛ على صقل مهارات المتطوعين ونقل الخبرات للآخرين، وإحداث التغيير الإيجابي المطلوب، وإنجاز المهام وتحقيق الأهداف، من خلال تنظيم المعلومات والمعرفة وإدارتها وتصنيفها وإيجاد العلاقات وربط المقدمات بالنتائج والتنبؤ بالمستقبل،
ولابد أن نشير إلى مهارات إدارة الأزمات والمواقف الطارئة: التي أصبحت ضرورة ملحة في السنوات الأخيرة، وفيها يزيد المتطوع من مهاراته في توقع الأحداث المستقبلية أو التغيرات الطارئة فيعمل على الاستفادة من موجودات الموقف الحالي لإحداث التغير المطلوب. أو تفادي أمور مفاجأة حصلت وكيف يتعامل معها؟ كنقص في الأيدي المتطوعة أو المواد والإمدادات وبالتالي ابتكار طرقاً جديدة لإدارة الموقف، والقابلية للتعديل في حال حدوث خطأ ما، وإعادة الأمور لمسارها الصحيح من خلال تقليل الخسائر أو الخروج بأكبر المكاسب.
وأخيراً حتى يتطور العمل التطوعي في ظل ممارسات التفكير الناقد التي تعد واحدة من أهم متطلبات القرن الحادي والعشرين، لابد من أن نذكر مهارات تقويم العمل التطوعي وإغلاق دائرة الجودة: ومن ثم التأكد من نجاح العمل التطوعي وتحقيق أهدافه ومتابعة التحسين والاستمرار في تطوير العمل التطوعي، وفق الرؤى الوطنية والتوجهات العالمية.