المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا..


اميرة
01-07-2012, 11:27 PM
من الصور المشرقة والمضيئة التي تبرز أخص خصائص الأمة المسلمة في جميع الأزمنة والأمكنة ما جاء في الآية الكريمة: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} (الحشر:10). إنها النفوس المؤمنة التي تتوجه إلى ربها في طلب المغفرة، لا لذاتها، ولكن كذلك لسلفها الذين سبقوها بالإيمان؛ وفي طلب براءة قلوبها من الغل والحقد للذين آمنوا، ممن يربطها معهم رباط الإيمان. نقف فيما يلي مع بعض من مدلولات هذه الآية الكريمة.
يذكر المفسرون قولين في المراد من قوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم}:

أشهرهما: أنه عنى بهم المهاجرين،الذين يستغفرون لإخوانهم من الأنصار. فالكلام - بحسب هذا القول - يقصد منه المهاجرون، الذين هاجروا إلى المدينة، ووجدوا الأنصار فيها عوناً وسنداً لهم، فقابل المهاجرون هذا الموقف الكريم والنبيل بالدعاء لإخوانهم الأنصار. ويشهد لهذا القول ما رواه الإمام أحمد في "المسند" عن أنس رضي الله عنه، قال: قال المهاجرون: يا رسول الله! ما رأينا مثل قوم - قدمنا عليهم - أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلاً في كثير، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله! فقال صلى الله عليه وسلم: (لا ما أثنيتم عليهم، ودعوتم الله لهم).

ورُوي أيضاً، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أغلظ لرجل من أهل بدر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك يا عمر! لعله قد شهد مشهداً، اطلع الله فيه إلى أهله، فأشهد ملائكته، إني قد رضيت عن عبادي هؤلاء، فليعملوا ما شاءوا)، وكان عمر رضي الله عنه يقول: وإلى أهل بدر تهالك المتهالكون، وهذا الحي من الأنصار، أحسن الله عليهم الثناء.
القول الثاني: أنه عنى بهم مَن بعدهم من المسلمين. وهذا مروي عن مجاهد. وبحسب هذا القول، يكون المراد من الآية جميع المسلمين الذين جاؤوا بعد المهاجرين والأنصار. وهم يسألون الله أن يطهر نفوسهم من الغل والحسد للمؤمنين السابقين على ما أعطُوه من فضيلة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وما فُضّل به بعضهم من الهجرة، وبعضهم من النصرة، فبين سبحانه للذين جاؤوا من بعدهم، بأن لهم نصيباً من الفضل والأجر؛ وذلك بالدعاء لمن سبقهم بالمغفرة، وانطواء ضمائرهم على محبتهم، وانتفاء البغض لهم.

ويتأيد هذا القول بما روي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: أُمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فسببتموهم. سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها). رواه البغوي. وما روي عن قتادة، قال: إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمروا بسببهم. وما روي عن ابن زيد ،قال: لا تورث قلوبنا غلاً لأحد من أهل دينك.

وتتجلى من خلال هذه الآية طبيعة هذه الأمة المسلمة، وصورتها المشرقة في هذا الوجود. تتجلى الآصرة القوية الوثيقة التي تربط أول هذه الأمة بآخرها، وآخرها بأولها، في تضامن وتكافل وتواد وتعاطف، وشعور بصلة القربى العميقة، التي تتخطى الزمان والمكان والجنس والنسب؛ وتتفرد وحدها في القلوب، تحرك المشاعر خلال القرون الطويلة، فيذكر المؤمن أخاه المؤمن بعد القرون المتطاولة، كما يذكر أخاه الذي يشاركه درب الحياة، في إعزاز وكرامة وحب، ويحسب السلف حساب الخلف، ويحترم الخلف مآثر السلف، ويمضي الجميع في قافلة الإيمان صفاً واحداً على مدار الزمان واختلاف المكان، تحت راية القرآن صعداً إلى الأفق الكريم، متطلعين إلى رب رؤوف رحيم.

وتحمل هذه الآية الكريمة دلالات عدة، نذكر منها:

أولاً: يجب أن نعلم جيداً بأن الدار الآخرة هي المكان الأصلي الذي يُطرح فيه الغل والشر من القلوب، ولو أخرجت هذه المشاعر - التي هي من أسس الامتحان - من القلوب في الدنيا، لانقلب الإنسان إلى ملك من الملائكة. بينما خلق الله تعالى الإنسان في هذه الدنيا بماهية قابلة للخير والشر معاً. ولو فرضنا أن أُخرجت هذه المشاعر من قلب الإنسان في الدنيا، لنبتت ثانية في القلب، كما ينبت الشعر المزال؛ لأنها لصيقة بفطرة الإنسان. ولعل هذا السبب هو الذي جعل صيغة الدعاء في التعبير القرآني معبراً عنها بالفعل {ولا تجعل}، بدلاً من التعبير عنها بالفعل (انزع)، ما يعني أن الواجب الملقى على عاتق الإنسان هو التوجه بالدعاء القولي والفعلي لله تعالى، ومحاولة التخلص من هذه المشاعر التي تعد مثل الأشواك المستقرة في القلب. وبهذه الوسيلة يستطيع المؤمن التطهر من المشاعر السيئة، ويكون أهلاً للجنة، ويقبله الله تعالى في عداد عباده المرضين.

ثانياً: على المسلم أن يدعو الله على الدوام بأن لا يجعل في قلبه حقداً وحسداً على أحد من إخوانه المسلمين، فالمسلم لا يكون حقوداً ولا حسوداً على أحد من الناس، فضلاً عن أن يكون كذلك على أحد من إخوانه المسلمين. وفي حديث طويل رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: ()، فطلع رجل من الأنصار، وقد تكرر ذلك منه ثلاثة أيام، فأراد عبد الله بن عمرو بن العاص أن يقف على السر وراء ما قاله رسول الله صلى الله وسلم في حق هذا الرجل، فطلب منه أن يبيت عنده لبعض الليالي، فلم ير منه شيئاً ذا بال، فسأله عن السر في ذلك، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه.يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنةوالحديث بتمامه رواه أحمد.

ثالثاً: في الآية الكريمة رسالة موجهة إلينا وإلى من بعدنا، تطلب منا أن نحب سلفنا الصالح، وأن ندعوا بالخير لهم، وننزلهم المنزلة التي يستحقونها، وأن لا ننال من أحد منهم من قريب أو بعيد. وبحسب قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (التوبة:71). وقوله سبحانه: {إنما المؤمنون إخوة} (الحجرات:10)، فإن على الذين تربطهم آصرة الإيمان، وتجمعهم رابطة الإسلام، أن يتحابوا بينهم، ويحترموا من سبقهم، ويغضوا الطرف عمن فرط منهم، وألا يحملوا على الإطلاق أي حقد، أو غل، أو عداء تجاههم. كما أن فيها ما يدعونا إلى تقدير أهل العلم، ورجال الفكر الذين تركوا في حياتنا وفي مشاعرنا وأفكارنا وعقيدتنا أثراً لا يمحى، وميراثاً لا يُنسى.

رابعاً: ويُستفاد من هذه الآية، أن كل إنسان يسعد - وكذلك يتألم - بنسبة ترقي وسمو مشاعره، ومقدار السعادة والاطمئنان الذي يحس به الإنسان في الجنة يتناسب مع مقدار ترقي وسمو مشاعره في الدنيا. وتأسيساً على هذا يمكن القول: إن الإنسان لكي ينعم في الدنيا أولاً، وينعم في الجنة تالياً، فإن عليه أن يتخلص من مشاعر الحقد والغل والحسد، وغيرها.

أخيراً: فما أحوج المسلمين اليوم - وكل يوم - إلى أن يستحضروا مضمون هذه الآية الكريمة، ويعملوا بتوجهياتها، ويهتدوا بهديها، {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}. هذه هي قافلة الإيمان، وهذا هو دعاء الإيمان، وإنها لقافلة كريمة، وإنه لدعاء كريم.

دانة الكون
02-07-2012, 01:47 AM
بارك الله فيك

خفجاااويه
02-07-2012, 12:20 PM
الله لا يحرمنا جديدك
كل الشكرلك
لك ودي

شمس الرائدية
03-07-2012, 05:10 PM



طرح قيم جدآ ..
آسعدكِ الله .. و لآ عدمنا جديدكِ ..’’

بشاش
05-07-2012, 11:13 PM
سلمت على موضوعك



يعطيك العافية

أيمن البلوشي
06-07-2012, 01:53 AM
..

سلمت على الموضوع


بوركت


تآبع || [you] ||


..

بقلمي أسطر
06-07-2012, 01:50 PM
شكرا لك على الموضوع الرائع ... استمر

شكرا على متابعتك يا (( [you] ))

صانع الإبداع
07-07-2012, 05:46 PM
’’

جزاك الله خير ووفقك ..

:101:

خيالات الجنون
07-07-2012, 07:42 PM
!




يعطيك العافيةة
وجعله الله بميزان حسناتك

:101:

ثلجة وردية
09-07-2012, 12:32 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركآته
http://img134.imageshack.us/img134/7674/917j.gif
يعطيك العاافيه عـ الطرح وإلافاده
ما ننحرم من جديدك
لـ قلبك حدائق أقحوآن
وأحلأم من آلمطر،،..}❀✿இ

الدووووخي
13-07-2012, 02:41 PM
الله يجزآآكـ خير وبآآركـ الله فيكــ ..

محمد شعبان
22-07-2012, 02:31 PM
جزاكم الله خيرا

ماسه الزهور
24-07-2012, 10:47 AM
جزااك الله خيرااا
سلمت يدااك

ضحكة خجولة
24-07-2012, 01:57 PM
جزاك الله خير واثابك على ماقدمت يدااك

فآبري
25-07-2012, 05:27 AM
بارك الله فيك

ماسه الزهور
26-07-2012, 03:00 PM
يعطيك العافيه
يسلمووووووووووووو

نقاء الروح
28-07-2012, 05:53 PM
..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزيت خيرا

:101:
..

واثقة بالله
29-07-2012, 02:22 AM
بارك الله فيك

وجعله الله في ميزآن حسناتك

ورزقك الجنه

لمسة غرام
29-07-2012, 06:44 PM
جزاك الله خير

تاج الحياء
30-07-2012, 01:11 PM
جزاك الله خير و بارك الله فيك

ام الشيخ
30-07-2012, 02:34 PM
الله يجزآك كل خير

وربي يجعل عملك في موآزين حسنآتك

همسة ^^ صادقة
31-07-2012, 07:45 PM
سلمت بارك الله فيك

ريآنة العود
31-07-2012, 08:32 PM
http://forum.ra1ra.com/imgcache/5/48565ra1ra.gif (http://forum.ra1ra.com/imgcache/5/48565ra1ra.gif)

موضوع قيم
جزاك الله خيراً ولا حرمك الأجر

محمد شعبان
01-08-2012, 06:32 PM
جزاكم الله خيرا

السعاده حلم
04-08-2012, 08:38 PM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

نواره المنتدى
16-08-2012, 07:40 AM
الله يعطيك العااافيه
ألف شكر لك
:101:

غالي و عالي
17-08-2012, 07:12 AM
== :101:

طرح راقي
جُزيت خيراً ..

:101: ==

خديجہ
25-08-2012, 10:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله كل الخير | وبارك الله فيك *

الحلم المجهول
25-08-2012, 11:40 AM
سلمت على الموضوع

Hajar
29-08-2012, 05:56 AM
جزاكم الله خيرا

أم نيلوفر
29-08-2012, 10:53 AM
http://im15.gulfup.com/2012-08-29/1346226575501.gif (http://www.gulfup.com/show/X2cq4ew0nyvb40)

هدى الخير
29-08-2012, 01:12 PM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
ورزقك الفردوس الاعلى
دمت بخير..

يارب عونك
29-08-2012, 03:00 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .