المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشعب الامريكي الوحيد الذي قفز من مرحل التخلف الى مرحلة الانحطاط


احسـ العالم ـاس
01-08-2003, 07:54 PM
يقول المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي «ان الشعب الامريكي يكاد يكون الشعب الوحيد الذي قفز من مرحل التخلف الى مرحلة الانحطاط دون ان يمر بمرحلة الحضارة».

ان قصة الولايات المتحدة الامريكية مع العنف والارهاب ليست قصة جديدة، انها متأصلة في "الانسان الامريكي" معشعشة في المجتمع الامريكي السياسي والاقتصادي والفكري. فمنذ قدوم اول المغامرين الى هذه الارض للبحث عن الذهب بدأ الارهاب الداخلي في امريكا بالنمو، حتى اصبح ظاهرة طبيعية مألوفة.

واذا كان الارهاب قد تأصل داخل المجتمع الامريكي على مر السنين، فان الولايات المتحدة لم تجد غضاضة في تصديره الى خارج حدودها. فمنذ اواخر القرن التاسع عشر بدأت الافكار الاستعمارية تنتشر في الولايات المتحدة، وبدأت تمارس سياسة القوة العسكرية خارج حدودها مستخدمة جميع وسائل العنف والارهاب والقتل والتدمير لاخضاع الشعوب والسيطرة عليها. وبدأ الارهاب الامريكي يتبع علم الولايات المتحدة في الخارج، مما حدا بالكاتب الامريكي مارك توين الى ان يقترح على الرئيس الامريكي ماك كينلي استبدال القماش الاسود بالقماش الابيض الذي يفصل منه العلم الامريكي ووضع جمجمة الموت مكان النجوم التي "تزين" هذا العلم.

وهاهو القرن العشرون يمضي ويبدأ قرن جديد وكم يبدو كلام الكاتب الامريكي الساخر مارك توين واقعياً وصالحاً للتطبيق الان. فالعلم الامريكي لا يخجل من بياضه وهو يسوّد مساحات واسعة من الكرة الارضية والنجوم التي "تزينه" لا تجد بأساً من الارتفاع فوق ملايين الجماجم في العالــم.

انه الارهاب المتواصل الذي يتخطى نطاق ردود الفعل العنيفة للافراد والمجموعات ليتشكل في هرم رسمي متكامل يجد اقصى تعبير عنه في السياسة الامريكية.

ان البحث في مسألة ارهاب الدولة الامريكية على الصعيد العالمي يفرض التعرض لمسألتين اثنتيــن:

الاولى، ماذا نعني بالارهاب عندما يتعلق الامر بسياسة دولة عظمى؟

و الثانية, على اي اساس نظري يمكن تعريف عمل ما بالارهاب؟

اذا اعتمدنا في تعريف الارهاب على القوانين والارعاف الدولية السائدة فاننا نرى ان تلك التشريعات والقوانين انما اتت حصيلة لموازين القوى الدولية في ازمنة معينة لذا نراها تبلور علاقات او معادلات القوي على الضعيف والغالب على المغلوب. وعليه فان جزءا مهما منها يسوغ ارهاب القوى الاستعمارية الكبرى ضد شعوب ودول ضعيفة بتعليلات حقوقية وقانونية مختلفة.

من جهة اخرى، يصعب تحديد الطابع الارهابي العلني للسياسة الامريكية الا في زمن الحروب التي تشنها هذه الدولة ضد دول وشعوب اخرى، وبالتالي وباستثناء هذا الجانب يجري طمس الطابع الارهابي للسياسة نفسها في فترات السلم والذي غالباً ما يرتدي اشكالاً اقتصادية وسياسية وعسكرية مختلفة.

فهل نحدد العمل الارهابي للدولة الامريكية انطلاقاً من اهدافه فيكون هدفه هو فرض سلطة الرعب وتضم كل اشكال العنف والممارس ضد الشعوب والدول من اجل تحقيق السيطرة عن طريق الخوف.. اما اشكال الارهاب الامريكي فنقول: اذا كان الشكل العسكري هو اكثر تلك الاشكال وضوحاً وتمييزاً بذريعة ان الدولة الامريكية قد كونت فرقا عسكرية خاصة للتدخل في اي مكان تعد ان مصالحها فيه مهددة ؟ فان هذا ليس الشكل الوحيد، اذ توجد اشكال اخرى مثل الارهاب السياسي الذي يمارس ضد شعوب البلدان المغلوب على امرها من بقل الانظمة الموالية لامريكا، او الارهاب التخريبي والممارس ضد دول مستقلة معارضة لامريكا، والارهاب الاقتصادي الممارس عن طريق الاستغلال الاقتصادي للاحتكارات الامريكية والذي تطبق فيه سياسة المقاطعة والحصار والتلويح باستخدام القوة العسكرية لدفع دول عالم الجنوب باتجاه تجميد اسعار منتجاتها الوطنية. والعمل على تشكيل تكتل دولي لمحاربة بلد ما على غرار ما فعلته ضد العراق وافغانستان وغيرهما.. او التحكم بالمؤسسات النقدية الدولية واستخدامها لحرمان الدول النامية من الاستفادة من حق الاقتراض لتمويل برامجها الانمائية اذا لم تخضع للشروط الاقتصادية والسياسية التي تضعها الدول الرأسمالية الكبرى. وهناك الارهاب الفكري والاعلامي الممارس من اجل غسل ادمغة البشر وممارسة الاعلام المشوه وبصورة خاصة تكوين علب التفكير المرتبطة عضوياً بامريكا والتي تمثل قاعدتها السياسية في البلدان الموالية لها حيث تنتج قوالب نظرية جاهزة.

ان ازدواجية المعايير الانتقائية الاميركية قد فاقت كل الحدود. فاميركا في تحديدها لمعاني الارهاب تتجاهل علناً النماذج التالية وهي نماذج تعبر عن الارهاب بابشع صورة وهي من صنع اميركي ومنهــا:

- ضرب ملجأ العامرية في بغداد بصاروخين متتاليين مما ادى الى حرق وقتل المئات من العراقيين وسط تباهي اميركي بدقة وتقدم التكنولوجيا الاميركية.

- قتل اكثر من مليون ونصف المليون مواطن عراقي بسبب حصار اقتصادي شامل فرضته الادارة الاميركية تحت ستار الامم المتحدة ولاكثر من عشرة اعوام والذي منع العراق لفترات طويلة من استعمال موارده للحصول على الغذاء والدواء والمصانع التي تنتج مطهرات مياه الشرب، ثم منع استيراد هذه المواد (مثل الكلور وغيرها) ومن ثم تلويث مياه الشرب الذي هو عامل اساس لموت اكثر من نصف مليون طفل عراقي حسب الدراسات الميدانية للامم المتحدة.

- تدمير فيتنام واستعمال النابالم الحارق والمبيدات السامة.

- تدمير يوفسلافيا وتفكيك انموذج التعايش بين مجموعات اثنية مختلفة واستخدام «13»طن من سلاح اليورانيوم والذي تسبب الاشعاع المنبعث منه في وفيات عديدة وامراض سرطانية.

- استعمال هذا السلاح المشع نفسه ضد العراق «300 طن في الاقل» ما ادى الى تشوهات خلقية عديدة وانتشار امراض سرطانية وتدمير البيئة في العراق.

- واخيراً وليس آخراً، التحالف الاستراتيجي مع كيان عنصري استعماري ارهابي هو الكيان الصهيوني الذي يستنزف الامة العربية باكملها والذي قتل عشرات الالوف من الشعب العربي وقام بسلسلة مستمرة من المذابح الفظيعة من دير ياسين الى كفر قاسم الى صبرا وشاتيلا وقانا.. وما يفعلونه الان ضد الشعب الفلسطيني في محاولة لابادتهم وقمع انتفاضتهم الباسلة.

ان كل هذه الامثلة تشير الى الطبيعة العداونية للادارات الاميركية المتعاقبة تجاه العديد من الشعوب. ولما كان من الامور الثابتة ارتكاز السياسة الاميركية منذ القدم على استراتيجية استعمارية تهدف الى الهيمنة والتسلط على مقدرات الدول الاخرى، فان الاستعمار الجديد هو الوسيلة الاساسية من اجل خدمة تلك الاستراتيجية كما مثل الارهاب شكلاً اساسياً تلك الوسيلة بوصفه مجموعة من الاجراءات المتخذة من اجل توفير الضمانات والشروط الكافية لخدمة المصالح الاميركية وتثبيتها والحفاظ عليهــا.


**************************


تعليق :

هذا المقال كتب منذ اكثر من عام, اثناء التحضير للغزو العسكري للعراق, لذا اعتقد انه من الضروري اضافة هذا الغزو و الاحتلال الى قائمة الاعمال الارهابية للولايات الامريكية المتحدة, هذا لاحتلال الذي يعتبر عودة الى اساليب الاستعمار القديم, بعد ان اعتقد الجميع انه قد انتهى بانتهاء و انحسار الامبراطورية البريطانية العظمى و الاستعمار الفرنسي و الايطالي وغيرهم!

و لكن اعتقد جازما ان الزمان قد تغير, مع ان بعض الوجوه ما زالت موجودة في الساحة العربية, تلك الوجوه التي كانت (و ما زالت) تروج للاحتلال و الاستعمار تحت حجج واهية من التحضر و الحفاظ على الموارد الطبيعية من استغلال الطبقة الحاكمة (شعارات نابليون عندما قام بغزو مصر, شعارات الغزو البريطاني للعراق بعد الحرب العالمية الاولى و غيرها الكثير), و هاهي تعود الينا اليوم بنفس التعبيرات و الحجج و كأن العرب متخلفين لدرجة لا يمكنهم بها ادارة امورهم بدون الوصاية الخارجية.

و في كل غزو و احتلال كانت قوات الاحتلال تقوم بتعيين حكومة تابعة لها من اهل البلد لادارة الامور شكليا امام الشعب كما في العراق و مصر ابان الاحتلال البريطاني, حتى قيام الثورة ضد الاحتلال و جلائه عن البلاد شكليا و بقائه عمليا عن طريق عملائه الذين قام بزرعهم داخل المجتمع من اجل الترويج لثقافة الاحتلال و ربط المجتمع اقتصاديا مع قوة الاحتلال!

و هاهو التاريخ يعيد نفسه في العراق بعد تعيين حكومة "فيشي" عراقية, و لا اعتقد ان الامر في فلسطين المحتلة مختلف عنه في العراق!

و اخر ما اخترعته السياسات الاستعمارية هو ثقافة القتل من اجل الديمقراطية او ما يسمى بالاحتلال الرحيم الذي يقوم بقتل كل من يقاوم الاحتلال بدعوى مناهضته للديمقراطية التي يريدون فرضها بطرق ارهابية و عن طريق الحكم العسكري الاستبدادي و فرض ثقافة مغايرة تماما لثقافة البلد الخاضع للاحتلال (العراق و فلسطين)!

فهل تصدق المقولة الصهيونيه : ان العرب لا يقرؤون, و ان قرؤوا فلا يفهمون, و ان فهموا فلا يتذكرون!


مع فائق احترامي و تقديري للجميع

ابوسعود
01-08-2003, 10:40 PM
يعطيك العافية ..... شرح كافي