المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصائد من عيون الشعرالعربي الحديث


سواق معلمات
08-04-2013, 05:54 PM
اول مشاركة لي في هذا المنتدى اخترت ان تكون ثلاث قصائد من عيون الشعر العربي الحديث وكل قصيده تستحق ان تكتب بماء الذهب وان تصنف كمعلقات للشعر الحديث لما فيها من تجليات و اشراقات انسانيه .
.القصيده الاولى للشاعر جبران خليل جبران وهي قصيدته المشهوره بأسم المواكب
(( المواكب ))


الخير في الناس مصنوعٌ إذا جُبروا
والشرُّ في الناس لا يفنى وإِن قبروا
وأكثر الناس آلاتٌ تحركها
أصابع الدهر يوماً ثم تنكسرُ
فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ
ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ
فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها
صوت الرعاة ومن لم يمشِ يندثر

ليس في الغابات راعٍ .......... لا ولا فيها القطيعْ
فالشتا يمشي ولكن ........... لا يُجاريهِ الربيعْ
خُلقَ الناس عبيداً ........... للذي يأْبى الخضوعْ
فإذا ما هبَّ يوماً ........... سائراً سار الجميعْ
أعطني النايَ وغنِّ ........... فالغنا يرعى العقولْ
وأنينُ الناي أبقى .......... من مجيدٍ و ذليلْ

* * *
و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده
أحلام من بمرادِ النفس يأتمرُ
و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ
فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ
و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ
فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ
فإن ترفعتَ عن رغدٍ و عن كدرِ
جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ

ليس في الغابات حزنٌ ......... لا و لا فيها الهمومْ
فإذا ... هبّ ... نسيمٌ......... لم تجىءْ معه السمومْ
ليس حزن النفس إلا ......... ظلُّ وهمٍ لا يدومْ
وغيوم النفس تبدو ........... من ثناياها النجومْ
أعطني الناي وغنِّ ........... فالغنا يمحو المحنْ
وأنين الناي يبقى ............. بعد أن يفنى الزمنْ

* * *
وقلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما
تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرْ
لذلك قد حوَّلوا نهر الحياة إلى
أكواب وهمٍ إذا طافوا بها خدروا
فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ
رهنُ الهوى و عَلىَ التخدير قد فُطروا
فذا يُعربدُ إن صلَّى و ذاك إذا
أثرى و ذلك بالأحلام يختمرُ
فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها
وليس يرضى بها غير الألى سكروا
فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً
هل استظلَّ بغيم ممطر قمرُ

ليس في الغابات سكرٌ ......... من مدامِ أو خيالْ
فالسواقي ليس فيها ............ غير أكسير الغمامْ
إنما التخدير ُ ثديٌ ............... و حليبٌ للأنام
فإذا شاخوا و ماتوا ...............بلغوا سن الفطامْ
اعطني النايَ و غنِّ ...........فالغنا خير الشرابْ
و أنين الناي يبقى ......... بعد أن تفنى الهضاب

* * *
و الدين في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ
غيرُ الأولى لهمُ في زرعهِ وطرُ
من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ
و من جهول يخافُ النارَ تستعرُ
فالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدوا
رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهمْ
إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا

ليس في الغابات دينٌ ......... لا و لا الكفر القبيحْ
فإذا... البلبل ... غنى .......... لم يقلْ هذا الصحيحْ
إنَّ...دين الناس يأْتي .......... مثل ظلٍّ و يروحْ
لم يقم في الأرض دينٌ ...........بعد طه و المسيح
اعطني الناي و غنِّ ............ فالغنا خيرُ الصلاة
وأنينُ الناي يبقى .............. بعد أن تفنى الحياةْ

* * *
والعدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا
بهِ و يستضحكُ الأموات لو نظروا
فالسجنُ والموتُ للجانين إن صغروا
والمجدُ والفخرُ والإثراءُ إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ ومحتقرٌ
وسارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطر
وقاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ
وقاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ

ليس في الغابات عدلٌ .......... لا و لا فيها العقابْ
فإذا الصفصاف ألقى .......... ظله فوق الترابْ
لا يقول السروُ هذي .......... بدعةٌ ضد الكتابْ
إن عدلَ الناسِ ثلجُ ......... إنْ رأتهُ الشمس ذابْ
اعطني الناي و غنِ ............فالغنا عدلُ القلوبْ
و أنين الناي يبقى ............ بعد أن تفنى الذنوبْ

* * *
والحقُّ للعزمِ و الأرواح إن قويتْ
سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغيرُ
ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ
بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا
وفي الزرازير جُبن و هي طائرة
وفي البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر
والعزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره
عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا
فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى
قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا

ليس في الغابات عزمٌ ......... لا و لا فيها الضعيفْ
فإذا ما الأُسدُ صاحت .......... لم تقلْ هذا المخيفْ
إن عزم الناس ظلٌّ .......... في فضا الفكر يطوفْ
و حقوق الناس تبلى ........... مثل أوراق الخريفْ
اعطني الناي و غنِّ ............. فالغنا عزمُ النفوسْ
وأنينُ الناي يبقى ........... بعد أن تفنى الشموسْ

* * *
و العلمُ في الناسِ سبلٌ بأنَ أوَّلها
أما أواخرها فالدهرُ والقدرُ
وأفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرت بهِ
وسرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً
عن قومهِ و هو منبوذٌ ومحتقرُ
فهو النبيُّ و بُرد الغد يحجبهُ
عن أُمةٍ برداءِ الأمس تأتزرُ
وهو الغريبُ عن الدنيا وساكنها
وهو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا
وهو الشديد وإن أبدى ملاينةً
وهو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا

ليس في الغابات علمٌ .......... لا و لا فيها الجهولْ
فإذا الأغصانُ مالتْ ............ لم تقلْ هذا الجليلْ
إنّ علمَ الناس طرَّا ............. كضبابٍ في الحقولْ
فإذا الشمس أطلت ............. من ورا الأفاق يزولْ
اعطني النايَ و غنِّ .............. فالغنا خير العلومْ
و أنينُ الناي يبقى ........... بعد أن تطفي النجومْ

* * *
و الحرُّ في الأرض يبني من منازعهِ
سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرْ
فان تحرَّر من أبناء بجدتهِ
يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ
فهو الاريب و لكن في تصلبهِ
حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ
و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ
حتى إلى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ

ليس في الغابات حرٌّ ........... لا و لا العبد الدميمْ
إنما الأمجادُ سخفٌ ............... و فقاقيعٌ تعومْ
فإذا ما اللوز ألقى ............ زهره فوق الهشيمْ
لم يقلْ هذا حقيرٌ ................ و أنا المولى الكريمْ
اعطني الناي و غني .............. فالغنا مجدٌ اثيلْ
و أنين الناي أبقى ................. من زنيمٍ و جليلْ

* * *
و اللطفُ في الناسِ أصداف و إن نعمتْ
أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ
فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ
من العجين و أُخرى دونها الحجرُ
و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ
تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ
و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ
إن راعهُ وجلٌ أو هالهُ الخطرُ
فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ
لأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ

ليس في الغابِ لطيفٌ ............ لينهُ لين الجبانْ
فغصونُ البان تعلو ............. في جوار السنديانْ
و إذا الطاووسُ أُعطي .......... حلةً كالأرجوان
فهوَ لا يدري أحسنْ ............. فيهِ أم فيهِ افتتان
اعطني الناي و غنِّ .......... فالغنا لطفُ الوديعْ
و أنين الناي أبقى .......... من ضعيفٍ و ضليعْ

* * *
و الظرفُ في الناس تمويهٌ و أبغضهُ
ظرفُ الأولى في فنون الاقتدا مهروا
من مُعجبٍ بأمورٍ و هو يجهلها
و ليس فيها له نفعٌ و لا ضررُ
و من عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً
في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ
و من شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً
و ظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ

ليس في الغاب ظريف ......... ظرفهُ ضعف الضئيلْ
فالصبا و هي عليل .................. ما بها سقمُ العليلْ
إن بالأنهار طعماً .................. مثل طعم السلسبيلْ
و بها هولٌ و عزمٌ ................ يجرفُ الصلدَ الثقيلْ
اعطني الناي و غنِّ ............. فالغنا ظرفُ الظريفْ
و أنين الناي أبقى ............ من رقيق و كثيفْ

* * *
و الحبُّ في الناس أشكالٌ و أكثرها
كالعشب في الحقل لا زهرٌ و لا ثمرُ
و أكثرُ الحبِّ مثلُ الراح أيسره
يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ
و الحبُّ إن قادتِ الأجسام موكبهُ
إلى فراش من الأغراض ينتحرُ
كأنهُ ملكٌ في الأسر معتقلٌ
يأبى الحياة و أعوان له غدروا

ليس في الغاب خليع ............ يدَّعي نُبلَ الغرامْ
فإذا الثيران خارتْ .............. لم تقلْ هذا الهيامْ
إن حبَّ الناس داءٌ ............... بين حلمٍ و عظامْ
فإذا ولَّى شبابٌ ................. يختفي ذاك السقامْ
اعطني النايَ و غنِّ ........... فالغنا حبٌّ صحيحْ
و أنينُ الناي أبقى .......... من جميل و مليحْ

* * *
فان لقيتَ محباً هائماً كلفاً
في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ
و الناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى
يبغي من الحبِّ أو يرجو فيصطبرُ
أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ
و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ
فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا
أنَّى دروا كنهَ من يحيي و ما اختبروا

ليس في الغابات عذلٌ ......... لا و لا فيها الرقيبْ
فإذا الغزلانُ جُنّتْ ............ إذ ترى وجه المغيبْ
لا يقولُ النسرُ واهاً ............. إن ذا شيءٌ عجيبْ
إنما العاقل يدعى .............. عندنا الأمر الغريبْ
اعطني الناي و غنِّ ..............فالغنا خيرُ الجنون
و أنين الناي أبقى ........... من حصيفٍ و رصينْ

* * *
و قل نسينا فخارَ الفاتحينَ و ما
ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ
قد كان في قلب ذي القرنين مجزرةٌ
و في حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ
ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ
و في انكساراتِ هذا الفوزُ و الظفرُ
و الحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ

ليس في الغابات ذكرٌ ............... غير ذكر العاشقينْ
فالأولى سادوا و مادوا ............ و طغوا بالعالمين
أصبحوا مثل حروفٍ ........... في أسامي المجرمينْ
فالهوى الفضّاح يدعى ............. عندنا الفتح المبينْ
اعطني الناي و غنّ ............... و انس ظلم الأقوياء
إنما الزنبق كأسٌ .................. للندى لا للدماء

* * *
و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ
يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً
حتى إذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ
لم يسعد الناسُ إلا في تشوُّقهمْ
إلى المنيع فان صاروا بهِ فتروا
فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ
عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ

ليس في الغاب رجاءٌ ............... لا و لا فيه المللْ
كيف يرجو الغاب جزءا ........ و عَلىَ الكل حصلْ
و بما السعيُ بغابٍ .................أَملاً و هو الأملْ
انما العيش رجاءً .............. إِحدى هاتيك العللْ
اعطني النايَ و غنِّ ................. فالغنا نارٌ و نورْ
و أنين الناي شوقٌ .................. لا يدانيهِ الفتور

***
غايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ
فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ
فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ
حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ
كأنما هي...أثمار إذا نضجتْ
و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ
و ذا يقول هي الأجسام إن هجعت
لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ
كأنما هي ظلٌّ في الغدير إذا
تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الأثر
ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ
تُثوى و لا هي في الأرواح تختصر
فما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍ
إلا و مرَّ بها الشرقيْ فتنتشرُ

لم أجد في الغاب فرقاً ............. بين نفس و جسدْ
فالهوا ماءٌ تهادى ........... . و الندى ماءٌ ركدْ
و الشذا زهرٌ تمادى ........... و الثرى زهرٌ جمدْ
و ظلالُ الحورِ حورٌ ............ ظنَّ ليلاً فرقدْ
اعطني النايَ و غنِّ ........... فالغنا جسمٌ وروح
و أنينُ الناي أبقى ............... من غبوق و صبوحْ

* * *
و الجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ
حتى البلوغِ فتستعلى و ينغمرُ
فهي الجنينُ و ما يوم الحمام سوى
عهدِ المخاض فلا سقطٌ و لا عسرُ
لكن في الناس أشباحا يلازمها
عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ
فهي الدخيلةُ و الأرواح ما وُلدت
من القفيل و لم يحبل بها المدرُ
و كم عَلَى الأرض من نبتٍ بلا أَرجٍ
و كم علا الأفق غيمٌ ما به مطرُ

ليس في الغاب عقيمٌ ............ لا و لا فيها الدخيلْ
إنَّ في التمر نواةً ............ حفظت سر النخيلْ
و بقرص الشهد رمزٌ.......... عن فقير و حقولْ
انما... العاقرُ ... لفظ ........ صيغ من معنى الخمولْ
اعطني الناي وغنِّ ............. فالغنا جسمٌ يسيلْ
وأنينُ الناي أبقى ............... من مسوخ و نغولْ

* * *
و الموتُ في الأرض لابن الأرض خاتمةٌ
و للأثيريّ فهو البدءُ و الظفرُ
فمن يعانق في أحلامه سحراً
يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ
و من يلازمُ ترباً حالَ يقظتهِ
يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ
فالموتُ كالبحر , مَنْ خفّت عناصره
يجتازه , و أخو الأثقال ينحدرُ

ليس في الغابات موتٌ ......... لا و لا فيها القبور
فإذا نيسان ولىَّ ......... لم يمتْ معهُ السرورْ
إنَّ هولِ الموت وهمٌ ........ ينثني طيَّ الصدورْ
فالذي عاش ربيعاً ......... كالذي عاش الدهورْ
اعطني الناي و غنِّ ............ فالغنا سرُّ الخلود
و أنين الناي يبقى ............ بعد أن يفنى الوجود

* * *

اعطني الناي و غنِّ ............ وانس ما قلتُ و قلتا
انما النطقُ ... هباءٌ .............. فأفدني ما فعلنا
هل تخذتَ الغاب مثلي ..... منزلاً دون القصورْ
فتتبعتَ السواقي ............... و تسلقتَ الصخورْ
هل تحممتَ بعطرٍ .............. و تنشقت بنورْ
و شربت الفجر خمراً ............ في كؤُوس من أثير
هل جلست العصر مثلي .......... بين جفنات العنبْ
و العناقيد تدلتْ ............. كثريات الذهبْ
فهي للصادي عيونٌ ............ و لمن جاع الطعامْ
و هي شهدٌ و هي عطرٌ ....... و لمن شاءَ المدامْ
هل فرشتَ العشب ليلاً ........... و تلحفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأْتي .............. ناسياً ما قد مضى
و سكوت الليل بحرٌ ..............موجهُ في مسمعكْ
و بصدر الليل قلبٌ .............. خافقٌ في مضجعكْ
اعطني الناي و غنِّ ................ و انسَ داًْء و دواء
انما الناس سطورٌ ................. كتبت لكن بماء
ليت شعري أي نفعٍ ............... في اجتماع و زحامْ
و جدالٍ و ضجيجٍ.................و احتجاجٍ و خصامْ
كلها إنفاق خُلدٍ .............. و خيوط العنكبوتْ
فالذي يحيا بعجزٍ ................ فهو في بطءٍ يموتْ

* * *

العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت
في قبضتي لغدت في الغاب تنتثر
لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ
فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ
وللتقادير سبلٌ لا تغيرها
والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا

************************************************** *************
القصيده الثانيه قصيده مشاكسه لشاعر يختلف فيه الكثير ويتفق الكل على شاعريته
القصيده بأسم ياتونس الخضراء وشاعرها هو نزار قباني
ياتونس الخضراء
ياتونس الخضراء جئتك عاشقا *** وعلى جبيني وردة وكتاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى*** فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي*** إن الهوى ألا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر*** قطع فعمري الموج والأخشاب
لم أنس اسماء النساء ..وإنما*** للحسن أسباب ولي أسباب
ياساكنات البحر في قرطاجة*** جف الشذى وتفرق الأصحاب
أين اللواتي حبهن عبادة*** وغيابهن وقربهن عذاب
اللابسات قصائدي ومدامعي*** عاتبتهن فما أفاد عتاب
أحببتهن وهن ما أحببنني*** وصدقتهن ووعدهن كذاب
إني لأشعر بالدوار فناهد *** لي يطمئن وناهد يرتاب
هل دولة الحب التي أسستها*** سقطت علي وسددت الأبواب
تبكي الكؤوس ، فبعد ثغر حبيبتي*** حلفت بألا تُسكر الأعناب
أيصدني نهد تعبت برسمه؟ *** وتخونني الأقراط والأثواب؟
ماذا جرى لممالكي وبيارقي؟*** أدعو رباب فلا تجيب رباب
أأحاسب امرأة على نسيانها*** ومتى استقام مع النساء حساب
ما تبت عن عشقي ولا استغفرته*** ما أسخف العشاق لو هم تابوا
قمر دمشقي يسافر في دمي*** وبلابل وسنابل وقباب
الفل يبدأ من دمشق بياضُه*** وبعطرها تتطيب الأطياب
والماء يبدأ من دمشق فحيثما*** أسندت رأسك جدول ينساب
والشعر عصفور يمد جناحه *** فوق الشآم وشاعر جواب
والحب يبدأ من دمشق فأهلنا *** عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا
والخيل تبدأ من دمشق مسارها *** وتشد للفتح الكبير ركاب
والدهر يبدأ من دمشق وعندها*** تبقى اللغات وتحفظ الأنساب
ودمشق تعطي للعروبة شكلها *** وبأرضها تتشكل الأحقاب
بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي *** هذا المساء ومن هو العراب
أأنا مغني القصر يا قرطاجة*** كيف الحضور وما علي ثياب
ماذا أقول ؟ فمي يفتش عن فمي *** والمفردات حجارة وتراب
فمآدب عربية .. وقصائد*** همزية .. ووسائد وحباب
لا الكأس تنسينا مساحة حزننا *** يوما ولا كل الشراب شراب
من أين يأتي الشعر يا قرطاجة*** والدين مات وعادت الأنصاب
من أين يأتي الشعر ؟حين نهارنا*** قمع وحين مساؤنا إرهاب
سرقوا أصابعنا .وعطر حروفنا*** فبأي شيء يكتب الكتاب
والحكم شرطي يسير وراءنا*** سرا فنكهة خبزنا استجواب
الشعر رغم سياطهم وسجونهم*** ملك وهم في بابه حجاب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى*** وحدائق الشعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل*** لا البحتري هنا ولا زرياب
شعراء هذا اليوم جنس ثالث*** فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلمون مع الفارغ فما هم*** عجم إذا نطقوا ولا أعراب
اللاهثون على هوامش عمرنا *** سيان إن حضروا وإن هم غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقا *** وهم على سطح النبيذ ذباب
الخمر تبقى إن تقادم عهدها*** خمرا وقد تتغير الأكواب
من أين أدخل في القصيدة ياترى*** والشمس فوق رؤوسنا سرداب
إن القصيدة ليس ما كتبت يدي *** لكنها ما تكتب الأهداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنا *** فحياتنا الكبريت والأحطاب
ما الشعر؟ ما وجع الكتابة ؟ ما الرؤى؟*** أولى ضحايانا هم الكتاب
يعطوننا الفرح الجميل وحظهم *** حظ البغايا ما لهن ثواب
ياتونس الخضراء هذا عالم*** يثري به الأمي والنصاب
فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل*** بَطِرَت فلا فكر ولا آداب
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر*** ثوبا وترفل بالحرير قـ..ب!!
هل في العيون التونسية شاطيء*** ترتاح فوق رماله الأعصاب
أنا يا صديقة متعب بعروبتي*** فهل العروبة لعنة وعقاب
أمشي على ورق الخريطة خائفا*** فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي*** وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها*** ما كنت أحسب أنهم أعراب
يتقاتلون على بقايا تمرة*** فخناجر مرفوعة وحراب
قبلاتهم عربية .. من ذا رأى*** فيما رأى قبلا لها أنياب
ياتونس الخضراء كأسي علقم *** أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟
وخريطة الوطن الكبير فضيحة*** فحواجز ومخافر وكلاب
والعالم العربي إما نعجة*** مذبوحة أو حاكم قصاب
والعالم العربي يرهن سيفه*** فحكاية الشرف الرفيع سراب
والعالم العربي يخزن نفطه*** في خصيتيه وربك الوهاب
والناس قبل النفط أو من بعده *** مستنزفون فسادة ودواب
ياتونس الخضراء كيف خلاصنا*** لم يبق من كتب السماء كتاب
ماتت خيول بني أمية كلها *** خجلا وظل الصرف والإعراب
فكأنما كتب التراث خرافة*** كبرى فلا عمر . . ولا خطاب
وبيارق ابن العاص تمسح دمعها*** وعزيز مصر بالفصام مصاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت *** فمقام سيدنا الحسين يباب
ما هذه مصر فإن صلاتها*** عبرية وإمامها كذاب
ما هذه مصر فإن سماءها *** صغرت وإن نساءها أسلاب
إن جاء كافور فكم من حاكم*** قهر الشعوب وتاجه قبقاب
بحرية العينين ياقرطاجة *** شاخ الزمان وأنت بعد شباب
هل لي بعض البحر نصف جزيرة *** أم أن حبي التونسي سراب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي*** هل للدفاتر يا ترى أعصاب؟
حزني بنفسجة يبللها الندى*** وضفاف جرحي روضة معشاب
لا تعذليني إن كشفت مواجعي *** وجه الحقيقة ما عليه نقاب
إن الجنون وراء نصف قصائدي *** أوليس في بعض الجنون صواب؟
فتحملي غضبي الجميل فربما*** ثارت على أمر السماء هضاب
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم *** فلك يعيش الحب والأحباب
وإذا قسوت على العروبة مرة *** فلقد تضيق بكحلها الأهداب
فلربما تجد العروبة نفسها*** ويضيء في قلب الظلام شهاب
ولقد تطير من العقال حمامة *** ومن العباءة تطلع الأعشاب
قرطاجة :قرطاجة:قرطاجة:*** هل لي لصدرك رجعة ومتاب؟
لا تغضبي مني إذا غلب الهوى *** إن الهوى في طبعه غلاب
فذنوب شعري كلها مغفورة *** والله جل جلاله التواب
************************************************** *****
القصيده الثالثه قصيده بعنوان الطلاسم وهي للشاعر أيليا ابو ماضي

الطلاسم

جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت

ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت

وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

لست أدري!

أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود

هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود

هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود

أتمنّى أنّني أدري ولكن...

لست أدري!

وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور

أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير

أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟

لست أدري!

ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين

أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين

وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون

أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟

لست أدري!

أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا

أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا

ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا

لست أدري... ولماذا لست أدري؟

لست أدري!

البحر:

قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟

هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟

أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟

ضحكت أمواجه مني وقالت:

لست أدري!

أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا

وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا

وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا

ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟

لست أدري!

أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك

أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك

أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك

فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..

لست أدري!

ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا

قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا

وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا

أصواب ما زعمنا أم ضلال؟

لست أدري!

قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك

وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك

وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك

وكأنّي خلتها قالت جميعا:

لست أدري!

برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا

تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا

قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا

ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..

لست أدري!

كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح

أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح

كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح

أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..

لست أدري!

كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا

طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا

ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا

أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...

لست أدري!

فيك مثلي أيّها الجبّار أصداف ورمل

إنّما أنت بلا ظلّ ولي في الأرض ظلّ

إنّما أنت بلا عقل ولي ،يا بحر ، عقل

فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟..

لست أدري!

يا كتاب الدّهر قل لي أله قبل وبعد

أنا كالزّورق فيه وهو بحر لا يجدّ

ليس لي قصد فهلل للدهر في سيري قصد

حبّذا العلم، ولكن كيف أدري؟..

لست أدري!

إنّ في صدري، يا بحر ، لأسرار عجابا

نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا

ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا

وأراني كلّما أوشكت أدري...

لست أدري!

إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا

الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا

وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك

لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...

لست أدري!

الدير:

قيل لي في الدّير قوم أدركوا سرّ الحياة

غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات

وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات

ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..

لست أدري!

قيل أدرى النّاس بالأسرار سكّان الصوامع

قلت إن صحّ الذي قالوا فإن السرّ شائع

عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع

والتي لم تتبرقع لا تراها؟..

لست أدري!

إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب

وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب

ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب

كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..

لست أدري!

أنني أبصرت فيّ الدّير ورودا في سياج

قنعت بعد النّدى الطّاهر بالماء الأجاج

حولها النّور الذي يحي ، وترضى بالديّاجي

أمن الحكمة قتل القلب صبرا؟..

لست أدري!

قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب

وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب

كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب

أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟

لست أدري!

قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا

فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا

غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا

وإذا بالباب مكتوب عليه...

لست أدري!

عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي

هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع

وغدا يبحث عنه المكان البلقع

أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..

لست أدري!

كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح

لو أراد اللّه أن لا تعشق الشّيء المليح

كان إذ سوّاك بلا عقل وروح

فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...

لست أدري!

أيّها الهارب إنّ العار في هذا الفرار

لا صلاح في الّذي تفعل حتّى للقفار

أنت جان أيّ جان ، قاتل في غير ثار

أفيرضى اللّه عن هذا ويعفو ؟..

لست أدري!

بين المقابر:

ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر

هل رأيت الأمن والرّاحة إلاّ في الحفائر؟

فأشارت : فإذا للدّود عيث في المحاجر

ثم قالت :أيّها السّائل إني...

لست أدري!

أنظري كيف تساوى الكلّ في هذا المكان

وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصّولجان

والتقى العاشق والقالي فما يفترقان

أفبذا منتهى العدل؟ فقالت ...

لست أدري!

إنّ يك الموت قصاصا، أيّ ذنب للطّهاره

وإذا كان ثوابا، أيّ فضل للدعاره

وإذا كان يوما وما فيه جزاء أو جساره

فلم الأسماء إثم أو صلاح؟..

لست أدري!

أيّها القبر تكلّم، واخبرني يا رمام

هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام

من هو المائت من عام ومن مليون عام

أبصير الوقت في الأرماس محوا؟..

لست أدري!

إن يك الموت رقادا بعده صحو طويل

فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل؟

ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرّحيل؟

ومتى ينكشف السّرّ فيدري؟..

لست أدري!

إن يك الموت هجوعا يملأ النّفس سلاما

وانعتاقا لا اعتقالا وابتداء لا ختاما

فلماذا أعشق النّوم ولا أهوى الحماما

ولماذا تجزع الأرواح منه؟..

لست أدري!

أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور

فحياة فخلود أم فتاء ودثور

أكلام النّاس صدق أم كلام الناس زور

أصحيح أنّ بعض الناس يدري؟..

لست أدري!

إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقلا

أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كلاّ

أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا

ثمّ هل أعرف بعد الموت ذاتي؟..

لست أدري!

يا صديقي، لا تعللّني بتمزيق السّتور

بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور

إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري

كيف أدري بعدما أفقد رشدي...

لست أدري!

القصر والكوخ:

ولقد أبصرت قصرا شاهقا عالي القباب

قلت ما شادك من شادك إلاّ للخراب

أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب

وهو لا يعلم ما تحوي؛ أيدري؟..

لست أدري!

يا مثالا كان وهما قبلما شاء البناة

أنت فكر من دماغ غيّبته الظلمات

أنت أمنية قلب أكلته الحشرات

أنت بانيك الّذي شادك لا ... لا...

لست أدري!

كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم

ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم

سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم

مالنا نبني وما نبني لهدم؟..

لست أدري!

لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين

أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين

وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين

هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟

لست أدري!

ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب

أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب

كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب

فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..

لست أدري!

سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟

واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام

واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام

أترى الشّيء كما نحن نراه؟..

لست أدري!

الفكر:

ربّ فكر لاح في لوحة نفسي وتجلّى

خلته منّي ولكن لم يقم حتّى تولّى

مثل طيف لاح في بئر قليلا واضمحّلا

كيف وافى ولماذا فرّ منّي؟

لست أدري!

أتراه سابحا في الأرض من نفس لأخرى

رابه مني أمر فأبى أن يستقرّا

أم تراه سرّ في نفسي كما أعبر جسرا

هل رأته قبل نفسي غير نفسي؟

لست أدري!

أم تراه بارقا حينا وتوارى

أم تراه كان مثل الطير في سجن فطارا

أم تراه انحلّ كالموجة في نفسي وغارا

فأنا أبحث عنه وهو فيها،

لست أدري!

صراع وعراك:

إنّني أشهد في نفسي صراعا وعراكا

وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا

هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا

أم تراني واهما فيما أراه؟

لست أدري!

بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل

فيه أزهار وأطيار تغني وجداول

أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل

كيف صار القلب روضا ثمّ قفرا؟

لست أدري!

أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير

أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير

أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير

كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟

لست أدري!

لي إيمان ولكن لا كأيماني ونسكي

إنّني أبكي ولكن لا كما قد كنت أبكي

وأنا أضحك أحيانا ولكن أيّ ضحك

ليت شعري ما الذي بدّل أمري؟

لست أدري!

كلّ يوم لي شأن ، كلّ حين لي شعور

هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور

أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور

كلّما ساءلت نفسي جاوبتني:

لست أدري!

ربّ أمر كنت لّما كان عندي أتّقيه

بتّ لّما غاب عنّي وتوارى أشتهيه

ما الّذي حبّبه عندي وما بغّضنيه

أأنا الشّخص الّذي أعرض عنه؟

لست أدري!

ربّ شخص عشت معه زمناألهو وأمرح

أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح

لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح

كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟

لست أدري!

ربّ بستان قضيت العمر أحمي شجره

ومنعت النّاس أن تقطف منه زهره

جاءت الأطيار في الفجر فناشت ثمره

ألأطيار السّما البستان أم لي؟

لست أدري!

رب قبح عند زيد هو حسن عند بكر

فهما ضدّان فيه وهو وهم عند عمرو

فمن الصّادق فيما يدّعيه ، ليت شعري

ولماذا ليس للحسن قياس؟

لست أدري!

قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب

وطلوع الشّمس يرجى مثلما يرجى الغروب

ورأيت الشّر مثل الخير يمضي ويؤوب

فلماذا أحسب الشرّ دخيلا؟

لست أدري!

إنّ هذا الغيث يهمي حين يهمي مكرها

وزهور الأرض تفشي مجبرات عطرها

لا تطيق الأرض تخفي شوكها أو زهرها

لا تسل : أيّهما أشهى وأبهى؟

لست أدري!

قد يصير الشوك إكليلا لملك أو نبّي

ويصير الورد في عروة لص أو بغيّ

أيغار الشّوك في الحقل من الزّهر الجنّي

أم ترى يحسبه أحقر منه؟

لست أدري!

قد يقيني الخطر الشّوك الذي يجرح كفّي

ويكون السّمّ في العطر الّذي يملأ أنفي

إنّما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي

وهو شرع كلّه ظلم ولكن ...

لست أدري!

قد رأيت الشّهب لا تدري لماذا تشرق

ورأيت السّحب لا تدري لماذا تغدق

ورأيت الغاب لا تدري لماذا تورق

فلماذا كلّها في الجهل مثلي ؟

لست أدري!

كلّما أيقنت أني قد أمطت السّتر عني

وبلغت السّر سرّي ضحكت نفسي مني

قد وجدت اليأس والحيرة لكن لم أجدني

فهل الجهل نعيم أم جحيم؟

لست أدري!

لذة عندي أن أسمع تغريد البلابل

وحفيف الورق الأخضر أو همس الجداول

وأرى الأنجم في الظلّماء تبدو كالمشاعل

أترى منها أم اللّذة منّي...

لست أدري!

أتراني كنت يوما نغما في وتر

أم تراني كنت قبلا موجة في نهر

أم تراني كنت في إحدى النّجوم الزّهر

أم أريجا ، أم حفيفا ، أم نسما؟

لست أدري!

فيّ مثل البحر أصداف ورمل ولآل

في كالأرض مروج وسفوح وجبال

فيّ كالجو نجوم وغيوم وظلال

هل أنا بحر وأرض وسماء؟

لست أدري!

من شرابي الشّهد والخمرة والماء الزّلال

من طعامي البقل والأثمارواللّحم الحلال

كم كيان قد تلاشى في كياني واستحال

كم كيان فيه شيء من كياني؟

لست أدري!

أأنا أفصح من عصفورة الوادي وأعذب؟

ومن الزّهرة أشهى ؟ وشذى الزّهرة أطيب؟

ومن الحيّة أدهى ؟ ومن النّملة أغرب؟

أم أنا أوضع من هذي وأدنى؟

لست أدري!

كلّها مثلي تحيا، كلّها مثلي تموت

ولها مثلي شراب ، ولها مثلي قوت

وانتباه ورقاد، وحديث وسكوت

فيما أمتاز عنها ليت شعري؟

لست أدري!

قد رأيت النّمل يسعى مثلما أسعى لرزقي

وله في العيش أوطار وحق مثل حقي

قد تساوى صمته في نظر الدّهر ونطقي

فكلانا صائر يوما إلى ما ...

لست أدري!

أنا كالصّهباء ، لكن أنا صهباي ودّني

أصلها خاف كأصلي ، سجنها طين كسجني

ويزاح الختم عنها مثلما ينشّق عني

وهي لا تفقه معناها، وإني...

لست أدري!

غلط القائل إنّ الخمر بنت الخابيه

فهي قبل الزق كانت في عروق الدّاليه

وحواها قبل رحن الكرم رحم الغاديه

إنّما من قبل هذا أين كانت؟

لست أدري!

هي في رأي فكر ، وهي في عينّي نور

وهي في صدري آمال ، وفي قلبي شعور

وهي في جسمي دم يسري فيه ويمور

إنّما من قبل هذا كيف كانت؟

لست أدري!

أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضية

أنا لا أعرف شيئا من حياتي الآتيه

لي ذات غير أني لست لأدري ماهيه

فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟

لست أدري!

إنّني جئت وأمضي وأنا لا أعلم

أنا لغز ... وذهابي كمجيتي طلسم

والّذي أوجد هذا اللّغز لغز أعظم

لا تجادل ذا الحجا من قال إنّي ...

لست أدري!
:d:d:d:d:d:d:d

دانة الكون
08-04-2013, 10:17 PM
الله يعطيك العافيه ع الاختيارات الجميله

سواق معلمات
09-04-2013, 04:49 PM
اشكرك على المرور والله يعافيك

عبدالرحمن3
13-04-2013, 03:15 PM
الله يعطيك العافيه على القصائد المميزة
بارك الله فيك

ليث العقيدة
15-04-2013, 09:08 PM
قصائد رائعة

جزاك الله خير

د. الشريف
19-04-2013, 03:31 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

وأهلا بكم في منتدى الأدب ..

الدووووخي
25-04-2013, 01:27 AM
الله يعطيكـ العافيه ..

ضحكة خجولة
09-05-2013, 12:20 PM
بورك طرحك
تميز قلمك
سلمت اناملك

محمد الصالح
03-08-2013, 03:20 AM
يعطيك الف العافيه