المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وعلمك ما لم تكن تعلم


بسمه
25-12-2012, 07:57 PM
http://www.88up.com/uploads/13548714871.jpg

الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً مباركاً .
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .
أما بعد :
حــمـداً لمـن بـلـغــنا المــراما وزادنــا مـن فـضـلـه إكــراماً
ثـم صــــلاة الله مــا ســــوى بــرق عــلى طـيـبة وأم القـرى
مـع الســلام يـغــشـيـان أحـمدا وآله المـســـتكـملـين الرشـــدا
حمداً لك اللهم علمتنا وما كنا لنعلم .. وفقهتنا وما كنا لنتفقه .

رفعت بالإسلام رؤوسنا وكانت مخفوضة .. وشرحت بالإسلام صدورنا وكانت ضيقة .
أحبائي في الله .. هذه الرسالة تتكون من عناصر متتالية هي :
أولاً : فضل العلم
والعنصر الثاني: تشجيعه ( صلى الله عليه وسلم ) للعلماء وللأساتذة والمربين .
العنصر الثالث : طرق تعليمه ( صلى الله عليه وسلم ) وتندرج تحتها أربع مسائل
أولها : القدرة بالعمل والتعليم بالقدرة .
ثانيها : ضرب الأمثلة .
ثالثها : الخطاب والوعظ .
رابعها : مراعاة المناسبات .
أما العنصر الرابع : فمبدأ التخصص العلمي كما وضعه ( صلى الله عليه وسلم ) للناس .
أما فضل العلم : فقد قال سبحانه : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )(الزمر: من الآية9) ثم ترك الجواب لوضوحه أي لا يستوون .
وقال سبحانه وتعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(المجادلة: من الآية11) .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)(العنكبوت: من الآية43) .
وعندما أراد الله أن يستشهد على ألوهيته استشهد العلماء : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18) .
والله يقول في الآيات : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )(العنكبوت: من الآية49).
والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عندما بدأ دعوته بدأ بالعلم ، لأن الله قال له : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ )(محمد: من الآية19) ، قال البخاري في الصحيح ك فبدأ بالعلم قبل القول والعمل .
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث أصاب أرضاً فكان منها أرض طيبة ـ وعند مسلم ـ نقية ، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير .
وكان منها أرض أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس فسقوا وزرعوا .
وكان منها طائفة إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه فيها بعثني الله بع فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به )، ما أحسن اللفظ !
بالله لـفـظـك هـذا ســال مـن عـسـل أم قـد صــببت على أفـواهـنا العـسلا
أم المــعــاني اللـواتي قــد أتيـت بها أرى بـهـا الــدر واليـاقــوت متصلاً

لماذا قال ( صلى الله عليه وسلم ) في الحديث : ( الغيث ) ن ولم يقل : ( المطر ) ؟
ولماذا قال : ( بعثني ) ولم يقل : ( أرسلني ) ؟
ولماذا قال (طائفة) طيبة ولم يقل : (تربة ) طيبة .
ولماذا قال ( صلى الله عليه وسلم ) ( الهدى والعلم) ولم يقل : ( الهدى ) ويسكت .
هذه أسرار بلاغية في الحديث وحل إشكالها كالتالي .
أما قوله : الغيث ، فإن الله سبحانه في القرآن يذكر الغيث للرحمة غلباً ، إذا أراد أن يذكر سبحانه وتعالى العذاب قال : ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) (الشعراء:173) فعدل ( صلى الله عليه وسلم ) عن المطر إلى الغيث لأجل هذا .
قال القرطبي:لأن الغيث صاف من السماء ، فشبه علمه بالغيث الصافي الذي ما خالطته الفلسفة وما داخله المنطق .
والغيث أيضاً : فيه غوث للقلوب وكذلك العلم .
وقال ( صلى الله عليه وسلم ) من العلم والهدى .. لأن رسالته ( صلى الله عليه وسلم ) أتت بالعلم النافع والهدى ، وهو العمل الصالح .
ولذلك يقول ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم نقلاً عن سفيان بن عيينة : من فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى ، ومن فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود .. لأن رسالته ( صلى الله عليه وسلم ) ليست ساذجة تعبدية تقليدية ، وليست علمية تنظيرية ، ولكنها جمعت بين العلم والعبادة ، وبين الفكر والإدارة وبين المعتقد والسلوك ، ولذلك ذم الله بني إسرائيل بأنهم تعلموا لكن لم يعملوا .
ومنهم من قال الله فيه ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (لأعراف:176) .
ووصف الله بني إسرائيل بصفة الحمار الذي يحمل ولا يفهم : ( كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) (الجمعة: من الآية5) .
ولذلك لا يكون العلم بحفظ المجلدات والمصنفات ، لكنه إرادة إيمانية وعمل صالح ، وذلك قال الله : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ)(الروم: من الآية56) لأن العلم بلا إيمان علمانية .
يقول أبو الحسن الندوي : عين بلا إيمان مقلة عمياء .. وقلب بلا إيمان كتلة لحم ميتة .. ومجتمع بلا إيمان قطيع من البهائم السائمة .
ونحن نقول : وقصيدة بلا إيمان كلام مصفف ، وكتاب بلا إيمان كلام ملفف ، وكلمة وخطبة بلا إيمان صهيل وزمجرة لا فائدة منها .
إذا علم هذا ن فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أراد أن يجمع بين العلم والإيمان وبين العلم والعمل . لأن هناك من يجمع العلم بلا عمل كما سبق .. وهناك من هو بخلاف هذا من يجمع العمل ولكن دون علم وبصيرة ن كالنصارى وعباد المتصوفة ، قال تعالى : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ )(الحديد: من الآية27) وشابههم في هذا كما قلت عباد الصوفية .
ومن لطائف ما يذكر ما ذكره الخطابي في ( العزلة ) عن أحدهم بأنه لصق على عينه اليسرى بلصاق ، فلما سألوه عن ذلك قال : من الإسراف أن أنظر إلى الدنيا بعينين !! فانظر إلى هذا المخرف كيف جحد نعمة الله .. والله يمتن على الناس ويقول : ( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ(8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ) (البلد:9) .
وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس : رؤى صوفي يقرأ وهو ينعس في صلاة الظهر .
فقالوا : ما لك ؟
قال : سهرت البارحة في النافلة فما استطعت أن أصلى الظهر إلا وأنا ناعس !!
قال أبن الجوزي : فانظر إلى جهله كيف صلى النافلة حتى ضيع الفريضة .
إذا علم هذا ، فقد شجع ( صلى الله عليه وسلم ) العلماء فهو يقول لمعاذ : ( إنك تأتي يوم القيامة قبل العلماء برتوة ) والحديث حسن(1) . والرتوة : رمية بحجر .
قال ( صلى الله عليه وسلم ) ( رأيت البارحة كأني أوتيت بإناء من لبن فشربته حتى إني رأيت الري يخرج من أظافري ، ثم أعطيت فضلتي عمر بن الخطاب ).
قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟
قال : ( العلم ) .
فعمر بن الخطاب من أعلم الناس .. ولا أحد إلا فضلة من فضلات المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) .
وأبن عباس رضي الله عنهما بات عند خالته ميمونة يوماً .. فجاء ( صلى الله عليه وسلم ) ورآه نائماً وهو لم ينم ، فقال لميمونة : ( نام الغليم ) .
قالت: نعم
قال : فأتي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكر الله وهلل الله وكبر ثم نام حتى سمعت غطيطه ( وهو صوت يحدثه النائم ) ، فانظر إلى هذا الغلام الذكي الذي عمره عشر سنوات أو أقل ويحفظ مع ذلك الغطيط .
قال : ثم استفاق ( صلى الله عليه وسلم ) يفرك النوم من عينيه وهو يقول (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190)
الآيات . ثم قام يقضي حاجته ، فعرف ابن عباس أن الرجل إذا قام ليقضي حاجته احتاج إلى ماء ، وهذا من الفقه في الدين ، فوضع الماء للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ورجع لينام .
وأتي ( صلى الله عليه وسلم ) يسائل نفسه : من وضع لي الماء ؟ ثم عرف فقال ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) رواه البخاري .
فهذه ليلة الميلاد في حياة ابن عباس رضي الله عنهما .. فقد ولد ابن عباس تلك الليلة لأن للإنسان مولدين : مولد جسماني ومولد روحاني .
فمولده الجسماني يوم يسقط من بطن أمه .
ومولده الروحاني يوم يولد في الإسلام ، فاصبح ابن عباس مع مرور الزمان عالم الأمة وحبرها وترجمان القرآن بفضل دعاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) له .
يأتي أبو هريرة إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وهو فقير فكان يسمع الحديث ويحرص على حفظه ولكن دون جدوى . لأنه لم يكن يكتب .
فقال : يا رسول الله إني أسمع منك أحاديث كثيرة فأدع لي .
قال : ( ابسط رداءك ) .
فبسط رداءه فحثا ( صلى الله عليه وسلم ) فيه بيديه وهو يقول : ( اللهم حفظه ) أو كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) ثم قال : ( ضم رداءك ) .
قال : فضممت ردائي ، فالله ما نسيت بعدها حرفاً أبداً (1) .
ومن أراد أن يعرف حفظ أبي هريرة فيقرأ كتاب : ( الدفاع عن أبي هريرة ) لعبد المنعم الصالح العلي .
يقول ( صلى الله عليه وسلم ) لأبي بن كعب : ( يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم ؟)
قال : الله ورسوله أعلم .
قال : أي آيه في كتاب الله أعظم ؟
قال : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (آل عمران:2) أي آية الكرسي .
فضرب ( صلى الله عليه وسلم ) في صدره وقال له : ( ليهنك العلم أبا المنذر(2) ) .
ولذلك في الصحيحين : ( لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ) .
ابن أبي الجعد مولى عبد من المدينة وكان مع سيده ولا يعرف يطبخ ولا يسلخ ولا يذبح ، فهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت يخبر .
قال له مولاه : قد أعتقتك لوجه الله ، والله ما أعتقتك إلا وقد عجزت فيك لأنك لا تجيد شيئاً .
قال : ماذا افعل ؟
قال أطلب العلم .
قال فجلست سنة أطلب العلم ، وبعد سنة استأذن على أمير المدينة في القيلولة فلم آذن له فرجع من عند الباب !!
عطاء بن رباح كان أشل افطس .
يقول أحد التابعين : لو جمعت العيوب في الناس لاجتمعت في عطاء رضي الله عنه وأرضاه ن اجتمع ببابه الناس ومعهم الخليفة سليمان بن عبد الملك جاء ليسأله .
فقال للخليفة : خذ مكانك مع الناس ولا تتقدم على الناس ! وهو خليفة دمشق وخليفة الأمة الإسلامية .
فرجع سليمان حتى أتى دوره فسال عطاء .
فقال سليمان لأبنائه : تعلموا العلم ، فو الله ما ذللت لأحد من الناس كما ذللت اليوم لهذا العبد !
لأن عطاء عبد وكلنا عبيد الله .
قال الأندلسي مشجعاً أبنه على العلم :
هو العـضب المـهنـد ليـس ينبو تصـيب بـه مـضارب مـن أردت
وكـنز لا تخـاف عـليـه لصـاً خـفيف الحـمل يوجـد حـيث كنت
يزيـد بكــثرة الإنـفـاق مـنه ويـنـقـص إن بـه كــفاً شـددت
فـبـادره وخـذ بالجــد فـيـه فـإن أعـطـاكـه الله انـتـفـعـت
ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) ( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع(1) ) .
ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) ( مسلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) وهذا في مسلم .
وعند البخاري ومسلم من حديث معاوية قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) ، وبمفهوم المخالفة أن من لم يرد به خيراً لا يفقه في الدين .
أما طريقة تعليمه ( صلى الله عليه وسلم ) فقد كانت طرقه في التعليم أربع طرق :
أولها : القدرة بالعمل ، قال تعالي : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) فكان يعمل بالعلم ويقول للناس افعلوا كما افعل .
في البخاري عن مالك بن الحويرث قال : يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد : قام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على المنبر فصلى بنا فصلى الناس بصلاته .
وكان يتوضأ ويقول : ( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه دخل الجنة ) .
ويحج ويقف في عرفات ويرمي الجمار ويبيت في مزدلفة ونى ويقول : ( خذوا عني مناسككم )(2) .
القدوة في التعليم منه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقول القول فيصدقه بالعمل .
يقول للناس : جاهدوا المشركين وهو أول مجاهد .
يدعوهم لقيام الليل : وهو يسهر الليل ويبكي من طاعة الله ومن خوف الله .
أما الطريقة الثانية في تعليمه ( صلى الله عليه وسلم ) : فضرب الأمثلة ن فهو يقول مثلاً : ( إن مثلي ومثلكم كمثل النذير العريان )(3) .
يأتيه أعرابي جلف فيغلظ له القول ويطلب منه مالاً .. فيهم به الصحابة فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) للناسhttp://khafamam.com/vb/images/smilies/frown.gif أتدرون ما مثلي ومثلكم ومثل هذا الإعرابي ؟ مثلنا كمثل رجل هربت دابته فلحقها الناس وهي تفر عنهم .. فجاء وقال : خلوا بيني وبين دابتي ، فأتاها حتى أناخها ) .. أو كما قال ( صلى الله عليه وسلم )(4) .
ويريد ( صلى الله عليه وسلم ) أن يبين الأجل والأمل والإنسان فيرسم خطاً مربعاً وخطاً خارجاً من المربع وجعل الأمل النقطة التي خارج المربع ، والأجل هو طرف المربع إلى يفصل هذا الخط والإنسان داخل المربع .
وقال ( هذا الإنسان وهذا أمله وهذا أجله وهذه العوارض ، إن أخطأه هذا نهشه هذا ) . هذا ضرب الأمثلة في حياته ( صلى الله عليه وسلم ) وهو منهج قرآني فقد ضرب الله لنا عدة أمثلة في القرآن .
أما الطريقة الثالثة في تعليمه ( صلى الله عليه وسلم ) فهي الخطابة والوعظ ، فهو يخطب يوم الجمعة فتدمع القلوب قبل العيون .. يتكلم للناس فيبكي الأرواح قبل المقل .
يتكلم ( صلى الله عليه وسلم ) فتهتز المنابر ، فهو أخطب خطيب عرفته البشرية والواعظ كذلك .
ولا بد للمسلمين في الدعوة من أمرين : منبر للواعظ ، وحلقة للتدريس
فمنبر الوعظ يشحن القلوب ويقودها إلى بارئها .
وحلقة الدرس الهادئة تربي العلم التأصيلي في النفس .
أما الطريقة الرابعة في تعليمه ( صلى الله عليه وسلم ) فهي مراعاة المناسبات .
يقول المتنبي :
فـوضـع النـدى فـي مـوضـع السـيف بالعـلا

مـضـر مـوضـع السـيـف فـي مـوضـع النـدى



فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يعرف البيئة التي يتكلم فيها ، ولذلك أثمرت دعوته .
ويخطئ كثير من الدعاة يوم يذهبون إلى البادية فيتكلمون لهم بكلام الحاضرة ، أو يتكلمون لأهل الحاضرة بكلام أهل البادية .
فهذا جهل بأسلوب الدعوة .
فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يتكلم لكل فئة بما يمكن أن تدركه عقولها .
قال على بن أبي طالب : (حدثوا الناس بما يعرفون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ).
وقال أبن مسعود : إنك لست محدثاً قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة .
فهو يحدث أبا بكر بحديث خاص يهم مكانته وشخصيته .
ويوصي أبن عباس بوصايا الشباب كقوله في الترمذي : ( أحفظ الله يحفظك ) .
ويحدث زيد في الفرائض لأنه يقول ( أفرضكم زيد )(1) .
ويحدث النساء ، وشؤون المرأة ، وحياة المرأة وأحكام المرأة .
فمراعاة المناسبات أمر حرص ( صلى الله عليه وسلم ) عليه في العلم .
أما العنصر الرابع : فهو مبدأ التخصص في حياته ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو ظاهر جداً في تعامله مع أصحابه .
وبعض الناس يظن أن التخصص قتل للعلم ، وفي كلامهم حق وباطل .
أما الحق : فإن الطالب يجب أن يكون عنده حد أدنى من العلوم الإسلامية ، لكنه يبرز في ناحية من النواحي ، ولا تكون قوته في كل ناحية كقوته في تلك الناحية التي برز فيها .
ومن قرأ التاريخ واستقرأ العلماء وجد أن كل عالم برع في فن من الفنون أكثر من غيره .
فهذا منهجه ( صلى الله عليه وسلم )) مع أصحابه فمثلاً أنسي ( صلى الله عليه وسلم ) آيه في الصلاة فلما سلم قال الناس : يا رسول الله نسيت هذه الآية .
فقال : ( يا أبا المنذر أكما يقول الناس؟ ) .
قال : نعم يا رسول الله .
فهو لم يسل غيره رضي الله عنه لأنه يعلم تمكنه من القرآن حفظاً ودراسة .
وهكذا غيره من الصحابة ، كخالد بن الوليد الذي برع في المعارك حتى سماه الرسول : ( سيف الله المسلول ) لكنه لم يبرع في حفظ أو رواية الأحاديث مثلاً .
وهكذا حسان بن ثابت في الأدب .. فقد أتي وفد بني تميم كما صح في السير فقالوا : يا رسول الله عندنا شاعر وخطيب نريد أن نفاخرك .
فجمعهم في المسجد وقال لحسان : ( أتستطيع أن ترد على شاعرهم ؟ )
قال : إي والله يا رسول الله .
قال : ( بماذا ؟)
فقال : عندي يا رسول الله لسان لو وضعته على حجر لفلقه ، ولو وضعته على شعر لحلقه .. ثم أخرج لسانه فضرب به أرنبة أنفه ! فبدأ الزبرقان بن بدر شاعرهم وألقى قصيدة يقول فيها
نحـن المـلـوك فـلا حـي يـقــارعـنا مـنـا المـلوك وفـيـنـا تـنـصـب البيـع
إلى أن تلي ما يقارب خمسين بيتاً .
وبعدها قام حسان فرماهم بما يقارب ستين بيتاً بدأها بقوله :
إن الذوائـب من فـهـر واخــــوتـها قــد بـيـنـوا ســنـة للنـاس تـتـبـع
يـرضـى بـها كـل من كـانت سـريرته تـقـوى الإلـه وبـالأمـر الـذي شـرعـوا
إلى آخر الأبيات .
فقال بنو تميم : غلب شاعرك شاعرنا .
وهكذا غيرهم من الصحابة لمن تأمل سيرهم .
إننا نؤمن بالتخصص ونصنف الناس على حسب تخصصاتهم ، فحق على القائمين على الدعوة والجامعات من أساتذة ومدراء جامعات أن يصنفوا من حولهم إلى باحث خبير ، وكاتب صحفي ، ومتكلم قدير ، ومفتٍ للناس لتنهض الأمة الإسلامية قوية في جانب الدعوة .
ثم أعود فأقول : إن العلم أيها الأبرار أفضل من النوافل الأخرى وقد هون بعض الناس من شأنه وقالوا لمن يحفظ المتون : ( زاد نسخة في البلد ) !
لا والله ما زادت نسخة في البلد ، بل زاد عالم جليل .
ومن يهون من العلم فإنما أتي من تقصيره وخمول همته .
ثم أنبه أيها الأخوة إلى أنه وجد أناس في الساحة يعيشون على الفكر وحده وهو لا يكفي وحده دون العلم الشرعي المؤصل .. لأنه مبني على التطور والتقلب دون الثبات .
أسأل الله لي ولكم في الختام علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

شمس الرائدية
25-12-2012, 08:17 PM


بوركتي على الطرح آلقيم ..
آحترامي ..’’

دانة الكون
25-12-2012, 08:47 PM
بارك الله فيك

ثلجة وردية
29-12-2012, 02:18 PM
الله يعطيـك ال ع ــافيـه
ولأيحــرمكـ ألاجــر والجــنه
دمت بكـل خير. ..
..

المونديالي
01-01-2013, 10:08 PM
بـارك الله فيك .!!
والله يعطيككك العافييييييية .!!




^^

الدووووخي
03-01-2013, 12:17 AM
الله يجزاااااااااك خير ..