المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 ) : الشيخ زيد البحري


محمد القاضي
09-12-2013, 02:26 PM
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 ) : الشيخ زيد البحري


سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

أما بعد ، فيا عباد الله :
مازلنا نشنف الأسماع بذكر السيرة المعطرة الطيبة الطاهرة لسيد الخلق والبشر محمد عليه الصلاة والسلام .
فيما مضى من حديث ، فبعد هجرته عليه الصلاة والسلام قام ببعض الغزوات :
كغزوة العشيرة
وغزوة بواط
وغزوة بدر الصغرى
وبعث بعض السرايا كما سمعتم في الجمعة الماضية ، لكن تلك الغزوات وتلك السرايا لم يوقع الله عز وجل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش قتالا .
فما كان من قريش إلا أن أمضت قوافلها متجهة إلى الشام ، ومتجهة إلى اليمن ، لكنها زادت من الحراسة ؛ وذلك بعد المناورات اليسيرة التي جرت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم .
في المقابل كان عليه الصلاة والسلام يستطلع أخبار قوافل وعير قريش
وفي ذات يوم من السنة الثانية من الهجرة إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يسمع عن قافلة كبيرة قادمة من الشام لقريش عليها أبو سفيان .
فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن أرسل رجلا من الصحابة – كما جاء عند مسلم – واسمه " بسبس بن عمرو " ليستطلع الخبر، فانطلق رضي الله عنه ، ثم عاد ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة القافلة ، وما فيها ، وما تحتويه .
فما كان عليه عليه الصلاة والسلام إلا أن ندب أصحابه المستعدين للخروج ، ولم ينتظر أحدا ليصطاد بغيته من قريش .
فانطلق عليه الصلاة والسلام ، وفي انطلاقه أراد أن يستوثق من الخبر مرة أخرى ، فأرسل طليعة فيها " علي بن الزغباء ، وبسبس بن عمرو الذي أرسله قبل انطلاقه عليه الصلاة والسلام من المدينة ."
فعادا رضي الله عنهما وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر .
وكان عليه الصلاة والسلام قد عيَّن على الصلاة إماما " هو ابن أم مكتوم "
وعيَّن أميرا على المدينة : " أبا لبابة " رضي الله عنه .
فانطلق عليه الصلاة والسلام .
وقد جاء في صحيح البخاري أن عدد من كان معه عليه الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر( والبضع كما جاء في الحديث من الثلاثة إلى التسعة )
وجاء في رواية مسلم ومعه : " ثلاثمائة وتسعة عشر "
فلعل رواية مسلم تبين ما أُبهم في رواية البخاري.
ولذا جاء عند ابن هشام في السيرة بسند صحيح لابن عباس رضي الله عنهما :(( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : هذه عير لقريش قد أتت ، وفيها أموالهم ، فلعل الله عز وجل أن ينفلكموها ))
وكان عدد كفار قريش : كما جاء في صحيح مسلم : كان عددهم ألفا ، وكان معهم مئة فارس .
بينما النبي صلى الله عليه وسلم ليس معه إلا فرسان ، ومعه سبعون بعيرا يتعاقب الصحابة رضي الله عنهم عليها : فمرة يمشي بعضهم ، ومرة يركب بعضهم .
فبلغ أبا سفيان ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو سفيان خبيرا بالطرق ، فما كان منه إلا أن غيَّر مساره وطريقه ، فغدا بالقافلة إلى الساحل عن طريق البحر.
وندب في قريش يستغيث بهم أن ينقذوا قافلتهم .
فوصل الخبر إلى قريش فقامت صناديدها بأنفة وحمية واستكبار وخرجوا ، وكان عددهم كما سبق ألفا .
فلما بلغ أبو سفيان الجحفة – وهي بين المدينة ومكة – أرسل إلى قريش : أن القافلة قد نجت ، ويطلب منهم أن يعودوا ، وكان يؤكد عليهم أن يعودوا ولا يلتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لكن صناديد قريش أبت إلا أن تواجه النبي صلى الله عليه وسلم ـــــــــــ من أجل ماذا ؟
من أجل أن يؤمِّنوا قوافلهم في المستقبل ، ومن أن يبينوا لقبائل العرب أن هيبتهم وقوتهم مازالت موجودة فخرجوا يريدون المواجهة .
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش.
فإذا بطائفة من المسلمين تحاول أن تثني النبي صلى الله عليه وسلم عن القتال ، فهي لم تخرج لذات القتال ، وإنما خرجت للعير.
فصور الله عز وجل هذا المشهد الحاصل والحوار الدائر بين النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين هذه الطائفة المؤمنة في آيات عن غزوة بدر :
قال عز وجل : ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ{5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ))
وأما رغبة المهاجرين- كما جاء في صحيح البخاري – فكانوا مصرين على أن يواجهوا قريشا ـــــــــــــــ من أجل ماذا ؟
من أجل أن يشفوا غليلهم ، وان يستردوا شيئا من أموالهم التي أخذتها قريش .
فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال للصحابة : " أشيروا عليّ "
وكان عليه الصلاة والسلام لا يريد المهاجرين ؛ لأنه يعرف رأي المهاجرين .
لكنه يريد الأنصار ـــــــــــــ ولماذا بالذات الأنصار ؟
لأنهم هم الغالبية الكبرى في الجيش هذا أولا .
ثانيا : أن بيعة العقبة التي تحدثت عنها في جمع سالفة قد جرى في محاورها أن الأنصار ينصرون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقفون معه ، لكن النص الحاصل في بيعة العقبة : أن النصرة إنما تكون داخل المدينة ، وليس خارج المدينة ، وهم الآن خارج المدينة .
ففهمها سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وكان لواء الأنصار معه :
فقال رضي الله عنه : كأنك تريدنا يا رسول الله ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : أجل .
فما كان من سعد رضي الله عنه إلا أن تحدث بهذه الجمل التي سطرها له التاريخ ، فقال رضي الله عنه : " لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا بأنك على الحق ، وأعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فوالله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك وما تخلف رجل منا ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إننا لصُبرٌ على الحرب ، صُدقٌ عند اللقاء ، فامض لما أمرك الله ، فلعل الله عز وجل أن يريك منا ما تقربه عينك "
فسُر عليه الصلاة والسلام بمقولة سعد بن معاذ – كما أخرجها مسلم في صحيحه .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام – كما جاء عند البخاري والنسائي ومسند الإمام أحمد - وصححها ابن كثير رحمه الله :
قال عليه الصلاة والسلام :(( سيروا وأبشروا ، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فلكأني أنظر إلى مصارع القوم))
وكان عليه الصلاة والسلام قبل أن يلتقي الجيشان قال : (( هذا مصرع فلان -حدد بالاسم- هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ))
وهل صُرعوا في هذه الأماكن ؟
سيأتي الحديث عنه إن شاء الله لاحقا
فلما التقى الجيشان وزّعهم النبي عليه الصلاة والسلام ، ووزع أصحابه .
جاء في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ، قال :(( هذه مكة ، قد ألقت بأفلاذ كبدها إليكم ))
فهذا تأنيس منه عليه الصلاة والسلام لأن العاقبة المحمودة لهم فقال هذه المقولة .
فما كان من قريش إلا أن تنازعوا فيما بينهم ، فقام أحد زعمائهم ، وهو عتبة بن ربيعة فأراد أن يثني الجيش عن مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن بينهم أرحاما موصولة .
لكن أبا جهل خرج بأنفة ، قال تعالى : ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ))
هذه في سورة " الأنفال " يصور حقيقة أبي جهل ، ومن معه لما خرجوا يريدون أن يرهبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يبينوا للعرب أنهم على قوة .
فما كان من أبي جهل إلا أن اتَّهم عتبة بأنه جبان يخشى من القتل فأثنى أبو جهل عزيمة ورأي عتبة .
فلما جاء اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة يصور لنا علي رضي الله عنه ما جرى في تلك الليلة التي تعقب المعركة
فيقول رضي الله عنه : " فأنزل الله عز وجل مطرا ، وأنزل النعاس ، فما من رجل إلا وهو نائم إلا النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي إلى شجرة ويدعو ربه عز وجل قائلا : " اللهم إن تُهلِك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض "
والقرآن يصور لنا هذا الأمر :
قال عز وجل – كما في سورة الأنفال - : {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }
فلما طلع الفجر صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرضهم على القتال .
وما جاء في كتب السيرة من قصة الحباب بن المنذر وأنه أشار إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا المكان ليس مكانا للحرب إلا إن كان هناك وحي قد أوحاه الله عز وجل إليه ــــــــــــــ فهذه عند الحاكم ، وحكم عليها الذهبي بالنكارة وضعّف إسنادها ابن كثير رحمه الله بأنها منقطعة
الشاهد من هذا :
أنه لما جاء الصباح نظَّمهم النبي صلى الله عليه وسلم ووزعهم ، وهذا أسلوب جديد لم تعتد عليه العرب.
فبُني عريش للنبي عليه الصلاة والسلام بمشورة " سعد بن معاذ " لكي يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من إدارة الحرب ، هو في هذا المكان وهو مطمئن دون أن يناله سوء .
فكان النبي عليه الصلاة والسلام يهتف بربه حتى سقط رداؤه ، فأتى إليه أبو بكر من الخلف والتزمه ليهون على النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال :" كفاك مناشدتك لربك "
فقال عز وجل مصورا الحالة والحقيقة – كما في سورة الأنفال :
قال عز وجل :((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ))
فأغاثه الله عز وجل بالملائكة :{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ } ( يعني يتبع بعضهم بعضا )
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لما بُشر كما جاء في صحيح البخاري – خرج إلى ساحة القتال وهو يقرأ قول الله عز وجل : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }

دانة الكون
11-12-2013, 12:50 AM
بارك الله فيك

ثلجة وردية
23-12-2013, 01:46 PM
جزاگـ الله خير ..
وجعله في موازين حسناتـگ..
.. وردي وودي..
..