المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة الأنفال


رضا البطاوى
06-02-2019, 07:43 AM
سورة الأنفال وهى سورة التوبة
سميت السورة بهذا الاسم لورود ذكر الأنفال فيها مرتين فى بداية السورة "يسألونك عن الأنفال"وفى نفس الآية"إنما الأنفال لله والرسول"،وسميت التوبة لذكر التوبة كما فى قوله "أن الله هو يقبل التوبة"وهما سورة واحدة لأن كل السور تبدأ بالبسملة وتفسير القوم لعدم ذكر البسملة فيما يسمونه سورة التوبة منفصلة عن الأنفال هو تفسير واهى وهو أنها براءة أى تخلص من الكفار ومن ثم لم يحسن ذكر البسملة فيها ولو اعتبرنا هذا حجة لوجب حذف البسملة من كل السور التى ذكرت فيها البراءة وهى سور كثيرة ،زد على هذا أن البسملة معناها بحكم الله النافع المفيد ولو صدقنا التفسير الواهى لكان معناه أن البراءة من الكفار ليست من حكم الله وهو ما لا يقول به مسلم
"بسم الله الرحمن الرحيم يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين"المعنى بحكم الرب النافع المفيد يستفهمون منك عن الغنائم قل الغنائم لله والنبى(ص")فاتبعوا حكم الله أى أحسنوا ذات أنفسكم أى اتبعوا حكم الله ونبيه(ص)إن كنتم مصدقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن باسمه وهو حكمه وهو الله الرحمن الرحيم والمراد الرب النافع المفيد يفعل المسلمون التالى يسألونه عن الأنفال والمراد يستفهمون منه عن حكم الأسلاب وهى الأموال التى تؤخذ فى الحرب فيطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم الأنفال لله والرسول والمراد الأسلاب ملك لله والمراد ملك لمن حكمه الله بينكم وهو النبى(ص)وهذا يعنى أن أموال الحرب يتصرف فيها الرسول(ص)كيف أراد بوحى الله ويطلب من المسلمين أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله وفسر هذا بطلبه أن يصلحوا ذات بينهم والمراد أن يحسنوا إلى أنفسهم بطاعة حكم الله وفسر هذا بأن يطيعوا الله ورسوله (ص)والمراد أن يتبعوا ما أنزل الله على نبيه(ص)مصداق لقوله بسورة لقمان"اتبعوا ما أنزل الله"هذا الإتباع إن كانوا مؤمنين أى صادقين مصداق لقوله بسورة يونس "إن كنتم صادقين "والمراد عادلين فى قولكم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون"المعنى إنما المصدقون الذين إذا أطيع الله اطمأنت نفوسهم أى إذا أبلغت لهم أحكامه أدامتهم تصديقا أى على إلههم يعتمدون ،يبين الله لنا أن المؤمنون وهم المصدقون بحكم الله هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والمراد الذين إذا أتبع حكم الله اطمأنت نفوسهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"وفسر هذا بأنهم إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا والمراد الذين إذا أبلغت أحكام الله لهم أبقتهم على إسلامهم وهذا هو تفسير وجل القلوب أى اطمئنانها بالإسلام وقد فسرهما بأنهم على ربهم يتوكلون أى بطاعة إلههم يحتمون من عذابه والمراد أنهم لا يشركون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"والذين هم بربهم لا يشركون".
"الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم"المعنى الذين يطيعون الدين أى من الذى أوحينا لهم يعملون أولئك هم المصدقون عدلا لهم عطايا من خالقهم أى رحمة أى نعيم عظيم ،يبين الله لنا أن الذين يقيمون الصلاة أى الذين يطيعون الدين مصداق لقوله بسورة الشورى أن أقيموا الدين "وفسر هذا بأنهم مما رزقناهم ينفقون والمراد من الذى أنزل الله لهم يعملون مصداق لقوله بسورة الزمر"اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم"وهؤلاء هم المؤمنون حقا أى المصدقون عدلا يبين أن لهم درجات عند ربهم والمراد لهم جنات النعيم لدى ربهم مصداق لقوله بسورة لقمان"لهم جنات النعيم"وفسر هذا بأن لهم مغفرة أى رحمة وفسر هذا بأن لهم رزق كريم أى نعيم مقيم .
"كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك فى الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون"المعنى كما أطلعك إلهك من مسكنك للعدل وإن جمعا من المصدقين لباغضون،يناقشونك فى العدل بعد ما ظهر كأنما يدفعون إلى الوفاة وهم يرون،يبين الله لنبيه (ص)أن أخرجه ربه من بيته بالحق والمراد أطلعه خالقه من مسكنه للعدل وهو أمر الجهاد وفريق من المؤمنين كارهون والمراد وجماعة من المصدقين بالوحى باغضون ماقتون للجهاد وهو القتال وهم يجادلون النبى (ص)فى الحق والمراد وهم يحاجون الرسول(ص)فى القتال بعد ما تبين والمراد بعد ما ظهر لهم أمر الله وهذا يعنى أنهم يناقشونه فى عدم الخروج للقتال بعدما أمرهم الله به وهم يتكلمون كأنما يساقون إلى الموت والمراد كأنما يدفعون إلى الوفاة وهم ينظرون أى وهم يشهدون وهذا يعنى أنهم يظنون أن الخروج هو كى يذبحوا وهم يرون ذبح بعضهم البعض من العدو والخطاب للنبى(ص).
"إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين"المعنى إذ يخبركم الرب إحدى الحسنيين أنها لكم وتتمنون أن سوى ذات الضرر تصبح لكم ويحب الرب أن ينصر العدل بأحكامه ويعاقب كل المكذبين،يبين الله للمؤمنين أنه وعدهم أن إحدى الطائفتين والمراد أنه أخبرهم أن إحدى الحسنيين لهم مصداق لقوله بسورة التوبة "هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين"والأولى هى الانتصار بلا قتال والثانية الانتصار فى القتال مع وجود قتلى وجرحى وغنائم ويبين لهم أنهم يودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم والمراد أنهم يتمنون أن سوى صاحبة الضرر وهى الانتصار بلا قتال تحدث لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته والمراد ويحب الرب أن ينصر العدل وهو الإسلام بجنوده مصداق لقوله بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الدنيا "ويقطع دابر الكافرين والمراد ويعاقب جميع المكذبين بآيات الله مصداق لقوله بسورة الأعراف"وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا "والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون "المعنى لينصر الإسلام ويهزم الكفر ولو بغض الكافرون،يبين الله للمؤمنين أنه ينصرهم ويعاقب الكافرين ليحق الحق أى ليحكم أهل العدل بالعدل فى الدنيا ويبطل الباطل والمراد ويمحو الكفر مصداق لقوله بسورة الشورى "ويمح الله الباطل"وهذا يعنى أنه يهزم أهل الكفر ولو كره المجرمون والمراد ولو مقت أى ولو بغض الكافرون وهم المشركون مصداق لقوله بسورة التوبة "ولو كره المشركون " .
"إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممددكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم "المعنى وقت تستنجدون إلهكم فرد عليكم أنى مزودكم بألف من الملائكة منزلين وما أنزله الرب إلا نصرا ولتسكن نفوسكم وما القوة إلا من لدى الرب إن الرب قوى قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنهم استغاثوا ربهم والمراد استنجدوا خالقهم وهذا يعنى أنهم دعوا إلههم طالبين منه العون على الكفار فاستجاب لهم أى فرد عليهم فى الوحى قائلا :أنى ممددكم بألف من الملائكة مردفين أى أنى ناصركم بألف من الملائكة منزلين مصداق لقوله بسورة آل عمران"بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"،وما جعله الله إلا بشرى والمراد وما أنزل الله المدد إلا نصرا لكم على عدوكم ولتطمئن به قلوبكم والمراد ولتسكن بالمدد نفوسكم أى وكى لا تخاف صدوركم ،وما النصر إلا من عند الله والمراد وما القوة إلا من لدى الرب وهذا يعنى أن القوة التى تسبب تحكم المسلمين فى الكفار هى من جنود الله وهو العزيز الحكيم أى القوى القاضى بالحق .
"إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب رجس الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام "المعنى وقت يصيبكم النوم نعمة منه ويوحى لكم من الأعلى وحيا ليزكيكم به ويمحو عقاب الهوى وليطمئن به نفوسكم أى يسكن به الأفئدة ،يبين الله للمؤمنين:أن نصره لهم كان وقت يغشاهم النعاس أمنة منه والمراد وقت يصيبهم النوم رحمة من الله حتى يطمئنوا ولا يخافوا العدو ،وكان نصره لهم وقت ينزل عليهم من السماء ماء والمراد وقت يوحى لنبيهم (ص)من الأعلى وحيا والسبب أن يطهرهم به أن يزكيهم به والمراد أن يرحمهم بطاعة الوحى المنزل وفسر هذا بأن يذهب عنهم رجس الشيطان والمراد أن يزيل عنهم عذاب الهوى وهذا يعنى أن يبعد عنهم عقاب اتباع الشهوات مصداق لقوله بسورة الأحزاب"إنما يريد ليذهب عنكم الرجس"ويربط على قلوبكم أى ويثبت به النفوس مصداق لقوله بسورة النحل"نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت به الذين أمنوا"وفسر هذا بأن يثبت به الأقدام أى يطمئن به النفوس وهى القلوب "ولتطمئن به قلوبكم"كما قال بسورة الأنفال والخطاب للمؤمنين.
"إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين أمنوا سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان"المعنى وقت يلقى إلهك للملائكة أنى ناصركم فانصروا الذين صدقوا بحكمى سأرمى فى نفوس الذين كذبوا الخوف فارموا أعلى الرقاب وارموا منهم كل إصبع ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أوحى إلى الملائكة والمراد أنه ألقى أى قال للملائكة وهم المدد :أنى معكم والمراد أنى معينكم أى ناصركم فثبتوا الذين أمنوا أى فانصروا الذين صدقوا بحكمى وهذا يعنى أنه أمر المدد بنصر المؤمنين وأخبرهم أنه سيؤيدهم وهذا التأييد هو :سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب والمراد سأقذف فى نفوس الذين كذبوا حكمى الخوف من حرب المؤمنين وهو ما حدث فيما بعد وطلب الله من الملائكة والمؤمنين التالى :فاضربوا فوق الأعناق والمراد فارموا أعلى الرقاب مصداق لقوله بسورة محمد"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب"واضربوا منهم كل بنان والمراد واقذفوا أى وأصيبوا منهم كل إصبع ومعنى الضرب فى الدماغ وهو فوق العنق هو القتل ومعنى الضرب فى البنان هو الضرب فى الأيدى والأرجل للجرح والخروج من ميدان المعركة نهائيا لأن اليد ستعجز عن حمل السلاح والرجل ستعجز عن حمل الجسم مما يخرجهم من حساب المعركة والخطاب للنبى(ص).
"ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار"المعنى الضرب بأنهم خالفوا الرب ونبيه (ص)ومن يخالف الرب ونبيه (ص)فإن الرب عظيم العذاب،الهزيمة فاعرفوها وأن للمكذبين بحكمى عقاب الجحيم ،يبين الله للمؤمنين أن ذلك وهو الضرب وهو الذى نتج عنه هزيمة الكفار سببه أنهم شاقوا الله ورسوله (ص) والمراد أنهم عصوا حكم الله ونبيه (ص)ومن يشاقق الله ورسوله والمراد ومن يعصى حكم الله ونبيه(ص)مصداق لقوله بسورة الجن"ومن يعص الله ورسوله "فإن الله شديد العقاب والمراد "وأن الله شديد العذاب"كما قال بسورة البقرة والمراد فإن الرب عظيم العذاب للمشاقين وهو أن ذلكم وهو الهزيمة على الكفار أن يذوقوه والمراد أن يطعموه أى أن يعيشوا ذلها فى الدنيا وللكافرين عذاب النار والمراد وللمكذبين عقاب الجحيم فى الآخرة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير "المعنى يا أيها الذين صدقوا إذا قابلتم الذين كذبوا حكمى قتالا فلا تمكنوهم النصر ومن يمكنهم يومذاك النصر إلا هاربا من حرب أو مناصرا جماعة فقد عاد بلعنة من الله أى مقامه النار وساء القرار،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكمه فيقول :إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار والمراد إذا حاربتم الذين كذبوا حربا فلا تمكنوهم من النصر عليكم أى اثبتوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"إذا لقيتم فئة فاثبتوا "ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة والمراد ومن يمكنهم يومذاك هزيمته إلا هاربا من حرب أو مناصرا لجماعة الكفار وهذا يعنى أن من يترك حرب الكفار فى الميدان يكون إما هارب خوفا من الموت أو الجرح وإما مناصر للكفار خاذل للمؤمنين وتولية الأدبار ليس معناها أن يعطيهم المقاتل ظهره ويجرى لأن الحرب ليست كلها مواجهة وإنما التخطيط للحرب يستلزم أحيانا إعطاء العدو صورة مغايرة للحقيقة مثل الهرب من الميدان للإيقاع به فى كمائن يجرها إليه الهاربون حتى يمكنوا أصحابهم منهم ،ويبين الله لهم أن من يمكن العدو من هزيمة المؤمنين قد باء بغضب من الله أى عاد"بسخط من الله"كما قال بسورة آل عمران والمراد قد أصابه عقاب من الله وفسره بأنه مأواه جهنم وبئس المصير أى مقامه النار وساء المثوى وهو المقام مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين ".
"فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين "المعنى فقد ذبحتموهم أى الله ذبحهم وقد قذفت حين قذفت أى الرب قذف وليعطى المصدقين به عطاء عظيما إن الرب خبير محيط وأن الرب مضعف مكر المكذبين بحكمه،يبين الله للمؤمنين أنهم لم يقتلوهم أى أنهم قد ذبحوا الكفار وفسر هذا بلكن الله قتلهم أى إن الرب ذبح الكفار فقد حدث القتل من المؤمنين فى الوقت الذى شاءه الله مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" ،ويبين الله لنبيه (ص)أنه ما رمى إذ رمى والمراد أنه قد قذف بسلاحه الكفار وقت قذفه وفسر هذا بأن الله رمى والمراد بأن الله قذف أى شاء القذف فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله "،ويبين له أنه أن المؤمنين يبلون منه بلاء حسنا والمراد أن المؤمنين يأخذون من نصرهم على الكفار رزقا عظيما وهو الغنائم ،ويبين أنه سميع عليم أى خبير عارف بكل شىء وهو موهن كيد الكافرين والمراد وهو مضعف مكر المكذبين بحكمه أى مبور أى مخسر مكرهم مصداق لقوله بسورة فاطر"ومكر أولئك هو يبور "والخطاب فى أوله للمؤمنين حتى قتلهم وما بعده للنبى(ص).
"إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين "المعنى إن تحاربوا فقد أتتكم الهزيمة وإن تسالموا أفضل لكم وإن ترجعوا نرجع ولن تمنع عنكم جماعتكم عقابا ولو عظمت وإن الله ناصر المصدقين ،يخاطب الله الكفار فيقول :إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح والمراد إن تريدوا الحرب فقد أتتكم الهزيمة وهذا تحذير لهم من العودة لحرب المؤمنين حتى لا يكون مصيرهم الهزيمة كالمرة السابقة ،وإن تنتهوا فهو خير لكم والمراد وإن تتركوا حرب المؤمنين فهو أحسن لكم وهذا يعنى أن الكفار إن يدعوا الحرب فهو أفضل لكم ،وإن تعودوا نعد والمراد وإن ترجعوا لقتال المؤمنين نرجع لهزيمتكم ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا والمراد ولن تمنع عنكم جماعتكم عقابا أى هزيمة من الله ولو كثرت أى ولو عظم عددها وأن الله مع المؤمنين والمراد وأن الرب ناصر المصدقين به أى مدافع عنهم مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا " والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون "المعنى يا أيها الذين صدقوا اتبعوا حكم الرب ونبيه (ص)ولا تخالفوا حكمه وأنتم تعرفون عقابه أى لا تصبحوا كالذين قالوا عرفنا وهم لا يطيعون،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول :أطيعوا الله ورسوله (ص) أى اتبعوا حكم الرب ونبيه (ص)مصداق لقوله بسورة الزمر"واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم "ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون والمراد ولا تخالفوا حكم الله وأنتم تعرفون عقاب المخالف وفسر النهى بقوله ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون والمراد ولا تصبحوا كالذين قالوا علمنا وهم لا يطيعون أى يعصون مصداق لقوله بسورة النساء"ويقولون سمعنا وعصينا ".
"إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون "المعنى إن أسوأ الخلق لدى الرب الكفار الظلمة الذين لا يفهمون ولو عرف الرب فيهم إسلاما لهداهم و لو عرفهم لعصوا وهم مكذبون ،يبين الله للمؤمنين أن شر الدواب والمراد أن أسوأ البرية مصداق لقوله بسورة البينة "أولئك شر البرية "عند الله والمراد أن أسوأ الخلق فى حكم الله هم الصم البكم الذين لا يعقلون أى الكفار الظلمة الذين لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنفال"إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون"وبالطبع تفسير الصم البكم بأنهم الذين لا يسمعون ولا يتكلمون هو خبل لأنه لن يصفهم بهذا وهو لم يمنعهم السمع والكلام ومن ثم فلا تفسير لهم سوى الكفار ،ويبين لهم أنه لو علم فيهم خيرا والمراد لو عرف فى الكفار نفع لأسمعهم أى لهداهم الحق فأطاعوه ولكن لو أسمعهم أى ولو عرفهم الحق تكون النتيجة أن يتولوا وهم معرضون والمراد أن يخالفوا حكم الله وهم مكذبون به والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون " المعنى يا أيها الذين صدقوا الوحى أطيعوا الله ونبيه (ص)إذا ناداكم لما يسعدكم واعرفوا أن الرب يحجز بين الإنسان وعقله وأنه إليه تعودون ،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكمه فيقول :استجيبوا لله ورسوله (ص) أى "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"كما قال بسورة محمد والمراد اتبعوا حكم الله ونبيه (ص)إذا دعاكم لما يحييكم والمراد إذا ناداكم للذى يسعدكم وهو الجنة مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وإن الدار الآخرة لهى الحيوان"فالحياة وهى السعادة هى فى جنة الآخرة ،واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه والمراد واعرفوا أن الرب يباعد بين الإنسان وبصيرته وهذا يعنى أن يطبع الله على قلبه فلا يفقه الوحى مصداق لقوله بسورة التوبة "وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " وهذا يعنى أن الله يمنع المرء من الإسلام إذا كذب المرء بالإسلام أى إذا شاء المرء الكفر يشاءه الله مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"،ويبين لهم أنهم يحشرون إلى الله والمراد أنهم يرجعون إلى جزاء الله مصداق لقوله بسورة البقرة "ثم إليه ترجعون ".
"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب "المعنى وخافوا عقاب لا يمسن الذين كفروا منكم خصوصا واعرفوا أن الرب عظيم العذاب ،يطلب الله من المؤمنين التالى فيقول:اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة والمراد خافوا عذابا لا ينزلن بالذين خالفوا منكم خاصة وهذا معناه أن يخشوا عقاب الله الذى لا ينزل على الكفار وهم هنا المرتدين عن الإسلام فقط وإنما ينزل بمن رضا عن عملهم فتركهم دون أن يطبق عليهم حكم الله أيضا وهذا هو الركون للكفار وهو السكوت على عصيانهم لحكم الله بعد إعلانهم إسلامهم مصداق لقوله هود"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار "،واعلموا أن الله شديد العقاب والمراد واعرفوا أن الرب عظيم العذاب لمن خالفه مصداق لقوله بسورة البقرة "وأن الله شديد العذاب"والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للمؤمنين .
"واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فأواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون "المعنى واعلموا نعمته عليكم وقت أنتم قليل أذلاء فى البلاد تخشون أن يؤذيكم الكافرون فأسكنكم ونصركم بقوته وأعطاكم من النافعات لعلكم تطيعون ،يطلب الله من المؤمنين أن يذكروا والمراد أن يعرفوا نعمة الله عليهم مصداق لقوله بسورة المائدة "اذكروا نعمة الله عليكم" إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض والمراد وقت أنتم قليلو العدد مستذلون فى البلاد تخافون أن يتخطفكم الناس والمراد تخشون أن يؤذيكم الكفار فأواكم أى أسكنكم مكانا أمنا هو المدينة وأيدكم بنصره أى ونصركم بقوته ورزقكم من الطيبات والمراد وأعطاكم من النافعات وهى مباحات الرزق والسبب فى وجوب معرفة نعمة الله فى الإيواء والنصر والرزق هو لعلكم تشكرون أى "لعلكم تذكرون "كما قال بسورة النور والمراد لعلكم تطيعون حكم الله .
"يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا تخالفوا الرب ونبيه (ص)أى تخالفوا مواثيقكم وأنتم تعرفون العقاب واعرفوا إنما أملاككم وعيالكم بلاء وأن الرب لديه ثواب كبير ،يخاطب الله الذين أمنوا أى الذين صدقوا حكم الله فيقول:لا تخونوا الله والرسول أى لا تعصوا حكم الله ونبيه (ص)وفسره بقوله تخونوا أماناتكم أى لا تخالفوا مواثيقكم وهى عهودكم مع الله ورسوله (ص) وأنتم تعلمون والمراد وأنتم تعرفون عقاب المخالفين ،واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة والمراد واعرفوا أنما أملاككم وهى أمتعتكم وعيالكم بلاء والمراد اختبار فى الدنيا فلا تجعلوهم يكفروكم وأن الله عنده أجر عظيم والمراد واعرفوا أن الرب لديه فى الآخرة ثواب عظيم هو دار السلام مصداق لقوله بسورة الأنعام"لهم دار السلام عند ربهم ".
"يا أيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم "المعنى يا أيها الذين صدقوا إن تطيعوا الرب يعطى لكم حكما ويترك عقابكم على ذنوبكم أى يعفو عنكم والرب صاحب الرحمة الواسعة ،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا والمراد إن تتبعوا حكم الله يعطى لكم حكما أى سلطانا فى الدنيا وهو نصر الله مصداق لقوله بسورة محمد"إن تنصروا الله ينصركم "ويكفر عنكم سيئاتكم أى يتجاوز عن عقاب ذنوبكم مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ونتجاوز عن سيئاتهم "وفسر هذا بأنه يغفر لهم أى يعفو عنهم أى يرحمهم فى الآخرة والله ذو الفضل العظيم والمراد والرب صاحب الرحمة الواسعة مصداق لقوله بسورة الأنعام"وربكم ذو رحمة واسعة"
"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين "المعنى وحين يكيد لك الذين كذبوا ليحبسوك أو يذبحوك أو يطردوك ويكيدون ويكيد الرب وهو أفضل الكائدين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله مكروا به أى كادوا له والمراد دبروا له الخطط ليفعلوا به أحد الأمور التالية :يثبتوه والمراد يسجنوه أو يقتلوه أى يذبحوه أو يخرجوه أى يطردوه من البلد ،وهم يمكرون أى يكيدون أى يدبرون الخطط لذلك ويمكر الله والمراد ويوهن الله خططهم وهو خير الماكرين وهو أفضل المدبرين أى الموهنين لكيد الكافرين كما فى آية سابقة "وأن الله موهن كيد الكافرين "وهم المكذبين بحكمه والخطاب للنبى(ص) .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا قالوا قد علمنا لو نريد لقلنا شبه هذا إن هذا إلا تخاريف السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله والمراد أن الكفار إذا تبلغ لهم أحكام الرب قالوا :قد سمعنا أى عرفنا القرآن لو نشاء لقلنا مثل هذا والمراد لو نريد لقلنا شبه القرآن وهذا يعنى أنهم قادرون على الإتيان بشبيه القرآن ومع هذا لم يأتوا بشىء ،وقالوا إن هذا إلا أساطير الأولين والمراد أكاذيب السابقين وهذا يعنى أن محمد (ص))فى رأيهم هو جامع تخاريف الناس السابقين فى الحياة يقولها لهم والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم "المعنى وقد قالوا اللهم إن كان هذا هو العدل من لديك فأنزل علينا صخورا من السحاب أو جئنا بعقاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا :اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك والمراد اللهم إن كان القرآن هو الصدق من لديك فافعل بنا أحد أمرين :أمطر علينا حجارة من السماء أى أسقط علينا صخور من السحاب أو ائتنا بعذاب أليم أى جئنا بعقاب شديد والمراد أنزل بنا عقاب من نوع أخر غير الحجارة ،وهذا الطلب يدلنا على جنون القوم فهم يريدون التأكد من صحة الوحى بأمر سيضرهم ولا ينفعهم وهو العذاب وهم بذلك يقولون للرسول(ص)والمسلمين إننا كفار برسالتكم سواء عرفنا أن الوحى حق أو باطل .
"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "المعنى وما كان الرب ليعاقبهم وأنت معهم وما كان الرب معاقبهم وهم يتوبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله ما كان ليعذب الكفار وهو فيهم والمراد ما كان الله ليعاقب الكفار فى الدنيا والرسول (ص)يعيش معهم وهذا يعنى أن وجود النبى (ص)فى وسطهم يمنع هلاك الله عنهم وما كان معذبهم وهم يستغفرون والمراد وما كان الله معاقبهم وهم يطلبون العفو عن ذنوبهم منه وهذا يعنى أن الاستغفار يمنع هلاكهم أيضا .
"وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون "المعنى وما لهم ألا يعاقبهم الرب وهم يردون عن البيت الآمن وما كانوا أنصاره إن أنصاره إلا المطيعون ولكن أغلبهم لا يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار من أهل مكة ما لهم ألا يعذبهم الله والمراد ليس هناك ما يمنع أن يعاقبهم الرب ما داموا يصدون عن المسجد الحرام والمراد ما ظلوا يردون الناس عن زيارة البيت العتيق وما كانوا أولياءه والمراد وما كانوا أنصاره خاصة أن النبى (ص)خرج من وسطهم وأنهم لا يستغفرون ،وهذا يعنى أن أسباب عقاب الله للكفار هى صدهم المؤمنين عن الكعبة وأنهم ليسوا أنصار الله ،إن أولياؤه إلا المتقون والمراد إن أنصار الله هم المطيعون لحكمه ولكن أكثرهم لا يعلمون والمراد ولكن معظمهم لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون "أى لا يطيعون حكم الله .
"وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "المعنى وما كان دعاؤهم لدى البيت سوى بعدا أى قطعا فاعرفوا العقاب بالذى كنتم تكذبون،يبين الله لنبيه (ص)أن صلاة وهى دعاء الكفار عند البيت والمراد لدى الكعبة ليست سوى مكاء أى تصدية والمراد قطعا للصلات مع الله والمراد بعدا عن دين الله ويقول الله للكفار :فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون والمراد فادخلوا النار بالذى كنتم تعملون وهو الكفر مصداق لقوله بسورة السجدة "وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون "أى تكذبون دين الله والقول مكون من جزئين الأول آية محذوف بعضها فهى خطاب للنبى(ص) والثانى آية محذوف أولها وهى خطاب للكفار.
"إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون "المعنى إن الذين كذبوا الحق يصرفون أملاكهم ليردوا عن دين الله فسيصرفونها ثم تصبح خسارة ثم يهزمون والذين كذبوا إلى النار يدخلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا دين الله ينفقون أموالهم والمراد يصرفون أملاكهم والسبب ليصدوا عن سبيل الله والمراد ليردوا عن دين الله وهذا يعنى أنهم يعطونها فى وجوه الشر ليبعدوا الناس عن اتباع حكم الله وهم سينفقونها والمراد سيعطونها ثم تكون حسرة والمراد ثم تصبح خسارة أى ضياع لأموالهم ثم يغلبون والمراد ومع هذا الإنفاق يهزمون فى الحرب مع المسلمين مصداق لقوله بسورة القمر"سيهزم الجمع ويولون الدبر "والذين كفروا إلى جهنم يحشرون والمراد والذين كذبوا حكم الله إلى النار يدخلون مصداق لقوله بسورة الأعراف "قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار "والخطاب للنبى(ص).
"ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله فى جهنم أولئك هم الخاسرون "المعنى ليفرق الرب الكافر من المسلم ويجمع الضار بعضه مع بعض كله فيدخله إلى النار أولئك هم المعذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن السبب فى نزول الوحى هو أن يميز الخبيث من الطيب والمراد ليعلم الضار وهو الكافر من النافع وهو المسلم أى ليفرق من يتبع الرسول (ص)ممن ينقلب على عقبيه مصداق لقوله بسورة البقرة "لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه" ،ويجعل الخبيث بعضه مع بعض والمراد ويجمع الله الضار بعضه مع بعض فيركمه جميعا أى فيسوقه كله فيجعله فى جهنم أى فيدخله فى النار مصداق لقوله بسورة النساء"إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا "وأولئك وهم الكفار والمنافقين هم الخاسرون أى المعذبون فى النار والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين "المعنى قل للذين كذبوا إن يسلموا يعفو عنهم ما قد مضى وإن يرجعوا فقد حدث حكم السابقين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للذين كفروا وهم الذين كذبوا حكم الله:إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف والمراد إن تتركوا الكفر أى تسلموا يترك عقاب الذى قد مضى من الذنوب وهذا يعنى أنه لا يعاقبهم على جرائمهم أيام الكفر أى الإسلام يجب ما قبله ،وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين والمراد وإن يرجعوا للكفر فقد خلت عاقبة السابقين مصداق لقوله بسورة الحجر"وقد خلت سنة الأولين"والمراد فقد عرفت عقوبة الكفار السابقين .
"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير "المعنى وحاربوهم حتى لا تحدث ردة ويصبح الحكم جميعه لله فإن أسلموا فإن الرب بالذى يصنعون عليم ،يطلب الله من المؤمنين أن يقاتلوا والمراد أن يحاربوا الكفار والسبب حتى لا تكون فتنة والمراد حتى لا تحدث ردة عن دين الله ويكون الدين كله لله والمراد ويصبح الحكم جميعه لله وهذا يعنى أن يظهر الإسلام على الأديان كلها مصداق لقوله بسورة التوبة "ليظهره على الدين كله "،ويبين لهم أن الكفار إن انتهوا أى تركوا الكفر وأعلنوا الإسلام والمراد تابوا فالله بما يعملون بصير والمراد فالله بالذى يفعلون خبير مصداق لقوله بسورة النمل "إنه خبير بما تفعلون "ويحاسبهم عليه .
"وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير "المعنى وإن كفروا فاعرفوا أن الرب ناصركم حسن الناصر أى حسن المؤيد ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار إن يتولوا أى "فإن أعرضوا "كما قال بسورة الشورى والمراد فإن كفروا بحكم الله فاعلموا أن الله مولاكم والمراد فاعرفوا أن الرب ناصركم نعم المولى وفسره بأنه النصير أى المؤيد للمؤمنين مصداق لقوله بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"والخطاب وما قبله للمؤمنين وما بعده.
"واعلموا إنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم أمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير "المعنى واعرفوا إنما أخذتم من متاع فأن خمسه لله وللنبى (ص)ولأصحاب القرابة وفاقدى الأباء والمحتاجين وولد الطريق إن كنتم صدقتم بالرب وما أوحينا إلى مملوكنا يوم الفصل يوم تقابل الفريقان والرب لكل أمر يريده فاعل ،يطلب الله من المؤمنين أن يعلموا والمراد أن يعرفوا الحكم التالى :إنما غنمتم من شىء والمراد إن الذى حصلتم عليه من مال فى الحرب فأن خمسه لله والمراد للدعوة لدين الله و للرسول (ص) وذى القربى وهم زوجات النبى (ص)وبناته قبل زواجهن –ومكانه بعد موته الحاكم وزوجته وأولاده الإناث حتى الزواج والذكور حتى عملهم - واليتامى وهم فاقدى الآباء وهم صغار والمساكين وهم المحتاجين وابن السبيل وهم المسافر الذى ليس معه مال يكمل به طريق لأهله وأما الأربع أخماس فللمقاتلين والكل يوزع بالتساوى بين أصحابه وهذا الحكم يتم تنفيذه إن كنتم أمنتم بالله والمراد إن كنتم صدقتم بحكم الله وفسره بأنه ما أنزل على عبده يوم الفرقان والمراد الذى أوحى إلى مملوكه محمد(ص)يوم الفصل وهو يوم النصر يوم التقى الجمعان أى يوم تحارب الفريقان وهذا يعنى أن حكم الغنيمة نزل يوم بدر والله على كل شىء قدير والمراد والرب لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".
"إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم فى الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم"المعنى وقت أنتم بالجانب القريب وهم بالجانب البعيد والراكبين تحتكم ولو اتفقتم لتنازعتم فى الوقت ولكن ليفعل الرب حكما كان نافذا ليتوفى من توفى عن حجة ويعيش من عاش عن حجة وإن الرب لخبير محيط ،يبين الله للمؤمنين أنهم كانوا يوم بدر فى العدوة الدنيا والمراد فى الجانب القريب من ماء بدر والكفار فى العدوة القصوى وهى الجانب البعيد من ماء بدر والركب وهم من يركبون الدواب أو الآلات تحتكم أى فى أسفل الوادى تحت الفريقين ،ويبين لهم أنهم لو تواعدوا مع الكفار لاختلفوا والمراد لو اتفقوا مع الكفار لتنازعوا فى الميعاد وهو وقت الحرب ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا والمراد ولكن ليفعل الرب حكما كان مقدورا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان أمر الله قدرا مقدورا "والسبب ليهلك من هلك عن بينة والمراد ليتوفى من توفى عن حجة أى عن معرفة بحكم الله ويحيى من حى عن بينة والمراد ويعيش من عاش عن معرفة بحكم الله ويبين لهم أن الله سميع عليم أى أن الرب خبير محيط بكل شىء والخطاب للمؤمنين.
"إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور "المعنى وقت يشهدكهم الرب فى حلمك قليلا ولو أشهدكهم كثيرا لخبتم أى لاختلفتم فى الحكم ولكن الرب نفع إنه خبير بنية النفوس
،يبين الله لنبيه (ص)أنه أراه الكفار فى منامه قليلا والمراد صور له الكفار فى حلمه عددهم قليل وكذلك فعل مع المسلمين الأخرين ويبين لهم أنه لو أراهم الكفار كثيرا أى لو صور الكفار عددهم كبير فى الحلم لحدث التالى :فشلوا أى خابوا وفسر هذا بأنهم تنازعوا فى الأمر أى اختلفوا فى القرار وهو الحكم الذى يفعلوه مع الكفار وغالبا سيكون قرارهم الفرار ولكن الله سلم والمراد ولكن الرب نفع المسلمين بالحلم حيث منع اختلافهم ويبين لهم أنه عليم بذات الصدور والمراد أنه خبير بنية النفوس ويحاسب عليها والخطاب للنبى(ص) فى أوله وللمؤمنين فى أخره وما بعده .
"وإذ يريكهم إذا التقيتم فى أعينكم قليلا ويقللكم فى أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور "المعنى وقت يشهدكهم إذا تقابلتم فى أبصاركم قليلا وينقصكم فى أبصارهم ليفعل الرب حكما كان مقدورا وإلى الرب ترجع المخلوقات،يبين الله للمؤمنين أنه يريهم الكفار والمراد يشهدهم الكفار فى أعينهم وهى أبصارهم قليلا فى العدد إذا التقوا أى عندما تقابلوا فى الحرب وذلك حتى يتشجعوا على مهاجمتهم ويقللكم فى أعينهم والمراد وينقص عددكم فى أبصار الكفار حتى يستهينوا بكم ويستهتروا فى حربكم وهذا اللعب فى العيون هو من ضمن دفاع الله عن المؤمنين مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "والسبب فى فعل اللعب فى الأبصار هو أن يقضى الله أمرا كان مفعولا والمراد أن يحقق الرب حكما كان مقدورا من قبل وهو هزيمة الكافرين وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير المخلوقات مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور" وهذا يعنى أنهم يعودون إما للجنة وإما للنار .
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "المعنى يا أيها الذين صدقوا إذا قابلتم كفارا فانتصروا وأطيعوا الرب دوما لعلكم ترحمون ،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول :إذا لقيتم فئة فاثبتوا والمراد إذا حاربتم جماعة كافرة فاغلبوهم وهذا وجوب أن ينتصر المسلمون ولا يولوهم الأدبار مصداق لقوله بنفس السورة "إذا لقيتم الذين كفروا فلا تولوهم الأدبار "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون والمراد وأطيعوا حكم الله دوما لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ".
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين "المعنى واتبعوا الرب ونبيه (ص)ولا تتفرقوا فتخيبوا أى تزول قوتكم أى اتبعوا إن الرب ناصر المتبعين ،يطلب الله من المؤمنين أن يطيعوا الله ورسوله (ص)والمراد أن يتبعوا ما أنزل الله على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"وفسر هذا بألا يتنازعوا أى ألا يتفرقوا والمراد ألا يعصوا وحى الله والسبب أن نتيجة النزاع أن يفشلوا أى يخيبوا وفسره بأنه يذهب ريحهم والمراد تزول قوتهم لأن قوة المسلمين هى فى طاعتهم لحكم الله ويفسر طلبه بالطاعة بأن يصبروا أى يتبعوا حكم الله ويبين لهم أن الله مع الصابرين والمراد أن الرب ناصر المتبعين وهم المطيعين لحكمه أى المتقين مصداق لقوله بسورة التوبة "واعلموا أن الله مع المتقين "والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط "المعنى ولا تصبحوا كالذين طلعوا من بلادهم فخرا أى إرضاء للخلق ويردون عن دين الرب والرب بالذى يفعلون خبير ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس والمراد ألا يصبحوا شبه الذين طلعوا من بلادهم تفاخرا أى اغترارا بالكفر وإرضاء للخلق والمراد لينالوا إعجاب الآخرين وهم يصدون عن سبيل الله والمراد وهم يردون الناس وأنفسهم عن دين الله والله بما يعملون محيط والمراد والرب بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون"ويحاسبهم عليه .
"وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برىء منكم إنى أرى مالا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب "المعنى وقد حسن لهم الهوى أفعالهم وقال لا هازم لكم الآن من الخلق وإنى ناصر لكم فلما تقابلت الجماعتان ارتد إلى عادته وقال إنى معتزل لكم إنى أعلم الذى لا تعرفون إنى أخشى الرب والرب عظيم العذاب ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان زين للكفار أعمالهم والمراد أن هوى النفس وهو القرين أى الشهوة حسنت للكفار مكرهم مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا مكرهم"وقال لهم قبل الحرب :لا غالب لكم اليوم من الناس والمراد لا هازم لكم الآن من الخلق وإنى جار لكم والمراد وإنى ناصر أى معين لكم على هزيمة المسلمين وهذا يعنى أنه يعدهم بالنصر ،فلما تراءت الفئتان والمراد فلما تقاتل الجمعان نكص على عقبيه والمراد رجع القرين إلى عادته وهى خذلانه لأنصاره فقال إنى برىء منكم والمراد إنى معتزل لكم أى أنا عدو لكم إنى أرى ما لا ترون والمراد إنى أعرف الذى لا تعرفون إنى أخاف الله والمراد إنى أخشى عذاب الله والله شديد العقاب والمراد والرب عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة "وأن الله شديد العذاب "وهذا يعنى أنه يخذل أصحابه .
"إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم "المعنى وقت يزعم المذبذبون أى الذين فى نفوسهم علة:خدع هؤلاء إسلامهم ومن يحتمى بطاعة الله فإن الله ناصر قاضى،يبين الله للمؤمنين أن المنافقون وهم المذبذبون بين الإسلام والكفر وفسرهم بأنهم الذين فى قلوبهم مرض أى الذين فى نفوسهم علة النفاق قالوا:غر هؤلاء دينهم والمراد خدع هؤلاء إسلامهم وهذا يعنى أن الإسلام فى رأى المنافقين أغوى المسلمين بوعوده الكاذبة فى رأيهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب"وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "،ويبين لنا أن من يتوكل على الله والمراد أن من يحتمى بطاعة الله أى أن من يتق الله فإن الله عزيز حكيم والمراد فإن الرب ناصر له يحميه من الأذى قاضى له بالحق مصداق لقوله بسورة الطلاق "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" والخطاب للمؤمنين.
"ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد "المعنى ولو تشاهد وقت يميت الذين كذبوا الملائكة يعذبون أقبالهم وظهورهم واعرفوا عقاب النار ذلك بما عملت أنفسكم وأن الرب ليس بجائر على الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة والمراد أنه لو يشاهد وقت تنقل الملائكة الذين كذبوا حكم الله من الدنيا لحياة البرزخ لشاهد الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد يعذبون الكفار من مقدمات أجسامهم ومن خلفيات أجسامهم وهذا يعنى أنهم ينزل العذاب بكل منطقة فى جسمهم وتقول الملائكة لهم :ذوقوا عذاب الحريق أى اعلموا عقاب النار ذلك وهو العقاب بما قدمت أيديكم أى بما كفرت أى بما عملت أنفسكم مصداق لقوله بسورة البقرة "وما تقدموا لأنفسكم "وأن الله ليس بظلام للعبيد والمراد وأن الرب ليس بمنقص حق الخلق ،وهذا يعنى أنه لا يجور على حق أحد من عباده مهما قل أو كثر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم " المعنى كعادة قوم فرعون والذين سبقوهم كذبوا بأحكام الرب فأهلكهم الرب بسيئاتهم إن الرب قادر عظيم العذاب السبب أن الرب لم يك مبدلا منحة منحها لناس حتى يبدلوا الذى فى أنفسهم وأن الرب خبير محيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار فى عهده فعلوا كدأب آل فرعون والمراد فعلوا كفعل قوم فرعون والذين من قبلهم وهم الأقوام التى سبقتهم فى الحياة وهو أنهم كفروا بآيات الله أى كذبوا بأحكام الرب فكانت النتيجة أن أخذهم الله بذنوبهم أى أن أهلكهم الرب بسيئاتهم مصداق لقوله فى نفس السورة "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات الله فأهلكناهم بذنوبهم "وهى كفرهم والله قوى أى قادر على كل شىء شديد العقاب أى عظيم العذاب كما قال بسورة البقرة"وأن الله شديد العقاب "وذلك وهو السبب فى عقاب الكفار هو أن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والمراد أن الله لم يكن مزيل رحمة أعطاها لناس حتى يزيلوا الذى فى أنفسهم من خير وهذا يعنى أنه لا يغير رحمة المسلمين حتى يكفروا فيغير معاملتهم من الرحمة للضرر فهو يتعامل حسب قانون إن خيرا فخير وإن شرا فشر والله سميع عليم والمراد والله خبير محيط بكل شىء ويحاسب عليه .
"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين "المعنى كفعل قوم فرعون والذين سبقوهم كفروا بأحكام خالقهم فدمرناهم بسيئاتهم وأهلكنا قوم فرعون والجميع كانوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس فى عهده فعلوا كدأب أى كفعل آل وهم قوم فرعون والذين من قبلهم وهم الأقوام التى سبقتهم زمنيا فعلوا التالى كذبوا أى كفروا بآيات وهى أحكام الله فكانت النتيجة أن أهلكناهم بذنوبهم أى أن عذبناهم بسيئاتهم أى أخذناهم بكفرهم مصداق لقوله بنفس السورة "كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم"ومنهم آل وهم قوم فرعون أغرقناهم أى دمرناهم فى الماء وكل كانوا ظالمين والمراد وجميع الأقوام قبل آل فرعون كانوا مكذبين للرسل مصداق لقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب"والخطاب للنبى (ص) وما بعده وما بعده.
"إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون "المعنى إن أسوأ البرية لدى الرب الذين كذبوا فهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن شر الدواب عند الله والمراد أن أسوأ البرية فى كتاب الله الذين كفروا وهم الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة البينة "أولئك شر البرية" فهم لا يؤمنون أى فهم لا يصدقون أى فهم لا يعقلون مصداق لقوله بسورة الأنفال"إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ".
"الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم فى كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم فى الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون "المعنى الذين واثقت منهم يخالفون ميثاقهم فى كل مرة وهم لا يطيعون فإما تلقينهم فى القتال فأمسك بهم من وراءهم لعلهم يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن شر الدواب هم الذين عاهد منهم والمراد هم الذين واثق من الناس وهم ينقضون عهدهم فى كل مرة والمراد وهم يخالفون ميثاقهم فى كل مرة وهذا يعنى أنهم لا يتقون أى لا يطيعون أى لا ينفذون أحكام الميثاق ،ويبين له أنه إن يثقفنهم فى الحرب والمراد إن يلقاهم فى القتال عليه أن يشرد بهم من خلفهم والمراد عليه أن يمسكهم من وراءهم أى يربط أيديهم من الوراء أى يشد الوثاق والعبارة كناية عن الأسر مصداق لقوله بسورة محمد"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " والسبب لعلهم يذكرون والمراد لعلهم يتوبون عن كفرهم وهو نقضهم العهد.
"وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين"المعنى وإما يقعن من ناس نقض فهاجمهم على حق إن الرب لا يرحم الناقضين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا خاف من قوم خيانة والمراد أنه إذا وقع من ناس خداع أى إنه إذا عرف من ناس نقض للعهد فعليه أن ينبذ إليهم على سواء والمراد فعليه أن يهاجمهم على حق حتى يقضى على أذاهم والله لا يحب الخائنين والمراد والرب لا يرحم المعتدين مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله لا يحب المعتدين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون "المعنى ولا يظنن الذين كذبوا فازوا، إنهم لا يقهرون ،ينهى الله الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله وهم من يعملون السيئات ألا يحسبوا أن يسبقوا الله والمراد ألا يظنوا أن يقهروا أمر الله وهو العذاب مصداق لقوله بسورة العنكبوت"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا" وفسر هذا بأنهم لا يعجزون والمراد أنهم لا يقهرون وهذا يعنى أنهم لا ينتصرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا معناه أنهم لا يهربون من عقاب الله مهما فعلوا.
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "المعنى وجهزوا لهم ما قدرتم من عدة أى من وسائل القوة تخيفون به كاره الله وكارهكم وآخرين من غيرهم لا تعرفونهم الله يعرفهم وما تعملوا من عمل فى نصر الله يرد إليكم وأنتم لا تبخسون ،يطلب الله من المؤمنين أن يعدوا ما استطاعوا من قوة والمراد أن يجهزوا ما قدروا من سلاح وجند وغيره وفسر الله القوة بأنها من رباط الخيل أى من وسائل القوة وهذا يعنى وجوب إعداد كل شىء له علاقة بالقتال وسبب الإعداد:إرهاب أى إخافة عدو وهو كاره دين الله وفسره بأنه عدوهم أى كاره المسلمين الظاهر وآخرين من دونهم والمراد وآخرين من بعدهم أى من غيرهم لا يعلمهم المسلمون والمراد لا يعرف بهم المسلمون والله وحده يعلمهم أى يعرفهم ويبين لهم أنهم ما ينفقوا من شىء فى سبيل الله والمراد ما يعملوا من عمل خير فى نصر دين الله يوف إليهم أى يوجد أجره لهم عند الله مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"وأنتم لا تظلمون والمراد وأنتم لا تنقصون حقا من أجركم والخطاب للمؤمنين .
"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم "المعنى وإن مالوا إلى الأمان فمل له واحتمى بطاعة الرب إنه هو الخبير المحيط ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يجنح إلى السلم إذا جنحوا له والمراد أن يميل إلى الأمان إذا مال الكفار له وهذا يعنى حرمة طلب المسلمين للسلام أولا من العدو فالعدو هو الذى يجب أن يطلب السلام وهو ترك الحرب ،ويطلب منه أن يتوكل على الله والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الله من عذابه والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب للنبى(ص)وهو محذوف أول القول ومعناه إن قاتلك الكفار فقاتلهم.
"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم "المعنى وإن يحبوا أن يخونوك فإن كافيك الرب هو الذى ساعدك بقوته والمصدقين ووحد بين نفوسهم لو دفعت الذى فى الأرض كله ما وحدت بين نفوسهم ولكن الرب وحدهم إنه قوى قاض ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يريدوا أن يخدعوه والمراد إن يحبوا أن يخونوه مصداق لقوله بسورة الأنفال"وإن يريدوا خيانتك"فإن حسبك الله والمراد فإن حاميك من أذاهم هو الله وهو الذى أيدك بنصره والمراد هو الذى نصرك بجنده وبالمؤمنين أى بالمصدقين بحكمى وألف بين قلوبهم والمراد ووحد بين نفوس المؤمنين بطاعتهم حكم الله ،ويبين له أن لو أنفق ما فى الأرض جميعه ما ألف بين قلوبهم والمراد لو أعطى المؤمنين المال الذى فى الأرض كله ما وحد بين نفوسهم لأن المال لا يوحد الناس وإنما يوحدهم إيمانهم بشىء واحد والله عزيز حكيم أى قوى أى ناصر للمؤمنين قاضى بالحق والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"يا أيها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين "المعنى يا أيها الرسول كافيك الرب ومن أطاعك من المصدقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن حسبه الله أى أن كافيه هو الله مصداق لقوله بسورة الزمر"أليس الله بكاف عبده "والمراد أن ناصره هو الله ومن اتبعه من المؤمنين والمراد ومن جاهد من المصدقين بحكم الله .
"يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون "المعنى يا أيها الرسول حث المصدقين على الجهاد إن يكن منكم عشرون مطيعون يقهروا مائتين وإن يكن منكم مائة يقهروا ألفا من الذين كذبوا بأنهم ناس لا يفهمون ،يطلب الله من النبى (ص)أن يحرض المؤمنين على القتال والمراد أن يحض المصدقين بحكم الله على الخروج للجهاد ،ويبين للمؤمنين أنهم إن يكن منهم عشرون صابرون يغلبوا مائتين والمراد إنهم إن يوجد منهم عشرون مطيعون لله يقهروا مائتين من الكفار وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا والمراد وإن يوجد مائة منكم يقهروا ألفا من الذين كذبوا حكم الله وهذا يعنى أن الله يقول للمسلمين أن الواحد منهم يغلب عشرة كفار والسبب أن الكفار قوم لا يفقهون أى ناس لا يفهمون أى لا يؤمنون بحكم الله.
"الآن خفف عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين "المعنى الآن رفع عنكم وعرف أن فيكم وهنا فإن يكن منكم مائة مطيعة يقهروا مائتين وإن يكن منكم ألف يهزموا ألفين بأمر الرب والرب ناصر المطيعين له ،يبين الله للمؤمنين أن الآن وهو وقت نزول الآية خفف عنهم أى رفع عنهم حكم أن يقهر الواحد منهم عشرة كفار وعلم أن فيهم ضعفا والمراد وقد عرف الله أن فيهم وهنا ولذا وضع حكم أخر هو إن يكن منهم مائة صابرة يغلبوا مائتين والمراد إن يوجد منهم مائة مطيعة لله يقهروا مائتين من الكفار وإن يكن منهم ألف يغلبوا ألفين والمراد وإن يوجد منهم ألف مطيع لله يقهروا ألفين من الكفار وهذا يعنى أن المسلم يجب أن ينتصر على اثنين من الكفار فى حالة ضعفه وعشرة فى حالة قوته بإذن وهو أمر الله والله مع الصابرين والمراد والله ناصر المتقين مصداق لقوله بسورة البقرة"واعلموا أن الله مع المتقين "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم "المعنى ما كان لرسول أن يوجد له محبوسين حتى يتحكم فى البلاد تحبون متاع الأولى والرب يحب الجنة والرب ناصر قاضى لولا حكم من الرب مضى لأصابكم فى الذى فعلتم عقاب أليم ،يبين الله للمؤمنين أنه ليس لنبى أن يكون له أسرى والمراد ليس لرسول (ص)أن يوجد عنده محبوسين من حرب الكفار حتى يثخن فى الأرض والمراد حتى ينتصر فى البلاد وهذا يعنى أن يقتل الكفار ما دام فى ميدان المعركة لأن الأسر لا يكون إلا بعد الإثخان وهو النصر وهو هزيمة الكفار فبعدها يحق للمؤمنين شد الوثاق وهو مسك الأسرى ولا يفكون إلا بعد انتهاء الحرب مصداق لقوله بسورة محمد"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"،ويبين الله للمؤمنين أنهم يريدون عرض الدنيا أى يحبون متاع الأولى بسبب اطلاقهم سراح الأسرى مقابل الفدية قبل انتهاء الحرب والله يريد الآخرة والمراد والله يحب لهم الجنة وهو العزيز الحكيم أى الناصر القاضى بالحق ،ويبين لهم أن لولا كتاب من الله سبق والمراد بسبب حكم من الله نزل من قبل لمسهم فيما أخذوا عذاب عظيم والمراد لأصابهم فى الذى فعلوا عقاب أليم مصداق لقوله بسورة هود"ثم يمسهم منا عذاب أليم " والحكم الذى مضى هو أنه يغفر لمن يستغفر مصداق لقوله بسورة النساء"ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ".
"فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم "المعنى فأنفقوا من الذى أخذتم نافعا مفيدا وأطيعوا الرب إن الرب عفو نافع ،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما غنموا حلالا طيبا والمراد أن ينفقوا من أموال الحرب نافعا مباحا فى وجوه الخير ويطلب منهم أن يتقوا الله والمراد أن يطيعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن"أطيعوا الله "ويبين لهم أن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيعه والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها النبى قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم "المعنى يا أيها الرسول قل لمن فى قبضتكم من المحبوسين إن يعرف الرب فى نفوسكم إيمانا يعطكم أكثر من الذى غنم منكم ويرحمكم والرب نافع مفيد،يطلب الله من النبى (ص)أن يقول لمن فى أيديهم من الأسرى والمراد لمن فى حبسهم أى فى حوزتهم من المحبوسين فى الحرب :إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا والمراد إن يعرف الرب فى نفوسكم إيمانا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم والمراد يعطيكم مالا أكثر من الذى غنمه المجاهدون منكم فى الحرب ويغفر لكم أى "ويعفو عن السيئات"كما قال بسورة الشورى والمراد ويرحمكم والله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيع حكمه والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم "المعنى وإن يحبوا خداعك فقد كادوا الله من قبل فاحكم فيهم والرب خبير قاضى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأسرى إن يريدوا خيانته والمراد إن يحبوا خداعه ليحصلوا على منفعتهم فليس هذا بغريب لأنهم خانوا الله من قبل والمراد لأنهم كادوا أى كذبوا دين الله من قبل ويطلب منه أن يمكن منهم والمراد أن يحكم فيهم بحكم الله وهو القتل والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق .
"إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير"المعنى إن الذين صدقوا وانتقلوا وحاربوا بأملاكهم وذواتهم فى نصر الله والذين أسكنوا وأيدوا أولئك بعضهم أنصار بعض والذين صدقوا ولم ينتقلوا ما لكم من نصرهم من سلطان حتى ينتقلوا وإن طالبوكم بالتأييد فعليكم القتال إلا مع ناس بينكم وبينهم عهد والرب بالذى تفعلون خبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وهاجروا أى انتقلوا من مكة وغيرها للمدينة وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والمراد وحاربوا بأملاكهم وذواتهم فى سبيل الله والمراد لنصر حكم الله والذين أووا وهم الذين أسكنوا المهاجرين معهم ونصروا أى وأيدوا المهاجرين ودينهم أولئك وهو المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض والمراد بعضهم أنصار لبعض يدافعون عن بعضهم البعض ،وأما الذين أمنوا ولم يهاجروا والمراد وأما الذين صدقوا حكم الله ولم ينتقلوا للمدينة وهى دولة الإسلام ما لكم من ولايتهم من شىء والمراد ليس لكم من حكمهم من حكم وهذا يعنى أن الله لم يبيح للمؤمنين فى دولة المسلمين أن يكون لهم سلطة على المؤمنين فى دول الكفر حتى يهاجروا أى حتى ينتقلوا لدولة المسلمين فساعتها يكون لهم سلطة عليهم وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر والمراد وإن طالبوكم بالتأييد ليحافظوا على إسلامهم فعليكم التأييد وهو حرب من يريد إجبارهم على ترك دينهم ويستثنى من الحرب القوم الذى بينهم وبين المسلمين ميثاق والمراد الشعب الذى بينه وبين المسلمين عهد سلام والله بما تعملون بصير والمراد والرب بالذى تفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما تفعلون "ويحاسب عليه والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير "المعنى والذين كذبوا بعضهم أنصار بعض إلا تعملوه تكن ردة فى البلاد أى كفر عظيم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا وهم الذين ظلموا بعضهم أولياء أى أنصار بعض مصداق لقوله بسورة الجاثية "وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض"ويبين لهم فيقول:إلا تفعلوه والمراد إن لم تقاتلوا لنصر بعضكم يحدث التالى :تكن فتنة فى الأرض والمراد تحدث ردة عن الإسلام فى البلاد وفسرها بأنها فساد كبير والمراد كفر عظيم .
"والذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين أمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولياء بعض فى كتاب الله إن الله بكل شىء عليم "المعنى والذين صدقوا وانتقلوا وقاتلوا لنصر الرب والذين أسكنوا وأيدوا أولئك هم المصدقون عدلا لهم رحمة أى ثواب كبير والذين صدقوا من بعد وانتقلوا وقاتلوا معكم فأولئك من المؤمنين وأصحاب القرابة بعضهم أحق ببعض فى حكم الرب إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله وهاجروا أى وانتقلوا من بلدهم لدولة المسلمين وجاهدوا فى سبيل الله والمراد وحاربوا لنصر حكم الله والذين أووا أى أسكنوا المهاجرين معهم ونصروا أى وحاربوا معهم أولئك هم المؤمنون حقا والمراد أولئك هم المصدقون بحكم الله عدلا والذين أمنوا أى الذين صدقوا بحكم الله من بعد وهاجروا أى وانتقلوا لدولة الإسلام بعد المهاجرين الأوائل وجاهدوا أى وحاربوا الأعداء مع المهاجرين والأنصار فأولئك منكم والمراد فهم من المؤمنين حقا ،ويبين لهم أن أولوا الأرحام وهم أصحاب القرابة أولياء بعض والمراد أحق ببعض فى المال ورثا وإنفاقا عليهم ووصاية فى كتاب وهو حكم الله وهذا يعنى أن الأقارب يرثون بعضهم وينفقون على بعض ويقومون على مال صغارهم ومجانينهم والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر محيط أى خبير مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين