المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وثالثهم طفلهم في بيت الموصل...!


احسـ العالم ـاس
07-08-2003, 05:35 AM
وثالثهم طفلهم في بيت الموصل...!


أن تتكىء بفمك على فوهة سلاحك الشخصي...

أجمل ألف مرة, من أن تتكىء على نعلي جيش الإحتلال, وتعيش!




... يصعدون إلى موتهم, باسمين!

كان اللباس عربياً, حتى اللحظة الأخيرة, والأصابع معقوفة على الزناد الحميم, والبال محتشدٌ بالسؤال: »إني لأعجب كيف يخون الخائنون«?!

كانوا ثلاثة ربما ورابعهم طفلهم, ... لم يكن البيت آمناً, لكن السقف يُطلُّ على سماء »العراق« ليسألها الابناء الصفح قبل أن يدخلوها...

***

من »مخيم جنين« إلى »بيت الموصل« كان العرب يقابلون الحادثتين بأفواهٍ فاغرةٍ عن آخرها, .. فثقافة »الصمود« حالة تثير الدهشة, والعصبية, وتضع الآخرين في خانة المقارنة المعيبة, تحديداً إذا ما داهمتنا في حالة البحث المحموم عن »السوبر ستار«!!

***

أي سطوةٍ للخلاعة والدعارة.. تحدث الآن?!

شعوب ومؤسسات من كذا دولة تستنفر جهدها ووقتها ومالها لإنجاح مراهق أو مراهقة في الغناء, وفي إثبات أنه الاكثر »بسالةً« في الصمود حتى آخر السباق!

وحين يفاجىء شاب مسكين مذيعة البرنامج بالحديث عن الاغاني الوطنية, تصفعه بالقول »هذا موديل قديم« من الاغاني... »كان على أيام جدودنا«!

و.. تحتفل البلاد التي يقترب »نجومها« من التصفيات, وتبدو كأنما تُهيىء نفسها لإطلاق قمرٍ فضائي في مداره, أو كأنها ستهدي للأمة قائداً وفاتحاً عظيماً!

أي خلاعةٍ تمارس بوقاحةٍ على مستوى الأمة?!

مراهقون ومراهقات يرقصون على ضفاف نشرات الاخبار المثقلة بالاحتلالات والشهداء, وكلما سقط منهم واحد في التصفيات بكت عليه الأمة كما لم تبكِ سقوط بغداد!

***

... ستعيد »الفضائيات« ألف مرة, صورة قُصّي, وهو يدرب أبناءه على الرماية, وصورة صدام يحتفل مع عائلته بحفل فقير, وكعكة فقيرة, لا يرضى بهما عامل بسيط من الطبقة المتوسطة!

لن تجد »الفضائيات« صورة أخرى تبثها, لأن العائلة المتهمة بالتبذير وبالبذخ ليست لها قصور في »ماربيا« ولم يلعب ابناؤها »القمار« في لندن و»لاس فيغاس«, ولم يهجروا بلادهم للسكنى في »الرييرا« ... ولم يحتفلوا كما فعل أمير خليجي »العام قبل الماضي« حين أنفق بضعة ملايين على زواج قط وقطة!

»الفضائية« التي تبث هذه الصور من باب الاكتشاف المثير لا تعرف أن تعليم الرماية للابناء وصية نبوية شريفة!

ولم تذكر ان »صدام حسين« سجن ابنه حين قتل خادمه, ولم تقل أنه انفق الملايين على بناء جيش قوي للأمتين المشغولتين بزواج القطط وحفلات القمار, ولم تذكر شيئاً عن الحرب التي خاضها »صدام« حماية للخليج كله... لكي يظل عربياً!

***

رغم أن »الفضائيات« تستطيع أن تبث من أرشيفها مئات الأفلام لقصور خيالية في الجزيرة, ولما هو خيالي اكثر ألف مرة, مما يحدث فيها, ... وهي ستفعل ذلك بالتأكيد حين تقرر أميركا »تحرير« تلك البلاد!

وسنكتشف كم هو فقير »صدام حسين«, وغرف نومه التي يحفل »شارع المصدار« بألف غرفة نومٍ للبيع أفضل منها...

ثم نتذكر أنه في العاشر من نيسان, حين عرضت »الفضائيات« صوراً لبيته قالت بلهجة المنتصر أنه كان يستخدم معجون »كولجيت« للأسنان!! وهو المعجون الذي يستطيع شراءه أي راعي أغنام!

لكن »الفضائيات« ذاتها لم تبث عشية استشهاد »عدي وقصي« صورة السفير الأميركي يرقص في حفل صاخب في احدى دول الخليج محاطاً بالدشاديش الناصعة العروبة والبياض!

ولم تركز »الفضائيات« صورها على إصبع عُدّي وهي تبث صور الجثتين, حين كان معقوفاً بوضعية الضاغط على الزناد, وهي صورة لم يشهدها التاريخ العربي الحديث قبل ذلك!

لم تقل أن الرجلين قاوما سلاح الجو الأميركي لعدة ساعات, وأن المدفعية الثقيلة قصفت طفلاً صغيراً, وأن الشهداء الأربعة قاوموا اكثر وأطول مما فعلت دول عربية في حروب سابقة!!

ولم تقل »الفضائيات« لماذا يتحرك جيش الدولة العظمى لمحاصرة شابّين أحدهما لا يقوى على المشي, وطفل صغير, بكتيبة من الجنود والصواريخ, ولا يقتادهما للمحكمة التي سيشكلهما »الشعب العراقي المحرر«?!

لم يقل لنا أحد أين »جامعة الدول العربية«, وما رأيها فيما يحدث, وبأي حق يقرر ذئاب بربطات عنق, غزو ارضنا وقتل أبنائنا, ويقرر »رامسفيلد« ان عرض صور الجثث ليس مألوفاً في بلاده, ويثير المشاعر, لكنه »في الوطن العربي لا توجد مشكلة على الاطلاق في عرض صور مريعة لآدميين على التلفزيون...« ويضيف »ان المعايير تتفاوت من منطقةٍ لأخرى«!!

نعم يا سيدي الجنرال, فنحن لا بواكي لنا, ولن يطالب بجثثنا أحد..., بل إن مذيعي فضائياتنا العربية ينفخون أوداجهم, ويبتسمون وهم يعرضون لنا جثثنا... كأن اتساع الابتسامة دليل ولاء لسيد الكون »بوش« عليه السلام!!

***

.. حتى وزراء الخارجية العرب لم يثرهم غياب زميلهم العراقي, ولم يعلق أحدهم حين قالت »الانباء« الاسبوع الماضي ان »طارق عزيز« في المعتقل يخضع لأشغال شاقة, ويحمل فأسا لحفر »المراحيض«, ويعاني من الجوع وتقوس الظهر!

لم يقطع أحدهم ضحكته, .. ولم يخفض بعضهم الأضواء في حفله, وصارت العروبة رداء نتن الرائحة نتخلص منه بأمهر الطرق!

***

أي رّبٍ هي أميركا حتى نبقى راكعين بكل هذا الذل وكل هذا الصَغار?

أي استخذاءٍ يجعل ضحكاتنا تزداد اتساعاً كلما ازداد ضغط البسطار على رقابنا?

***

هل قَدّته من دُبرٍ قوات الاحتلال?!

أم قدّته من قُبُلٍ قبضات الخونة?!

فهذا الذي قُدَّ من كل الجهات; يبقى عراقنا على أية حال!




رسم متخيل للرئيس صدام حسين حالياً