المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة التحريم


رضا البطاوى
08-11-2018, 05:39 PM
سورة التحريم
سميت بهذا الاسم لذكر فعل تحرم بقوله"لم تحرم ما أحل الله لك ".
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الرسول لماذا تمنع الذى أباح الرب لك تريد قبول نساءك والرب نافع مفيد ،يخاطب الله النبى (ص)فيسأله :لم تحرم ما أحل الله لك والمراد لماذا تمنع على نفسك الذى أباح الله لك تبتغى مرضاة أزواجك أى تريد بالتحريم قبول وهو رضا نساءك عنك؟والغرض من السؤال هو إخباره أن اسم الله الرحمن الرحيم أى حكم الرب النافع المفيد هو أن ألا يحرم على نفسه ما أباح الله له وهذا يعنى أنه حرم على نفسه شىء مباح له كان يفعله قبل التحريم بالقسم على التحريم ولم يحرمه على الناس وهو يدخل ضمن المختارات مثلما يحرم الفرد على نفسه طعام معين لا يذوقه لسبب ما ولكنه يعرف أن الله لم يحرمه عليه وهو مصدق بحكم الله ولكنه لا يذوقه لأنه وجد منه قديما ما لا يسره ويبين له أنه غفور رحيم أى نافع مفيد له إن كفر عن تحريمه للمباح له والخطاب للنبى(ص).
"قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم "المعنى قد أباح الرب لكم الخروج من حلفاناتكم والرب ناصركم وهو الخبير القاضى ،يبين الله للمؤمنين أنه فرض لهم تحلة أيمانهم والمراد بين لهم طريقة الخروج من أقسامهم وهى حلفاناتهم والمراد أن الله عرفهم كيفية التحلل من الحلف وهى الكفارة المذكورة فى سورة المائدة وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو الصيام فى حالة إنعدام المال والله مولاكم والمراد والرب ناصركم وهو العليم الحكيم والمراد وهو الخبير بكل شىء القاضى بالحق والخطاب للمؤمنين ومنهم النبى(ص).
"و إذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير "المعنى وقد همس الرسول (ص)لبعض نسائه بقول فلما أخبرت به وأوضحه الرب له علم بعضه وتولى عن بعض فلما أخبرها به قالت من أخبرك هذا قال أخبرنى العارف المحيط ،يبين الله لنا أن النبى وهو الرسول(ص)أسر إلى بعض أزواجه حديثا والمراد همس فى أذان بعض نسائه بقول سيتحقق فى المستقبل وأخفاه عن الآخريات فلما نبأت به أى فلما أخبرت بالقول وأظهره الله عليه والمراد وحققه الرب له عرف بعضه والمراد تذكر جزء من المحقق وأعرض عن بعض أى ونسى الجزء الأخر فلما نبأها به والمراد فلما أخبرها الرسول (ص)بما عرف قالت المرأة :من أنبأك هذا والمراد من أخبرك بالأمر؟فقال نبأنى العليم الخبير والمراد عرفنى العارف المحيط والخطاب للمؤمنين .
"إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير "المعنى إن تعودا لله فقد أنابت نفوسكما وإن تتفقا عليه فإن الرب هو ناصره وجبريل(ص)وكل المصدقين والملائكة مع ذلك ناصر له،يخاطب الله امرأتى النبى (ص)فيقول:إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما والمراد إن تعودا أى إن تستغفرا الله لذنبكما فقد أنابت أى خلصت نفوسكما لحكم الله وإن تظاهرا عليه والمراد وإن تتفقا على أذاه فإن الله هو مولاه أى ناصره على مكركما وجبريل(ص)وصالح المؤمنين أى وكل المصدقين بحكم الله والملائكة بعد ذلك ظهير والمراد والملائكة معهم ناصرة للنبى (ص)عليكما وهذا يعنى أن الكل سيجتمع على المرأتين لعقابهما على ذنبهما دنيا وآخرة والخطاب لزوجتى النبى(ص) وما بعده.
"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا "المعنى عسى خالقه إن سرحكن أن يعطيه نساء أفضل منكن مطيعات مصدقات خاشعات عائدات متبعات مطيعات ثيبات وعذارى ،يخاطب الله المرأتين فيقول :عسى ربه إن طلقكن والمراد عسى إلهه إن سرحكن أى انفصل عنكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن والمراد أن يزوجه نساء أفضل منكن مسلمات أى مطيعات مؤمنات أى مصدقات أى قانتات أى تائبات أى عابدات أى سائحات والمراد مطيعات مصدقات لحكم الله ثيبات أى سبق لهن الزواج سواء أرامل أو مطلقات وأبكارا أى عذارى لم يسبق لهن الزواج.
"يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "المعنى يا أيها الذين صدقوا امنعوا عن ذواتكم وأسركم جحيما طعامه الخلق أى النار يحرسها ملائكة فظاظ مؤلمين لا يخالفون الرب ما قال لهم أى يعملون الذى يقال لهم ،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة والمراد امنعوا عن ذواتكم وعائلاتكم سعيرا طعامه الكفار وفسر الله النار بأنها الحجارة أى السجن عليها والمراد يحرسها ملائكة غلاظ شداد والمراد ملائكة فظاظ أقوياء لا يعصون الله ما أمرهم والمراد لا يخالفون الرب الذى أخبرهم وفسرهم بأنهم يفعلون ما يؤمرون أى ينفذون ما يقول الله لهم والخطاب للمؤمنين .
"يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون "المعنى يا أيها الذين كذبوا حكم الله لا تبرروا الآن إنما تعاقبون بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله أنه يقول يوم القيامة على لسان الملائكة للذين كفروا:يا أيها الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لا تعتذروا اليوم أى لا تنطقوا الآن والمراد لا تقدموا تبريرات على كفركم إنما تجزون ما كنتم تعملون والمراد إنما تعذبون بالذى كنتم تعملون فى الدنيا من السيئات والخطاب للكفار
"يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شىء قدير"المعنى يا أيها الذين صدقوا أطيعوا الرب طاعة خالصة عسى إلهكم أن يغفر لكم ذنوبكم أى يسكنكم حدائق تتحرك من أسفلها العيون يوم لا يذل الرب الرسول (ص)والذين صدقوا به عملهم فى أيديهم أى بأيمانهم يقولون إلهنا أصلح لنا عملنا وارحمنا إنك لكل أمر فاعل ، يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكمه فيقول:توبوا إلى الله توبة نصوحا والمراد اتبعوا حكم الله اتباعا مخلصا أى أطيعوا حكم الرب طاعة حسنة عسى ربكم وهو خالقكم أن يكفر عنكم سيئاتكم والمراد يغفر لكم ذنوبكم أى يترك عقابكم على خطاياكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنكم حدائق تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه والمراد يوم لا يذل أى لا يهين الله الرسول(ص)والذين صدقوا برسالته ،نورهم يسعى بين أيديهم والمراد عملهم يكون فى أيديهم وهو كتبهم المنشرة وفسرها بأنها فى أيمانهم وهى أيديهم اليمنى مصداق لقوله بسورة الحاقة "فأما من أوتى كتابه بيمينه "وهم يقولون أى يدعون الله:ربنا أتمم لنا نورنا والمراد أصلح لنا عملنا واغفر لنا والمراد واعفو عنا أى ارحمنا بتركك عقاب ذنوبنا إنك على كل شىء قدير والمراد إنك لكل أمر تريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد "والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير"المعنى يا أيها الرسول قاتل المكذبين والمذبذبين واشدد عليهم ومقامهم النار وساء المقام،يخاطب الله النبى وهو الرسول(ص)فيقول :جاهد الكفار والمنافقين والمراد حارب المكذبين لحكم الله والمذبذبين بين الكفر والإسلام واغلظ عليهم أى اشدد عليهم والمراد لا ترحمهم فى القتال ومأواهم جهنم والمراد ومقامهم النار وبئس المصير أى وقبح أى وساء المقام مصداق لقوله بسورة الكهف"إنها ساءت مستقرا ومقاما ".
"ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين "المعنى قال الله عظة للذين كذبوا زوجة نوح(ص)وزوجة لوط(ص)كانتا تحت مملوكين من خلقنا مسلمين فكذبتاهما فلم يمنعا عنهما من الرب عذابا وقيل أقيما فى جهنم مع المقيمين ،يبين الله للنبى (ص)أن الله ضرب مثلا للذين كفروا والمراد قال الرب نصيحة للذين كذبوا بحكم الله هى امرأة وهى زوجة نوح(ص)وامرأة وهى زوجة لوط(ص)كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين والمراد كانتا فى عصمة رجلين من رجالنا محسنين فخانتاهما والمراد فكفرتا برسالتهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا والمراد فلم يمنعا عنهما من الرب عذابا وقيل ادخلا النار مع الداخلين والمراد اسكنا جهنم مع المعذبين ،وهذا يعنى تعريف الجميع أن قرابة الرسول (ص)لا تمنع عذاب الله عن قريبه الكافر حتى ولو كان زوجته والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين "المعنى وقال الرب عظة للذين صدقوا زوجة فرعون حين قالت إلهى جهز لى قصرا فى الحديقة وأنقذنى من فرعون وأذاه وأنقذنى من الناس الكافرين ومريم بنت عمران التى صانت عرضها فنفثنا فيها من رحمتنا وآمنت بأحكام خالقها أى صحفه وكانت من المطيعين ،يبين الله للنبى (ص)أنه ضرب للذين آمنوا مثلا والمراد قال للذين صدقوا بحكم الله نصيحة هى أن امرأة وهى زوجة فرعون قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة والمراد إلهى اجعل لى لديك قصرا فى الحديقة ونجنى من فرعون وعمله والمراد وأنقذنى من أذى فرعون أى ضرره ونجنى من القوم الظالمين والمراد وأنقذنى من أذى الناس الكافرين وهم قوم فرعون ومريم ابنة عمران(ص)التى أحصنت فرجها أى صانت عرضها والمراد حافظت على نفسها فنفخنا فيها من روحنا والمراد فوضعنا فى رحمها عيسى (ص)من رحمتنا بها وصدقت بكلمات ربها والمراد وآمنت بأحكام خالقها وفسرها بأنها كتبه أى صحفه المنزلة وكانت من القانتين وهم المطيعين لحكم الله