المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية الحرب في الإسلام .. هل تحرض على العنف؟


علاء الدين
08-09-2011, 05:57 PM
http://www11.0zz0.com/2011/09/08/14/854875952.jpg (http://www.0zz0.com)


أهمية هذا الكتاب «نظرية الحرب في الإسلام» تكمن في موضوعه، تهمة العنف، التي لطالما ألصقت بالإسلام، وقد التزم فيه الإمام محمد أبو زهرة الصدق مع النفس في معالجة هذه الشبهة، حيث كان باحثا عن الحقيقة، لا مجرد «رفا» يداري الثقوب! إذ لم يكن مستعدا لأن يدافع بالباطل عن أخطاء ارتكبت في التاريخ الإسلامي، مفرقا بجلاء بين مبادئ الدين وتصرفات الأتباع، ومقررا بوضوح أنه ليس كل ما يفعله ملوك الإسلام إسلاميا، فمنهم من كان يتسربل باسم الإسلام وكل همه بسط سلطانه، ومنهم من كان ينتمي إلى شعوب اشتهرت بالغلظة مثل التتار، فلما حاربوا في ظل الإسلام غلبت عليهم طبائعهم، المهم أن يكون المبدأ واضحا: إذا كان بعض قواد المسلمين في الزمن الغابر قد انحرفوا عن تعاليمه العالية فهذا ليس من الإسلام في شيء، ومهما كانت وحشية القرون الوسطى، أو غلظة أعداء المسلمين التي كانت تدفع قواد الجيوش الإسلامية إلى مجاراتهم فذاك ليس مبررا لمخالفة تعاليم الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فأعمالهم ليست حاكمة على القواعد الدينية المقررة.
إن رسولنا هو نبي الرحمة بنص القرآن {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء:107)، ولقوله (صلى الله عليه وسلم) «الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»(صححه الألباني)، «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» (حسنه الألباني) ولكن، أولا ما هو تعريف الرحمة؟ هل هي الرحمة مع الجناة الذين يفزعون الآمنين؟!، أم أن الرحمة الحقيقية أن تمنع الظلم وتغلظ على المعتدين، {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون}(البقرة: 179) فإذا اعتدى الشر وجب على أهل الخير أن يدفعوه {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا الله، واعلموا أن الله مع المتقين} (البقرة:194)،
والسلام هو أصل العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين بنص القرآن {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله} (الأنفال:61)، ووقائع السيرة النبوية تؤكد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يرفع سيفا على مخالفيه إلا بعد أن وقع منهم الاعتداء، فمكث بين كفار قريش ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى التوحيد ونبذ الأوثان، ما ترك بابا من أبواب الدعوة بالموعظة الحسنة إلا دخله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن} (النحل:125)، وما اتجه الرسول إلى حربهم إلا بعد التعذيب والمصادرة {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} (الحج:39-40)، وكان القتال مقصورا على قريش لا يعدوهم حتى تضافر العرب جميعهم على المسلمين في غزوة الأحزاب فكان لا بد من قتالهم كافة {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} (التوبة:36)، ولم يستبح دماء اليهود بل سالمهم وجعل له ما لهم وعليه ما عليهم، ولم يفكر في نقض حلفهم حتى حدثت خيانتهم في غزوة الأحزاب بما يهدد وجود المسلمين من الأساس.
ولم يبدأ قتال الفرس إلا بعد أن اختار كسرى من قومه من يأتيه برأس النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يقاتل الروم بوصفهم نصارى بل حاربهم لكونهم معتدين على المؤمنين الذين دخلوا الإسلام من أهل الشام، وكان على أتم وفاق مع نصارى العرب الذين جاء القرآن بالثناء عليهم {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنو الذين قالوا إنا نصارى} (المائدة:82)،
وبهذا الاستقراء التاريخي نجد النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) ما حارب أحدا لم يعتد عليه أو يدبر الأمر ضده أو لم يتآمر على الإسلام مع أعدائه، وقرر أنه من سالم المسلمين لا يحل لهم أن يقاتلوه، ومن اعتدى عليهم لا يحل لهم أن يتركوه.
حرية الاعتقاد
والثابت أن حرية الاعتقاد في الإسلام مكفولة، فالحرب لا تجوز لفرض الإسلام دينا على المخالفين، والقتل للكفر ليس بجائز في شريعة الإسلام {لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي} (البقرة:256)، هذه من المبادئ غير القابلة للنسخ، ولقد منع الرسول رجلا يريد أن يكره ابنه على الإسلام، وحينما جاءت امرأة عجوز إلى عمر بن الخطاب في حاجة لها، دعاها للإسلام فأبت وانصرفت، فخشي أن يكون في قوله -وهو أمير المؤمنين- إكراه، فاتجه إلى ربه ضارعا: اللهم قد أرشدت، ولم أكره.
المهم أن تكفل حرية الاعتقاد، ويزال الحجز بين الدعوة والمستضعفين، بعدها من شاء آمن، ومن شاء كفر.
فإذا وقع الاعتداء فالصبر خير، والقرآن لم يأمر بالقتال عند أول اعتداء {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} (النحل:126)،
فإذا كانت الحرب فلا بد من الإعلان قبل الهجوم، لأنهم ببساطة لا يريدون الاستيلاء على أرض أو التحكم في مصير ناس، بل أن يأمنوا جانبهم، بالعهد يعقدونه أو بالإسلام يعتنقونه، فإن لم يقبلوا واحدا من الأمرين كانت نية الاعتداء واضحة' فلا بد أن يقوا أنفسهم منه، ومن عجائب التاريخ الإسلامي أن عمر بن عبدالعزيز أمر جيش المسلمين بالانسحاب من سمرقند بعد أن استولوا عليها لأنهم لم يؤذنوهم بالحرب، ويخيروهم بين الصلح والإسلام والقتال، ولعلها المرة الأولى في التاريخ أن يتخلى المنتصر عن أرضه من غير قوة تخرجه بل استجابة لداعي العدالة، ثم يعرض عليهم من جديد الصلح أو الإسلام أو الحرب فيختاروا العافية والحق والسلام، والدخول في الإسلام أفواجا.
فإذا وقع القتال والتحمت الجيوش فإن ضوابط القتال كثيرة، جوهرها أن الحرب للمقاتلين لا للشعوب، إذ كان الشعب المحارب قبل الإسلام يستبيح من الشعب الآخر كل الحرمات، في الميدان وخارج الميدان، أثناء المعركة وبعدها، واستمر الحال هكذا حتى جاء محمد (صلى الله عليه وسلم) بحروبه، فأعلن بلسان الفعال، لا بلسان المقال وحده، أن القتل في الحروب لا يتجاوز الميدان، وأن الحرب ليست بين الشعوب.
من جملة الضوابط
1 - منع قتل الشيوخ والنساء والأطفال والعمال ورجال الدين منعا مطلقا.
2 - منع التخريب والهدم والإتلاف لأن الأساس في القتال هو رد الاعتداء وليس الانتقام.
3 - منع التمثيل بالجثث منعا مطلقا، وحتى جثث أعدائه في غزوة بدر أمر بوضعها في القليب حماية لها من الذئاب والسباع، وعندما مثلوا بجثة عمه حمزة في أحد لم يفكر في أن يمثل بأحد من قتلاهم.
4 - إن قعدت قوة المجروح به عن المقاومة لا يسوغ قتله بل يبقى ويؤسر، لأن القصد من القتال هو منع الاعتداء.
5 - المعاملة الكريمة للأسرى، فحينما كان الأعداء يقتلون الشيوخ والضعفاء، ويعذبون أسرى المسلمين بالجوع والعطش لم يبح لهم الصنيع نفسه، وبالغ الإسلام في إكرام الأسرى حتى اعتبره من أكرم البر، فكانوا يكرمونهم ولا يجيعونهم، وقد سجل التاريخ لصلاح الدين الأيوبي أنه أطلق جيشا ضخما من أسرى الفرنج حينما لم يجد لهم طعاما، فيما قتل قائد الفرنجة جماعة من المسلمين استسلموا له بشرط عدم قتلهم، والمعاملة بالمثل مبدأ موجود في الإسلام، ولكن بضوابطه.. إذا انتهك جيش الأعداء الأعراض فإن جيش المسلمين لا يباح له المثل، وإذا عذبوا الجرحى لا يباح للمسلمين المثل.
6 - ومن عجب العجاب أن الإسلام يحفظ لرعايا الدولة المقاتلة الموجودين في بلاد المسلمين أمنهم وأموالهم ماداموا دخلوها مستأمنين، فإذا ماتوا انتقلت الأموال إلى ورثتهم (في الدولة المعادية!).
7 - والأعجب أنه لا يستحب كثرة القتل بين الأعداء، وقد امتدح عمر بن الخطاب قتال عمرو بن العاص في مصر حين قال «تعجبني حرب بن العاص، إنها حرب رفيقة سهلة» وكان ذلك تأسيا بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يسير على سياسة التأليف حتى في القتال، هي إذن حرب رفيقة تتسم بالتأليف والمحافظة على الأعداء، وأحب إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يأتوه بهم سالمين قد عمر الإيمان قلوبهم، فإذا انتهى القتال لم يبق إلا المعاملة بالعدل، وقد أمر الإسلام بالعدل مع الأعداء كالعدل مع الأولياء {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا} (المائدة:8)، وحينما دخل النبي مكة صاح أحد قواده: اليوم يوم الملحمة، اليوم أذل الله قريشا، فعزله النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا». وجمعهم الرسول وقال لهم - وهم الذين قاتلوه وآذوه- «ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا في ذلة المغلوب: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال لهم أقول لكم ما قاله أخي يوسف «لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء».

دانة الكون
09-09-2011, 12:55 PM
بارك الله فيك

الله يعطيك العافيه.

فايزة11
09-09-2011, 01:55 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

عاشق القمم
09-09-2011, 10:21 PM
* جزيت الجنة .. على طرحك ...!!
:101:

الدووووخي
10-09-2011, 02:54 PM
الله يجزآآك خير على النقل الطيب ..

d7oomey
10-09-2011, 02:55 PM
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .